بعدما دمرها الروس.. شاهد الحكاية الغريبة لأكبر طائرة في العالم
بدعم ستة محركات توربينية وجناح بطول ملعب كرة قدم تقريبًا، يمكن لهذه الطائرة العملاقة أن تحمل أكبر الحمولات وأثقلها.
وفي عالم الطيران تُعد طائرة “أنتونوف 225 مريا” فريدة من نوعها؛ إذ لا يوجد مثلها على الإطلاق.
وطائرة “أنتونوف 225” معشوقة مكتشفي الطائرات في جميع أنحاء العالم، وتجذب حشدًا من المشاهدين كلما هبطت بإحدى المطارات أثناء تأديتها مهام نقل الحمولة الثقيلة النادرة والتي غالبًا ما تكون مثيرة للدهشة.
وتنقل شبكة “سي إن إن” عن خبير الطيران السوفيتي وأستاذ الهندسة في جامعة بافالو ستيت، إيليا جرينبرغ، أن مشهد الطائرة أثناء الإقلاع والهبوط يبدو رائعًا؛ إذ تبدو وكأنها تبحر ببطء في الهواء بسبب ضخامة حجمها.
وأشار جرينبرغ إلى أنه يمكن التقاط الصور للطائرة بسهولة بواسطة أي نوع من الكاميرات، وستبدو رائعة للغاية من أي زاوية.. وأضاف: “أعتقد أنها بالفعل أعجوبة هندسية”.
استخدمت في جهود الإغاثة من مرض كورونا
وفي الآونة الأخيرة، استُخدمت الطائرة في جهود الإغاثة من مرض كورونا المستجد؛ لنقل حمولات قياسية من معدات الحماية للعاملين بمجال الرعاية الصحية؛ إلا أن مهمتها الأصلية كانت مختلفة كليًّا.
حلم الطيران
وحسب “سي إن إن”؛ فهذه الطائرة لها قصة طويلة بين روسيا وأوكرانيا، فقد وُلدت طائرة “أنتونوف 225 مريا” من رحم الحرب الباردة، عندما صُممت لتكون جزءًا من برنامج الفضاء السوفيتي في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.
وفي أبريل عام 1981، بدأ عصر جديد في استكشاف الفضاء، عندما انطلق أول مكوك فضائي إلى مداره من مركز كنيدي للفضاء التابع لوكالة ناسا في فلوريدا.
وكانت منطقة التحميل الكبيرة الخاصة بالمكوك، بمثابة ميزة تصميم حققها البنتاغون الأمريكي، والذي استخدم المكوك في عدد قليل من المهام السرية لإرسال الأقمار الصناعية العسكرية إلى المدار.
مشكلة مكوك الفضاء السوفيتي “بوران”
واعتبر الاتحاد السوفيتي هذه القدرة بمثابة تهديد؛ لذا أراد تطوير مكوك مشابه، وكشفت النتيجة عن “بوران”، مكوك سوفيتي كان يبدو بشكل ملحوظ مثل نظيره الأمريكي، حتى في لونيه الأبيض والأسود.
لكن سواء كان مستنسخًا بشكل مباشر أم يتبع قوانين الديناميكية الهوائية؛ فإن “بوران”، إلى جانب الصاروخ المصاحب له “إينرجيا”، جاء مع مشكلة لوجستية، وهي كيفية نقل المركبة الفضائية من مرافق التصنيع حول موسكو إلى قاعدة “بايكونور كوزمودروم”، على بعد ألف و300 ميل في جنوب كازاخستان اليوم؛ حيث موقع إطلاق البعثات الفضائية السوفيتية.
ولادة “أنتونوف 225 مريا”
وبدلًا من بناء طريق سريع جديد عبر الأنهار والجبال، طلب المهندسون السوفييت من مكتب شركة أنتونوف الأوكرانية للتصميم في كييف، إنشاء طائرة نقل جديدة قادرة على نقل المكوك وصاروخه جوًّا، واستخدامها كذلك لسحب المكوك إلى قاعدة بايكونور كلما هبطت في موقع احتياطي، بدلًا من المنصة الفضائية عند العودة من المدار.
واستند تصميم أنتونوف إلى نموذج موجود بالفعل، وهي “أنتونوف 124 روسلان”، وهي بالفعل طائرة كبيرة للغاية، أكبر من طائرة “بوينغ 747- 400”.
وازداد الحجم الإجمالي لهيكل الطائرة بشكل كبير؛ بهدف مضاعفة سعة التحميل. ومن بين الترقيات المرئية، تواجد زوج إضافي من المحركات، ليصل المجموع إلى ستة محركات، ومعدات هبوط أطول؛ مما أدى إلى زيادة عدد العجلات إلى 32 عجلة ضخمة. كما تمت إضافة ذيل مزدوج جديد مع مثبت رأسي كبير الحجم للسماح للطائرة بحمل مكوك ” بوران”.
وكانت النتيجة طائرة عملاقة لدرجة أنها برزت من داخل حظيرة الطائرات خلال حفل الافتتاح، وأطلق عليها اسم “أنتونوف 225 مريا”.
وكلمة “مريا” تعني الحلم باللغة الأوكرانية، فهي الطائرة الحلم من أجل الطيران إلى الفضاء.
“أنتونوف 225 ” و”بوران”.. تاريخ قصير
وعمل مكتب أنتونوف للتصميم بسرعة لإنتاج الطائرة النهائية في غضون 3 سنوات ونصف فقط؛ ولكنه لم يكن قادرًا على مواكبة تطور المكوك؛ لذلك كان الحل المؤقت هو استعمال أسطول من قاذفات “3 إم- تي” القديمة لحمل المركبة الفضائية بدون تجميع.
وعندما كانت طائرة “أنتونوف 225” جاهزة أخيرًا، انطلق كل من مكوك “بوران” وطائرة “أنتونوف 225” لأول مرة في أواخر عام 1988، قبل عام من سقوط جدار برلين، والذي أنذر بانهيار الاتحاد السوفيتي.
ونتيجة لذلك، تم إلغاء برنامج “بوران” بعد مهمة رسمية واحدة فقط، وانتهى الأمر بطائرة “أنتونوف 225” بحمل المكوك خلال نحو 12 رحلة تجريبية فقط.
ولكن الثنائي (الطائرة والمكوك) خطفا الأضواء عندما ظَهَرا في معرض باريس الجوي عام 1989.
اقتراح غريب
وكان هناك اقتراح غريب لتحويل الطائرة إلى فندق طائر، بأجنحة فاخرة وحمامات سباحة ومساحة لاستيعاب 1500 ضيف؛ ولكنه لم يتحول إلى واقع، وانتهت قصة “أنتونوف 225” في حظيرة؛ حيث تم تجريدها من بعض الأجزاء، وصدأت قِطَعها لمدة 7 سنوات.
التحول إلى التجارة
في عام 2002 تم تسيير أول رحلة تجارية للطائرة “أنتونوف 225” من شتوتجارت في ألمانيا إلى مدينة ثمريت بسلطنة عمان؛ حيث نقلت في تلك الرحلة 216.000 وجبة غذائية سابقة التجهيز لجنود الولايات المتحدة الأمريكية، قدمت في حوالى 375 طبقًا بوزن 187.5 طنًّا.
ومن يونيو 2003 بدأت الطائرة أنتونوف 225 وسابقاتها في أسطول الشركة، في نقل المساعدات الإنسانية إلى العراق بما يزن إجماليًّا حوالى 800 طن.
وأصبحت تستأجرها الحكومتان الكندية والأمريكية في نقل معدات عسكرية إلى الشرق الأوسط لمساعدة قوات التحالف.
وتبلغ القدرة الاستيعابية للطائرة 250 ألف كيلوجرام، ويكون أقصى وزن وهي محملة 600 ألف كيلوجرام.