المملكة تستثمر دورها الريادي في تطوير القطاع اللوجستي محلياً وعالمياً
جندت المملكة العربية السعودية طاقاتها في سبيل تطوير القطاع اللوجستي محلياً وعالمياً بما يرفع من مستوى الخدمات التي أسهمت في استقرار الاقتصاد المحلي والعالمي مستثمرة في ذلك الموقع الاستراتيجي ودورها الريادي في التجارة العالمية ومكانتها السياسية والدينية والثقافية والسياحية.
ولامست رؤية المملكة 2030 تطلعات العالم عبر استثمار الموقع الاستراتيجي للمملكة كونها ملتقى لأهم طرق التجارة العالمية، ومن هذا المنطلق عظمت المملكة من مسؤولياتها عبر زيادة تدفق التجارة العالمية بين آسيا وأوروبا وأفريقيا ورفع مستوى المكاسب الاقتصادية وأولت المملكة اهتماماً بالغاً بالقطاع اللوجستي، حيث انطلقت من ركائزها ومقوماتها الرئيسية وما تتمتع به من موقع جغرافي مميز واستراتيجي يربط الشرق بالغرب ونقطة الالتقاء للقارات الثلاث فكانت إحدى أهم الخيارات توحيد جهود الخدمات اللوجستية ورفع مستوى التشغيل ورسم استراتيجيات عمل لتحقيق أهم مستهدفات الرؤية والذي يحقق دعماً لكل القطاعات الاقتصادية والصناعية والتجارية، ولما يمثله هذا القطاع من أهمية قصوى تجاه احتياجاتنا اليومية وتعاملاتنا التجارية وقدرتنا التنافسية لا سيما أن اقتصاديات العالم تعتمد اعتماداً كلياً على الخدمات اللوجستية.
وبما أن القطاع اللوجستي يُعد أحد أهم القطاعات الرئيسية فقد ضخت المملكة استثمارات كبيرة لإنشاء الموانئ والسكك الحديدية والطرقات والمطارات لتعزيز دور الاستثمار بالشراكة مع القطاع الخاص محلياً ودولياً وربط المملكة بالمحيط الإقليمي لتحقيق المكاسب الاقتصادية, إلى جانب حكومة الأعمال وتنظيمها عبر آليات حديثة متوافقة مع المواصفات والتطلعات العالمية والمحلية.
ولكون اقتصاد المملكة يُعد من أهم اقتصاديا العالم, إلى جانب ما حققته من علاقات نوعية مع دول الخليج والدول المجاورة والصديقة, فإنها سعت إلى توقيع العديد من الاتفاقات العالمية لرفع مستوى الخدمات اللوجستية التي تشكل العمود الفقري للاقتصاد العالمي.
وباتت موانئ المملكة إحدى أهم قطاعات النقل اللوجستي في المملكة لكون الحدود السعودية البحرية تبلغ 2330 كيلو متر والتي حققت من خلالها أرقاماً قياسية إلى جانب التطور المذهل في الجانب التشغيلي حيث بلغت عدد الموانئ في المملكة العربية السعودية تسعة موانئ تتم فيها مناولة 95% من صادرات وواردات السعودية باستثناء النفط الخام.
وفي الوقت الذي تبلغ فيه أطوال الطرق البرية في المملكة أكثر من 71,500 كيلومتر فإن المملكة عملت على آليات ومبادرات تنظيمية للطرق البرية أسهمت في رفع مستوى الخدمات اللوجستية تجسد ذلك في نظام مراقبة الذي يراقب أكثر من 200 ألف شاحنة في الطرق السعودية عبر منصة رقابة, إلى جانب الخدمات اللوجستية للمسافرين عبر والمستخدمين للطرق الرئيسية في المملكة مما يؤكد تطور آليات التنظيم واستثمار التقنية في تعزيز منظومة التحليل والرصد والتنظيم.
وتأتي مشاريع السكك الحديدية والقطارات في السعودية إحدى أهم المشاريع اللوجستية التي تسعى المملكة من خلالها إلى ربط العديد من المدن السعودية بالعواصم الخليجية والعربية بالإضافة إلى الشحن الجوي.
وتسعى المملكة لاستثمار تاريخ الخدمات اللوجستية والبنى التحتية التي أسهمت فيها الدولة عبر أكثر من 70 عاماً إلى تعزيز إمكانية استثمار تلك القاعدة الصلبة والبناء عليها عبر مستهدفات الرؤية بالشراكة المحلية والدولية مع الدول المجاورة والصديقة إلى جانب القطاع الخاص والذي سيحقق عوائد مذهلة لمملكة والشركاء.
ولأهمية القطاع اللوجستي في المملكة العربية السعودية ولكونه يستفيد من هذا القطاع أكثر من 7 مليارات إنسان حول العالم فقد سعت المملكة إلى إطلاق برنامج تطوير الصناعات الوطنية والخدمات اللوجستية (ندلب) أحد أهم برامج رؤية المملكة 2030 والذي بدأ انطلاقته مطلع العام 2019، ويهدف إلى تحويل المملكة إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية عبر تعظيم القيمة المتحققة من قطاعي التعدين والطاقة والتركيز على محوري المحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة، ليساهم البرنامج بشكل كبير في تعظيم الأثر الاقتصادي وتنويعه للقطاعات المستهدفة، واستدامة نمو تلك القطاعات وتحقيق ريادتها، وخلق بيئة استثمارية جاذبة فيها، والتقدم نحو تحقيق مزيج الطاقة الأمثل وزيادة الترابط اللوجستي للمملكة محلياً وعالمياً.
وامتداداً لأهمية القطاع اللوجستي وفي سبيل توحيد كافة الجهود المبذولة وتعزيز أوجه التعاون والشراكة بين القطاعين العام والخاص جرى إطلاق مجلس الشراكة اللوجستي مع القطاع الخاص الذي يُعنى بتذليل الصعوبات ومعالجة التحديات التي تواجه القطاع اللوجستي وتحفيز الاستثمار فيه.
وأولت المملكة جانب التوطين لهذه الصناعة المهمة جُل اهتمامهما وتمثل ذلك في إطلاق الأكاديمية السعودية اللوجستية كأول أكاديمية متخصصة في تدريب الكفاءات الوطنية في مجال القطاع اللوجستي بمختلف أنشطته، ودعم سوق العمل وسد الاحتياج المتزايد للعناصر المؤهلة في مهن وتخصصات هذا القطاع الاستراتيجي والواعد.
وفي منتصف العام 2021 جرى إطلاق الاستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية لتتضمن مستهدفات داعمة لنمو وتطور القطاع اللوجستي كتحسين مؤشر الأداء اللوجستي للمملكة لتكون ضمن قائمة الدول العشر الأولى على مستوى العالم، وكذلك التوسع في شبكات السكك الحديدية لتساهم في نقل أكثر من 50 مليون طن من الشحنات والبضائع سنوياً في 2030، عبر قطارات الشحن.
وتضمنت الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية 92 مبادرة، و378 مشروعًا سيتم تنفيذها لتحقيق طموحات القطاع بتكلفة إجمالية تصل إلى 613 مليار ريال حتى عام 2030. وبحسب وثيقة الإستراتيجية، تأتي على رأس المبادرات ذات الأولوية من ضمن المبادرات الـ92 التي شملتها الإستراتيجية، تأسيس صندوق الاستدامة المالية للنقل والخدمات اللوجستية، والذي سيدعم الاستدامة المالية والاقتصادية القطاع.