مقالات وكتاب

القراءة الفنية للمتذوق الفني

بقلم ــ الفنان التشكيلي : سعد بن مرعي

التذوق الفني شغف داخلي يدفع الإنسان للاستمتاع بالأعمال الفنية ورؤيتها عن قرب ومحاولة إيجاد الحل لتفكيك الصورة الفنية المبهمة في لوحات الفنان أو الفنانة عبر السؤال أو المقارنة الفكرية الفنية للوصول إلى منتهى الفضول الذاتي للانتصار الداخلي على المشاعر المتموجة داخل المتذوق للأعمال الفنية.
فالتذوق الفني عملية تأملية لإبراز الملامح الجمالية في الأعمال الفنية بشكل عام وكثرة الممارسة لهذه التأملات تُكسب المتذوق ملكة مع الأيام تجعله يستطيع تمييز العمل الفني بدقة فائقة وسرعة ملحوظة، مما يجعله عنصر أساسي فاعل لكل فنان وفنانة لأنه ضمن الشرائح المستهدفة لإيجاد المعارض الفنية.
وبعد عملية الاستقراء الفنية وجدت أن أنسب العبارات لوصف المتذوق الفني هي: عمليةٌ داخليةٌ تحدث في داخل المتذوق (المستمتع) من خلال التفاعلات الانفعالية والنفسية والذهنية والخيالية والتي تهز مشاعره ووجدانه عند رؤيته لعمل فني ما.
فهنا نعرف أن المتذوق الفني هو الشريحة الأكثر أهمية كونه الأكثر ظهورًا في البقعة الفنية؛ فهنا يظهر لنا تساؤل دائم، كيف نعرف كفنانين وفنانات المتذوق الفني وكيف نستهدفه في المجتمع الفني؟
فالإجابة على هذا التساؤل يحتاج لواعي في الفنون البصرية ومثقف بمستوى عال في الفنون البصرية للإلمام جيدًا بمواصفات المتذوق الفني، ومما استنتجته كفنان تشكيلي ومهتم بالقراءة الفنية أن المتذوق الفني يظهر بصورته الواضحة من خلال إحساسه الفني ومشاعره المتدفقة نحو جماليات الحياة وتراكيب اللون وتدرجاته الفنية الساحرة، وكذلك امتلاك سمة الاستجابة للمثيرات الجمالية، وكذلك قدرته على التمييز بين حسن الأعمال الفنية وقبيحها، والتحكيم بكل مصداقية لما يراه.
وبعد أن تم إيضاح مفهوم التذوق الفني ومواصفته، نسلط الضوء على القراءة الفنية التي ينظر بها المتذوق الفني لمعرفة كيفية الطرق التي يتطرق بها عبر التحليل الفكري الذي تم استنتاجه من خلال مشاهدة المتذوق ومصاحبته وكثرة النقاش معه.
إذن كيف يقرأ المتذوق الفني وكيف يحكم من خلال قراءته؟ وهل يحق له أدبيًا الحكم على العمل الفني؟
إن القراءة الفنية لدى المتذوق الفني في مجملها بصرية استنتاجية عبر خبرة فنية تتطور من خلال الممارسة الكثيفة والاهتمام المعرفي بمدلولات الجمال، فعندما يشاهد الأعمال الفنية يصل لمعنى اللوحة بلمحة خبيرة تصل به إلى النتيجة النهائية دون تفكيك العمل الفني بدقة متناهية، وإنما عبر تتبع تتطابق اللون والشكل والتركيب بلمحة الصقر ليعرف الهدف الفني لدى الفنان أو الفنانة فتكون قراءته النظرية استنتاج سريع لتقييم أولي لحظي لمعرفة الحسن من قبيح العمل و الحكم بمصداقية متناهية تخرج بإطراء العمل لصاحبه أو بإعجاب ملحوظ عبر لغة الإشارة التي تسود التعامل الإنساني اليوم في شتى السلوكيات الاجتماعية.
وأما استحقاق المتذوق للحكم المبدئي فهو مؤشر إيجابي تستحسنه النفوس الفنية وتطلبه غالبًا حال العمل الفني أو بعد انتهائه لما يؤمن به أهل الفن أن المتذوق يمتلك المصداقية الكافية للحكم الشكلي حيث اهتمامه الفني وثقافته المرضية لذاته ولغيره تمنحه حق الحكم المبدئي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى