المحلية

الجهني في خطبة الجمعة: المؤمن بشير في مواقف الأسى يسري عن الناس أحزانهم ، بما يدخل البهجة إلى قلوبهم

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالله بن عواد الجهني المسلمين بتقوى الله في السر والعلن.
وقال فضيلته : لقد كانت مـهـمـة الـرسـل لا تعدو هـذيـن الـوصـفين ( وما نرسل المرسلين الا مبشرين ومنذرين ) وقـد أمـر الله سبحانه في كتابه بتبشير المؤمنين والصابرين والمحسنين والمخبتين في آيات كثيرة، وكان من أساليب تبشير رسول الله ﷺ أنه يختار الوقت المناسب والقدر المناسب لأداء الموعظة والعلم كي لا ينفّر الصحابة ، وفي ذلك يقول ﷺ لأبي موسى الأشعري ومعاذ رضي الله عنهما حين بعثهما إلى اليمن : “يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا وتطاوعا ولا تختلفا “رواه البخاري وعلق عليه الحافظ ابن حجر رحمه الله بقوله : ( المراد تأليف من قرب إسلامه ، وترك التشديد عليه في الابتداء ، وكذلك الزجر عن المعاصي ينبغي أن يكون بتلطف ليقبل ، وكذا تعليم العلم ينبغي أن يكون بالتدريج ؛ لأن الشيء إذا كان في ابتدائه سهلًا حبب إلى من يدخل فيه ، وتلقاه بانبساط ، وكانت عاقبته غالبًا الازدياد ) ، مبيناً فضيلته أن منهج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً دائماً ، ومن هديه عليه الصلاة والسلام أنه كان يثني على من ظهر منه ما يستحق الثناء ويبشره بالخير والرفعة فيكون ذلك دافعًا له ولغيره إلى طاعة الله تعالى ، لذا لزم على المسلم الحرص على التبشير بالخير دائمًا والتهنئة به .
وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام أن من الأمور المهمة التي تحرص التربية الإسلامية على غرسها في نفوس المتربين التربية على التبشير بالخير والتهنئة لما تتركه من أثر طيب ،
ومن تحفيز على العمل ، والاجتهاد في الطاعة ومن ذلك استعماله ﷺ أساليب التبشير في إيقاظ الهمم والتنشيط للطـاعـة ، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا : بـشـر المشـائين في الظلم إلى المساجد بالنور الـتـام يـوم الـقـيـامـة ، مشيرًا إلى أن المؤمن مـحـتـاج في حـال الـبـلاء إلى مـن يـكـشـف هـمه، ويـبـشـره بما يـسـره، إما بفـرج عـاجـل ، أو بـأجـر آجـل ، ولـقـد وجـد رسول الله ﷺ أم الـعـلاء رضي الله عنها مـريـضـة فـقـال لها: أبشـري يا أم العـلاء ، فـإن مـرض المسـلم يذهب خطاياه ، كـمـا تُذهب النار خبث الحديد .
وأكد الدكتور الجهني على أن المؤمن بشير في مواقف الأسى يسري عن الناس أحزانهم ، بما يدخل البهجة إلى قلوبهم ، ويبعد الكآبة عنهم ، ومـن الـبـشـرى العاجلة في الحياة الدنيا أن يلقى المسلم قبولًا حسنًا من إخوانه ، وأن تشكره على إحسانه ، فذلك من التبشير .
وأفاد فضيلته أن بعد كل هذه الإشارات هل يقبل أحدنا لنفسه أن يكون مصـدر شؤم ، ومظنة تخذيل ، أو إحباط ، أو تنفير، أو قتل للقدرات ، أم نشيع البشرى ، وننشر التفاؤل ، ونحيي النفوس، ونحرض على الخير، ونعين على المعروف ، ونستنهض الهمم، إلى أن يكون كل منا بشيرًا لإخوانه يحيي فيهم الأمل ويدفعهم إلى مزيد من العمل.
وفي المدينة المنورة قال فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ في خطبة الجمعة اليوم : إن من ثوابت العقيدة الصحيحة الإيمان الجازم واليقين بأنه لا يعلم أحد الغيب إلا الله عز وجل قال سبحانه (( قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون )) ، ومن هنا تعلم أيها المؤمن الدجل والكذب الجلي لكل من يدعي شيئاً من علم الغيب من الكهان والمنجمين وأصحاب الأبراج وقراءة الكف والطالع والفنجان وغير ذلك من الظواهر التي يزعمون دجلاً وكذباً الإخبار بها فيما يقع في المستقبل أو ما هو غائب عن البشر كما هو ظاهر في وسائل الإعلام من نشر شيء مما يسمى بعلم الأبراج والنجوم ونحوه مما هو قائم على أكاذيب مختلقة وخزعبلات متنوعة وذلك من علم الكهانة والتنجيم الذي لا حقيقة له في الواقع ولا في الشرع .
وأضاف : أن علماء الشريعة قد أجمعوا على تحريم مثل ذلك وتعاطيه والسماع له فضلاً عن تصديقه والاعتراف به قال صلى الله عليه وسلم ” من اقتبس شعبة ” وفي رواية ” علماً من النجوم اقتبس شعبةً من السحر زاد ما زاد ” وفي رواية في الصحيحين في الحديث القدسي من قاَل ” مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب ” ، فلما أراد أمير المؤمنين الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه السير لقتال الخوارج اتفق المنجمون أن علياً وجيشه سيهزم لأنه خرج والقمر في العقرب فقال رضي الله عنه بل نسافر ثقة بالله وتوكلاً على الله وتكذيباً لقول المنجمين فسافر رضي الله عنه بجيشه وأيده الله بالنصر والظفر وفي معركة عمورية أجمع المنجمون على أن الخليفة المعتصم لن ينتصر فخالفهم وكذبهم وتوكل على الله وكان النصر متحققاً للمسلمين حتى قال أبو تمام : السيف أصدق أنباء من الكتب … في حده الحد بين الجد واللعب .
وتابع آل الشيخ الخطبة يقول : إن أهل العلم قالوا لو سمعنا قضايا المنجمين الكاذبة لقام منها عدة أسفار أي كتب كثيرة ورواية عديدة ولا يكاد يعرف أحد تعلق بمثل هذه الترهات فما يأتيه ويذره إلا نكب أقبح نكبة مقابلة له بنقيض قصده فمن اطمأن إلى غير الله سبحانه أو وثق بسواه أو ركن إلى مخلوق يدبره أجرى الله له بسببه أو من جهته خلاف ما علق به كما في الحديث ” من تعلق شيئاً وكل إليه ” ، ولقد بين الإسلام العلم الحقيقي للنجوم بأنها زينة للسماء وعلامات يهتدى بها لمعرفة الاتجاهات ومواسم الزروع ومواسم الفصول السنوية ونحوها أما غير ذلك من أفكار منحرفة تحاول ربط الناس بغير خالقهم مالك الكون المتفرد بتدبير المخلوقات وتصريف الكائنات فذلك زيغ عن الدين الصحيح والعقيدة السليمة فتلك العلوم الزائفة والأخبار التي يتعلق بها بعض السذج مما يوقع الناس في الأوهام الزائفة والاعتقادات الجاهلية التي لا تبنى على أساس علمي ولا دليل شرعي ولهذا من الكفر الصريح والمحادة للدليل الصحيح الاعتقاد بما يسمى بعلم التأثير بمعنى اعتقاد أن النجوم مؤثرة فاعلة تخلق الحوادث من حروب وشرور فهذا شرك أكبر مخرج عن الملة ، أما من جعلها سبباً للاستدلال بحركاتها وتنقلاتها وتغيراتها على أنه سيكون كذا وكذا فيدعي معرفة الأخبار الغيبية التي لم تقع وستقع في المستقبل بمطالع النجوم بما يسمى الاستدلال بالأحوال الفلكية على الحوادث الأرضية فهذا كفر بالله على التحقيق عند العلماء لأنه ادعاء لعلم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله وحده فمدعي ذلك مكذب بالله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم .
وحذر فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي المصلين من إتيان أو سؤال أو تصديق المنجمين والعرافين والكهان الذين يدعون الأخبار بعلم الغيب زوراً وبهتاناً ويعبثون بعقول السذج والأغرار ليأخذوا أموالهم ويفسدوا عقائدهم كل ذلك مما حرمته النصوص الشرعية والأدلة القطعية روى مسلم في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاةٌ أربعين ليلة ” فأحذر أيها المسلم من المجيء إليهم وسؤالهم فذلك من المحرمات الأكيدة والآثام القبيحة وكل من يدعي معرفة علم شيء من المغيبات فهو داخل في اسم الكاهن والعراف أو مشارك له في المعنى فيلحق به كما قرره العلماء فعلى المسلم أن يتوكل على ربه وأن يفوض أمره إليه سبحانه وأن يثق بحسن النظر فيما يقدر ويدبره ربه وليصدقه قلبك أيها المؤمن في اعتماده على خالقه في استجلاب المنافع والمصالح ودفع المضار والمكاره قال سبحانه وتعالى (( ومن يتوكل على الله فهو حسبه )) .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى