استشاري بمايو كلينك: نصف سكان العالم تأثروا نفسياً بتداعيات جائحة كوفيد 19
كشف الدكتور روبرت برايت استشاري الأمراض النفسية والعقلية في عيادة مايو كلينك، أن تداعيات جائجة كوفيد ـ 19 التي أصابت ما يزيد على 526 مليون شخص حول العالم، وقضت على نحو 6.3 ملايين آخرين حتى الآن، تركت آثارها السلبية أيضا على الصحة النفسية والعقلية لأكثر من نصف سكان العالم، الذين تأثروا نفسيا إما بالقلق والتوتر أو الإحباط والخوف من المجهول أو أيا من أشكال الأمراض النفسية الأخرى نتيجة لفقد الأقارب والأصدقاء أو الوظيفة.
ولفت إلى أن إحدى الدراسات الحديثة التي أجريت في الكويت أكدت أن عدد الأشخاص الذين اصيبوا بأحد الأمراض النفسية مثل القلق أو الاكتئاب أو التوتر أو الخوف بلغت 50%، وهي نسبة مماثلة تقريبا للدراسات التي أجريت في العديد من دول العالم مثل الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها حول العالم.
وقال الدكتور برايت خلال إحاطة إعلامية افتراضية بمناسبة شهر التوعية بالصحة النفسية خلال شهر مايو، إن الأمراض النفسية والعقلية إذا تم تجاهلها أو تُركت بدون علاج قد تؤدي إلى أمراض عضوية وجسدية مثل ارتفاع ضغط الدم والصداع النصفي والوهن وعدم القدرة على النوم.
وأضاف أنه في مثل هذه المواقف الصعبة التي تمر على الإنسان مثل حدوث الجائحات مثل فيروس كوفيد ـ 19، هناك أمور تكون خارجة عن السيطرة، وفي نفس الوقت هناك أمور يمكننا فعلها لتساعدنا على تخطي الأزمة مثل التواصل المستمر مع المحيطين بنا والحوار الدائم مع الأسرة وممارسة الرياضة المفضلة، والتمسك بالطاقة الايجابية، وكذلك دعم الجوانب الروحية والدينية في مثل هذه الظروف يمكن أن تساعد الإنسان على التحمل والصبر وتخطى.
أحد أسئلة الصحافيين، أكد الدكتور روبرت أن مسألة الإيمان بالله واللجوء إلى الخالق في مثل هذه الظروف من الأهمية بمكان حيث تدعم الطب النفسي في التوصل إلى الشفاء السريع، فضلا عن أنها تقي من التفكير في الانتحار إذا مر الإنسان بظروف قاهرة، لأن الإيمان بقدرة الله يمنح الإنسان قوة أكبر في السيطرة على الأمراض النفسية وعدم تفاقمها، ولذلك ننصح دائما أطباء الصحة النفسية بالتركيز على الدعم الروحي للمريض وتقوية المناعة الروحية لديه من خلال الحث على الصلاة والتمسك بالصبر، وذلك بالتوازي مع العلاجات النفسية التقليدية.
وشدد الدكتور روبرت على أهمية المبادرة لاستشارة الطبيب المختص إذا شعر الإنسان بأي نوع من أنواع الأمراض النفسية وهي عديدة، وذلك قبل تفاقم المرض، وذلك لأن المرض النفسي مثله مثل المرض العضوي إذا تم اكتشافه مبكرا يكون العلاج سهلا والشفاء سريعا، والعكس صحيح.
ووفق الدكتور روبرت ساهمت الشائعات والأخبار المغلوطة حول خطورة فيروس كورونا المستجد خاصة في مراحل انتشاره الأولى في مطلع العام 2020 عبر وسائل الإعلام المختلفة ومواقع التواصل الاجتماعي في رسم صورة قاتمة لتداعيات الجائحة وإيجاد حالة عالمية من الخوف والذعر والقلق أدت بدورها إلى تفاقم تلك الأمراض بين سكان العالم، مشددا على أهمية توخي الحيطة والحذر وتجنب نشر الشائعات والأخبار السلبية في مثل هذه الأزمات لأنها تعود بالسلب على أكثر الناس ضعفا وتعرضا للأمراض النفسية خاصة الأطفال والنساء وكبار السن.
وبيّن الدكتور روبرت برايت استشاري الأمراض النفسية والعقلية في مايو كلينك، أن تأثر صغار السن والمراهقين بالأزمة ظهر بوضوح في جنوحهم للعزلة التي خيمت على أسلوب حياة المراهقين وعدم رغبتهم في الخروج من المنزل أو ممارسة الرياضة، كما انعكست على سلوك صغار السن بالعدوانية المفرطة تجاه الأسرة أو المحيطين بهم، وكذلك قضاء أوقات طويلة جدا في ممارسة ألعاب الفيديو والهواتف المحمولة، مشيرا إلى أن قلة خبرتهم في الحياة تجعلهم أكثرا تأثرا بمثل هذه الأزمات، منوها إلى أهمية توخي الأوقات المناسبة لفتح حوار مع هؤلاء الصغار وبث الطمأنينة في نفوسهم ومحاولة علاج بعض السلوك الطارئة على حياتهم، وفي حالة الفشل في ذلك لابد أن يتم الاستعانة بالطبيب المختص.
وحول سؤال عن ارتباط العديد من الأطفال بالهواتف المحمولة وقضاء وقت طويل في الألعاب الالكترونية ومتابعة مواقع التواصل الاجتماعي، نصح الدكتور روبرت الأمهات والآباء والأسرة بضرورة مراقبة الأطفال وتعويدهم على الاعتدال في استخدام الهاتف وليكن لمدة ساعة واحدة في النهار بعد إنهاء واجباتهم الدراسية، مشيرا إلى أن مايو كلينك في كل مكان في العالم تأخذ بجميع الاعتبارات في أسلوب وعلاج المرضى مثل الاعتبارات البيولوجية والنفسية والاجتماعية الثقافية والروحية ايضا لأنها ترتبط ارتباطا وثيقا بالحالة المرضية للإنسان وتساعد الأطباء في إيجاد الأدوية الناجعة لسرعة الشفاء.