منوعات

خبراء: السعودية تملك المؤهلات لإحداث نقلة نوعية في صناعة التواصل على مستوى المنطقة

على مدار السنوات القليلة الماضية، لعب النمو الملهم للمملكة العربية السعودية دوراً كبيراً في جذب الانتباه العالمي نحو منطقة الشرق الأوسط؛ فقد شهدت صاحبة أكبر اقتصاد في العالم العربي نمواً هائلاً في مجالات عدّة، شملت التكنولوجيا وريادة الأعمال والتكنولوجيا المستدامة والرعاية الصحية والطيران والتعليم والتكنولوجيا المالية، لتنتقل من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد متنوع وتنافسي. وبموازاة هذا التطور، يرى خبراء في صناعة التواصل والعلاقات العامة أن المملكة سيكون لها دوراً محورياً أيضاً في إعادة رسم مشهد هذه الصناعة على مستوى المنطقة.

استشراف المستقبل
وفي معرض حديثها حول هذا الأمر، قالت ريم مسودة، مديرة قطاع الاتصال والعلاقات العامة أكاديمية العلاقات العامة- الشرق الأوسط وشمال وفريقيا: “إنّ ازدهار المملكة العربية المتحدة ليس مفاجئًا لأشخاص مثلنا، أي لأشخاص عاشوا في الشرق الأوسط وشهدوا هذا التحول خلال العقد الماضي. فمن خلال سياساتها الحكومية التي تركز على استشراف المستقبل، والتي تتسم بدرجة عالية من المرونة، كانت المملكة تسير بخطى ثابتة على المسار الصحيح نحو اعتلاء القمة، حتى قبل أن تصبح حديث المدن حول العالم”

وحول مسيرة المملكة للنهوض في مجال التّواصل، شرحت مسودة: “بحكم طبيعة عملي كمحترفة في مجال التّواصل، تابعت رحلة السعودية عن كثب؛ وعلى وجه الدّقة، راقبت بعناية تامة كيف تبلورت صناعة التّواصل في المملكة، وكيف تبنّت التحول الرقمي وجعلت التكنولوجيا رديفها الأول والدائم، وشهدت تحولًا ملحوظاً في فن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على مدار السنوات القليلة الماضية”.

تناغم
من الجدير بالذكر في هذا الصدد أنه في عام 2016 إبّان الإعلان عن رؤية السعودية 2030، توجهت الأنظار إلى انعكاسات هذه الرؤية على صناعة التّواصل والإعلام ومدى جاهزيتها لمواكبة التغيير المنشود. لقد حدّد الإطار الاستراتيجي لرؤية المملكة 2030 الدرب نحو التّميز في مختلف المجالات، لكن الهدف المتمثل في تطوير الصناعات الإعلامية بميزانية بلغت 3.3 مليار ريال سعودي، حظي بأكبر نصيب من الاهتمام، ليس داخل المملكة العربية السعودية وحسب، لكن في جميع أنحاء المنطقة.
ومنذ ذلك الحين، حرصت المملكة على تأهيل ودعم الكوادر التي بيدها الارتقاء بالقطاع إلى آفاق أعلى، وتطوير قنوات العالم الافتراضي الذي أصبح اليوم يضاهي العالم المادي بأهميته.
وأضافت مسودة: “يتزامن إطلاق أكاديمية العلاقات العامة- الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مع حقبة جديدة تتطلع فيها المملكة العربية السعودية إلى تنشئة مهنيين متخصصين في مجال التّواصل، وتمكينهم بالأدوات اللازمة لمواجهة التحديات، والاضطلاع بالدور المؤمول منهم في خدمة هذا القطاع على المستوى الوطني. كما تتناغم الدورات المعتمدة التي تقدمها الأكاديمية بشكل جيد مع مسار التنمية الشاملة الذي تنتهجه المملكة”، معبرةً عن تطلعاتها إلى “التعاون مع شركاء جدد من داخل قطاع التواصل والعلاقات العامة وخارجه من أجل المساهمة في رحلة المملكة العربية السعودية نحو مستقبل أكثر إشراقاً”.

قفزة في التواصل
ويُعتبر الشباب السعودي القوة الأكبر في المملكة العربية السعودية، إذ تشير تقارير رسمية إلى أن هذه الفئة تشكّل قرابة 75 في المئة من إجمالي سكان المملكة، ما جعلها اليوم منافسةً للدول الغربية المتقدمة في العالم الرقمي، فوفق الإحصائيات يصل عدد مستخدمي الإنترنت النشطين في السعودية إلى 33.58 مليون مستخدم من إجمالي عدد السكان البالغ نحو 35.08 مليون شخص.

كما يقدّر متوسط ​​الوقت الذي يقضيه المستخدمون السعوديون على الإنترنت يوميًا حوالى 7 ساعات و45 دقيقة؛ أي أنّ السكان هم من ينشئون المحتوى ويستهلكونه على الإنترنت لفترة طويلة من اليوم. هذا الواقع دفع العلامات التجارية ووسائل الإعلام نحو استثمار القنوات الرقمية من أجل الوصول إلى جمهورها بشكل أوسع، ما شكل قفزةً في أشكال التواصل التقليدية عمّا عهدناها سابقاً.

صدارة في وسائل التواصل
وفقًا لتقرير “Campaign” الشرق الأوسط لعام 2021 الذي أُطلق في الآونة الأخيرة بالمملكة العربية السعودية، فإن العوامل الرئيسة التي تقود هذا التغيير تتمثل في عمليات الشراء في القطاع العام، واعتماد ميزانيات أكبر، واهتمام الشباب بوسائل التواصل الاجتماعي، والتحوّل الرقمي في المملكة.

وبشكل عام، فإن تمركز أكثر من 84 في المئة من السكان في المناطق الحضرية، وإمكانية الوصول إلى الإنترنت فائق السرعة؛ وبالتالي ارتفاع معدل انتشار الهواتف المحمولة، كل تلك العوامل أحدثت تغييرًا في صناعة التّواصل، ما دفع العلامات التجارية إلى إعادة النظر في استراتيجيات أعمالها على مدى السنوات القليلة الماضية.

ونقل التقرير ذاته عن المؤسس المشارك في “W7Worldwide” ومديرها عبدالله عنايات قوله: “لعبت جائحة كوفيد-19 دورًا مهمًا في دفع الشركات في المملكة العربية السعودية نحو الإقرار بأهمية التواصل المؤسسي والعلاقات العامة الاستراتيجية كأدوات جوهرية لمواجهة التحديات التي أفرزتها الأزمة”.

ومن المؤشرات على التطور السريع في المملكة في مجال الاتصالات واستخدام التكنولوجيا الحديثة أنّ الدولة تُعَدُّ من أكبر الأسواق لوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة؛ إذ يوجد فيها 27.80 مليون مستخدم نشط لوسائل التواصل الاجتماعي بنسبة 72.38 في المئة من العدد الإجمالي للسكان. ووفقًا للتقارير، يُشكّل السعوديون أكبر مجموعة من المستخدمين النشطين على إنستغرام وتويتر وسناب شات في المنطقة.

كما يبلغ عدد المستخدمين النشطين لموقع يوتيوب 31.40 مليون، مقابل 26.80 مليون مستخدم لمنصة إنستغرام، و25.92 مليون مستخدم على فيسبوك، و25.05 مليون مستخدم لمنصة تويتر. أمّا بالنسبة لخدمات المراسلة، فالتطبيقات الأكثر شيوعًا في المملكة هي واتساب بإجمالي 28.24 مليون مستخدم، وسناب شات 18.73 مليون مستخدم، فضلاً عن 18.98 مليون مستخدم لفيسبوك مسنجر و15.61 مليون آخرين على منصة تيك توك. وتُعتبر هذه الإحصاءات بمثابة دروس مهمة للعلامات التجارية لتكييف استراتيجياتها الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي من أجل تعظيم نسبة التأثير والنتائج المرجوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى