مقالات وكتاب

(لوبي) البلد

بقلم ـ عبدالله محمد الشهراني

 

تهتم سلاسل الفنادق الكبيرة بكل التفاصيل التي يصادفها العميل في سياق تجربته مع الفندق، ويأتي في مقدمة تلك التفاصيل أو النقاط مكان يأخذ نصيب الأسد من جهة الاهتمام والاستثمار -عادة- وهو “بهو الفندق” أو كما يسمى بالإنجليزية وبالعامية الدارجة لدينا “لوبي”. البهو أو (اللوبي) مكان يعطي الانطباع الأولي عن الفندق، وينبئ العميل بأن بقية المرافق سوف تكون في نفس المستوى أو أعلى. إذ ليس من المقبول أن تكون غرف الفندق مريحة وفي غاية الجمال و (اللوبي) سيء المنظر، أو أن يكون حمام السباحة كبيراً ومحاطا بالأشجار والنخيل و (اللوبي) ضيق وألوانه كئيبة، أو أن يحتوي الفندق على أفضل الموظفين ومن يديرون (اللوبي) متدربون مبتدئون، أو أشخاص لا يعرفون البشاشة وحسن الاستقبال.

وتأسيسا على ما سبق فإن (لوبي) البلد هو المطار، فمهما كان البلد جميلا أو ملفتا من حيث نموه وسىرعة تطوره، فإن (اللوبي) يبقى هو المكان الذي يعطي الانطباع الأولي لزائر البلاد. ولأن المطارات في العالم تدار بشكل تجاري فإننا نجد الطابع العملي يسيطر على كل شيء فيها. السرعة والانسيابية والمردود المالي من تأجير المواقع لبيع التجزئة والجدران المخصصة للإعلانات، وما إلى ذلك. كل ما سبق يدار بشكل عملي بحت دون أن تؤخذ “التجربة المبهرة” لعميل المطار بعين الاعتبار. وإن قام شخص ما بالإشارة إلى كل هذه الأمور، بادره أحدهم بالقول: ألم تر تلك الزاوية في المطار كيف هي جميلة!. والسؤال الذي يقفز إلى الذهن حينها هو: لم اختزل هذا الجمال في مجرد زاوية؟!، المقصود أن تبدأ التجربة من الممر الذي يربط الطائرة بالمطار وصولا إلى موقف سيارات الأجرة.

أعلم أن وزارة السياحة لديها استثمارات ضخمة في أنحاء عديدة من بلادنا، وأعلم أيضاً أن برنامج ضيوف الرحمن مسؤول -هو الآخر- عن إثراء تجربة الحاج والمعتمر، إضافة إلى جهات أخرى كثيرة تسعى جميعها لجعل تجربة زائر البلاد ثرية وممتعة، حريصة على أن تعكس كل نقطة في مسار رحلة الزائر شيئاً عن تطور ومستقبل بلادنا الحبيبة. وهذه المهام المناطة بالوزارة وببرنامج ضيوف الرحمن – وبالجهات المكملة لهما – لا يمكن لها أن تحرز نجاحا بخصوص ما تستهدفه دون المساهمة في تطوير المطار الذي هو (اللوبي) بالنسبة للبلاد. لابد أن يحدث المطار حالة من الانبهار لدى مرتاديه، انبهار يعبر عن القوة والنجاح والتغيير الذي أحدثته رؤية المملكة 2030. إن تكامل مرافق المطار وانسيابية الحركة فيه والمساحات الكبيرة التي يتوجب توفيرها هي في الحقيقة أمور أصبحنا نلمسها في أغلب مطاراتنا، لكنها باتت كلها من الأساسيات لأي مطار يدار بشكل عملي، وصناعة “الفارق” تعتمد على مؤشرات نجاح مرتبطة بـ “تجربة المسافر”، نريد أن نلاحظ تدقيق المسافر في الجدران وقراءة ما هو مكتوب عليها، وأن نشاهد مسافراً يسلط عدسة الكاميرا التي بحوزته على أغلب المواقع والمرافق في المطار، أو يسجل الصوت الصادر من صالات المطار ويعتمده كخلفية موسيقية.

لو وصلنا إلى الدرجة التي يفضل فيها المسافرون الترانزيت على المباشر كما هو الحال في مطار سنغافورة مثلاً، فهذا يعني أن المطار (اللوبي) البلد أصبح مرآة حقيقية تعكس نجاحات وإنجازات الوطن.

#طائرة_خضراء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى