المحلية

“لم تُعِد اختراع العجلة”.. هذا ماذا استندت إليه “تسويات” مكافحة الفساد

وضع بيان النائب العام الذي صدر أمس بشأن الموقوفين بتهم الفساد النقاط على الحروف في الكثير من الأمور التي أثيرت خلال الفترة الماضية، وهو ما استدعى التوضيح وتجلية الوضع القائم للرأي العام والمهتمين عن أعمال لجنة مكافحة الفساد، كما بيّن ما استندت إليه اللجنة في التفاوض مع المتهمين، وهي المرحلة التي سال الكثير من الحبر في الفترة الأخيرة تدويناً عنها.

وأوضح البيان أن عدد الأشخاص الموقوفين حالياً وصل إلى (159) شخصاً، فيما بلغ عدد الأشخاص الذين استدعتهم اللجنة (320) شخصاً إجمالاً، من بينهم أشخاص إضافيون رأت اللجنة بناءً على سير التحقيقات ضرورة استدعائهم لسماع أقوالهم، والإدلاء بما لديهم من معلومات تفيد التحقيق، بينما بلغ عدد المحجوز على حساباتهم البنكية حتى تاريخه (376) شخصاً من الموقوفين أو الأشخاص ذوي الصلة الذين من المحتمل أن يكونوا شاركوا بشكل أو بآخر في أعمال الفساد.

الأغلبية مع التسوية

وبيّن البيان أن معظم من تمّت مواجهتهم بتهم الفساد المنسوبة إليهم من قبل اللجنة وافقوا على التسوية، وهو ما سبق وأشار إليه سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في حديثه مع الكاتب الأمريكي توماس فريدمان الشهر الماضي بقوله: “لقد أريناهم جميع الملفات التي بحوزتنا، وبمجرد أن اطّلعوا عليها، وافق ما نسبته 95% منهم على التسويات”.

إلى ماذا استندت اللجنة في التفاوض؟

واستندت مرحلة التفاوض والتسوية وهي المرحلة الأولى من التحقيق مع الموقوفين على ما قضى به الأمر الملكي الخاص بتشكيل اللجنة من أن لها “تقرير ما تراه محققاً للمصلحة العامة، خاصة مع الذين أبدوا تجاوبهم معها”، وبناءً على هذا رأت اللجنة السير في طريق المفاوضة والتسوية مع من اعترفوا بالجرم، وأبدوا استعداداً لقبول التسوية العادلة، ومقابل ذلك التوصية بالعفو عنهم، بدلاً من الدخول في متاهة القضاء وطول الإجراءات، والتي قد لا ينتج عنها إدانة المتهمين، وبالتالي ضياع الأموال على الدولة للأبد، والاستعاضة عن ذلك بالتسويات المالية الناجزة والسريعة، وهي المرحلة التي من المتوقع أن تنتهي خلال أسابيع، ثم يتم الإعلان عن تفاصيلها كافة.

نماذج عالمية للتسوية

والجدير بالإشارة أن المملكة لم تُعِد هنا اختراع العجلة، بل استندت في اتخاذ مسار التسوية إلى أساليب مطبقة عالمياً، ولها نماذج فعلية عالمية ومعروفة، ومنها مثلاً وليس حصراً قضية “دويتشه بنك”، حيث اضطر البنك العالمي في ديسمبر عام 2016م إلى دفع 7.2 مليار دولار لتسوية تحقيقات تتعلق ببيعه أوراقاً مالية مدعومة برهون عقارية عالية المخاطر قبل الأزمة المالية العالمية في 2008، وجراء ذلك انتهت القضية على أساس التسوية اختصاراً لإجراءات التقاضي، وحفظاً لأموال الناس الذين لن يستفيدوا شيئاً -بكل وضوح- من توقيف أو سجن المتهمين في حال ضاعت أموالهم.

لا إجبار

والملاحظ من سير التحقيقات، بحسب بيان النائب العام، أنه ليس هناك أي إجبار للموقوفين على قبول التسوية، أو أي أمر آخر، بل يتم مواجهتهم بما نُسب إليهم، فإن أقروا به بكامل اختيارهم ورضاهم، يتم اللجوء للخطوة الثانية وهي الاتفاق معهم على تسوية تدفع للدولة مقابل التوصية بالعفو عنهم، وانقضاء الدعوى الجزائية، ثم الخطوة الثالثة وهي توقيع اتفاقية التسوية. ويمكن للموقوف رفض التسوية في أي وقت ما دام لم يوقّع عليها.

مرحلة النيابة والمحاكمة

أما في حال عدم التوصل إلى اتفاق، أو إنكار الموقوفين التهم، فإن العملية تأخذ مساراً آخر، ومرحلة ثانية؛ وهي إحالة ملف الموقوف إلى النيابة العامة؛ لاستكمال الإجراءات القانونية والقضائية. وأشار البيان في إحدى جزئياته إلى أنه هناك من تمت إحالتهم بالفعل إلى النيابة العامة، وأنها قامت بدراسة ملفات من أحيلوا إليها وفقاً للإجراءات النظامية ذات العلاقة، وقررت التحفظ على عدد محدود منهم، وأفرجت عن البقية.

كفالة حقوق الموقوفين

وتتسم مرحلتي التحقيق والمحاكمة بكفالة حق الموقوفين في الاستعانة بوكيل أو محامٍ، والحق في الاتصال بمن يريدون إبلاغه بإيقافهم، فضلاً عن الحق في عدم توقيفهم أكثر من ستة أشهر إلا بقرار من المحكمة المختصة، وأنه يحظر إيذاؤهم جسدياً أو تعرضهم للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة. إضافة إلى ذلك عدم تعريض أعمالهم الخاصة للخطر، ومراعاة عدم تأثر أو انقطاع أي أنشطة متعلقة بأصول وأموال الموقوفين، أو الحقوق المتعلقة بها لأطراف أخرى، وتمكين الشركاء والإدارات التنفيذية في الشركات والمؤسسات التابعة لهم كلياً أو جزئياً من مواصلة أنشطتها ومعاملاتها المالية والإدارية دون أي تأثير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى