منوعات

تقرير معهد المحاسبين الإداريين: السفر والضيافة أكثر القطاعات تضرراً بتداعيات كوفيد-19

أصدر معهد المحاسبين الإداريين (IMA) اليوم تقريراً يتناول التداعيات العالمية لجائحة كوفيد-19 على وظائف الإدارة المالية في مختلف المؤسسات العالمية، في ظل تركيز خاص على طواقم العمل والرواتب والمهارات. ويعد الانخفاض العام في الإيرادات من المحاور الرئيسية التي ركز عليها المشاركون في الاستطلاع العالمي، حيث تكبدت الشركات الكبرى خسائر أكبر من نظيراتها الأصغر حجماً، ولكنه من اللافت أن العديد من الشركات أشارت إلى تحقيق أداء أفضل مقارنة بمنافسيها رغم الجائحة، مقارنة مع فئة صغيرة أقرّت بتسجيل نتائج أضعف مقارنة بمنافسيها. أما على صعيد الكوادر البشرية، فكشفت نصف الشركات المشاركة فقط في الاستطلاع عن لجوئها إلى تسريح الموظفين خلال هذه الفترة، هذا ولم تقتصر تداعيات الجائحة على عدد الكوادر البشرية فقط ، بل طالت أيضاً تعويضات الموظفين حيث أشار معظم المشاركين إلى تعرض تعويضاتهم للتخفيض، سواء على صعيد الرواتب أو المكافآت أو كليهما.

ويكتسب التقرير أهمية خاصة في ضوء التحديات المتواصلة التي تفرضها جائحة كوفيد-19 على مختلف الشركات والمؤسسات حول العالم، حيث فرضت عليها إعادة التفكير في نماذج أعمالها تزامناً مع سعيها للحفاظ على استمراريتها. وتفاوتت تداعيات الجائحة حسب القطاع؛ فالعديد من القطاعات أوقفت نشاطها بالكامل في بداية الجائحة وبالكاد بدأت باستئنافه مجدداً، بينما شهدت قطاعات أخرى تداعيات طفيفة، ويمكن ملاحظة هذا التفاوت في التداعيات أيضاً في التغيرات الحاصلة في تعويضات موظفي الأقسام المالية منذ بداية الجائحة. وكان العاملون في قطاعات السياحة والسفر والضيافة الأكثر تضرراً، فقد حصل 13٪ منهم على إجازات إلزامية، بينما تم تخفيض رواتب 58% منهم. وتعرض العاملون في القطاع الحكومي والمؤسسات غير الربحية والمؤسسات التعليمية لأضرار نسبية، حيث تم منح 5٪ منهم إجازات إلزامية وتم تخفيض رواتب 52٪ منهم. وعلى النقيض من ذلك، تضمنت القطاعات التي أظهرت أعلى مستويات المرونة كلاً من: المحاسبة والمالية ثم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتقنية، وبعدها الخدمات المالية والبنوك والعقارات.

ويستند التقرير إلى استطلاع شمل1481 متخصصاً في المحاسبة والمالية من خمس بلدان هي: الصين والهند والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. وتم تقسيم المشاركين بالتساوي بين البلدان الخمسة، حيث شكلت النساء نسبة تزيد عن الثلث وتراوحت نسبتهن من 51٪ في الصين إلى 18٪ في المملكة العربية السعودية، بينما شكلّن نحو 30٪ من المشاركين في الهند.

وفي هذا السياق، قال رائف لاوسون، نائب رئيس شؤون البحوث والسياسات لدى معهد المحاسبين الإداريين (IMA): “فرضت جائحة كوفيد-19 تحديات غير مسبوقة على الشركات في عصرنا الحديث، فقد أظهر استطلاعنا أن هذه التداعيات العالمية شملت كافة دول العالم والقطاعات والمؤسسات بجميع أحجامها. وجاءت البيئة الاقتصادية الجديدة لتؤثر بدورها على الوظائف المالية على عدة مستويات واستدعت تحولاً في الأولويات، وسط تركيز متزايد على إدارة المخاطر والتوقعات النقدية والإدارة. وقد عبّر العديد من الخبراء الماليين عن مخاوفهم بشأن تغيّر المهارات المطلوبة في عالم ما بعد كوفيد-19، ويعمل الكثير منهم على صقل مهاراتهم عبر مجموعة واسعة من المواضيع. لكن الواضح أن الجائحة ساهمت في تسريع وتيرة التغييرات ضمن وظائف المالية والمحاسبة، حيث يتعين على العاملين في هذه المجالات الارتقاء بمهاراتهم للحفاظ على مسيرتهم المهنية وتطويرها”.

تأثير الجائحة على الشركات
طالت تداعيات الجائحة الشركات والمؤسسات بكافة أحجامها، لكن حدة هذه التداعيات تباينت بشكل ملحوظ بين القطاعات، فقد تأثرت قطاعات السياحة والسفر والضيافة بشكل أكبر من غيرها. وتأتي نتائج الاستطلاع لتعكس هذا الانخفاض الشامل في الإيرادات، حيث يرجح أن إيرادات الشركات الكبرى شهدت انخفاضاً ملحوظاً يزيد عن 10 مليارات دولار. ورغم الانخفاض العام في إيرادات الشركات بكافة أحجامها، فقد أشار ثلث المشاركين في الاستطلاع إلى أن أعمالهم كانت أفضل من منافسيهم، بينما أشارت نسبة تقل عن 10٪ إلى إنها متأخرة عن منافسيها. وكان لحجم الشركات بالغ الأثر في نظرتها لأدائها مقارنة بالمنافسين: فقد رأت 39% من الشركات الكبرى التي تضم أكثر من 1000 موظف أنها حققت أداء أفضل من منافسيها، في حين ترى 29% من الشركات الأصغر حجماً التي تضم فريق عمل يقل عن 100 موظف أنها قدمت أداءً أفضل عن المنافسين.

تأثير الجائحة على الكوادر البشرية
أكد الاستطلاع ما تداولته وسائل الإعلام على نطاق واسع عن تأثير الجائحة الشديد على الكوادر البشرية حول العالم، فقد أشارت قرابة نصف الشركات المشاركة في الاستطلاع إلى إنها اضطرت إلى تسريح عدد من موظفيها. لكن استجابة الشركات للجائحة في هذا الصدد تباينت بشكل ملموس وفقاً لمناطق نشاطها، فتقليص الكوادر البشرية كان الأقل احتمالاً في الولايات المتحدة، بينما كان هذا الاحتمال هو الأعلى في شركات الشرق الأوسط (المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة)، بينما توسطت الشركات الهندية والصينية هذه الاحتمالات. فقد كشفت 20٪ من الشركات الهندية فقط أنها تخلت عن معظم موظفيها أو جميعهم، مسجلة بذلك أعلى المعدلات بين جميع المناطق، وتأتي الشركات العاملة في دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة التالية بنسبة 10٪ تقريباً. وكشف الاستطلاع أن الصين سجلت أعلى معدلات التوظيف خلال هذه الفترة، تلتها الولايات المتحدة ثم الهند.

تأثير الجائحة على تعويضات العاملين في الوظائف المالية
لم تقتصر تداعيات كوفيد-19 على فرص العمل فحسب، بل شملت التعويضات المالية للعاملين القائمين أيضاً. فقد شهد معظم المشاركين في الاستطلاع تخفيضاً في تعويضاتهم المالية هذا العام، سواء في الراتب أو المكافأة أو كليهما. وعلى نحو مشابه للوضع المتعلق بالتوظيف، تباينت تداعيات الجائحة على المستحقات المالية بشكل ملحوظ حسب الدولة. فالشركات في الولايات المتحدة على الأرجح لن تغير التعويضات المالية التي تدفعها لموظفيها، بينما ترّجح الشركات الصينية عدم إحداث تغيير في رواتب موظفيها، لكنها قد تخفض مبالغ المكافآت. ويعكس هذا الاستخدام المتزايد لوسيلة التغيير في التعويضات في الصين مقارنة بالولايات المتحدة.

وعلى الصعيد الديموغرافي، ورغم أن تعويضات جميع الفئات العمرية قد تأثرت، إلا أن تعويضات موظفي الإدارة الوسطى شهدت الحد الأدنى من التغيير، في حين كان موظفي مناصب الإدارة الأدنى أكثر عرضةً للتخفيضات في الرواتب أو غياب المكافآت. وقد شهدت فرق الإدارة العليا والتنفيذية أعلى نسب التخفيض في الأجور خلال هذه الفترة.

أولويات الإدارة المالية
كما هو متوقع، تحظى إدارة المخاطر حالياً بالنسبة الكبرى من التركيز، حيث بات نصف الشركات (44٪) يمضى وقتاً أطول (أو أطول بكثير) في متابعة هذه العمليات، تليها التوقعات النقدية وإدارة النقد. ومن ناحية أخرى، تمضي الشركات وقتاً أقصر في العمل على بناء الشراكات ودعم القرارات، حيث أشارت نسبة 34٪ من الشركات إلى أنها تمضي وقتاً أقصر في هذه العمليات، بينما أشارت نسبة 22٪ إلى أنها تقضي وقتاً أطول.

ويعد عمل الموظفين من المنزل من التحديات التي تواجه العديد من الشركات، غالباً نتيجة المتطلبات القانونية. وفي هذا الصدد، فرضت الجائحة أعباءً مالية إضافية أبرزها تمكين الموظفين من العمل من المنزل (38٪ من المشاركين)؛ وتوفير بيئة آمنة (37٪ من المشاركين) لمن يحتاجون للذهاب إلى المكاتب. ويتمثل التحدي الثالث الذي يرتبط بالتحدي الأول في الحاجة إلى تدريب الموظفين على الأدوات التي تتيح لهم العمل من المنزل (26٪ من المشاركين).

تأثيرات الجائحة على المهارات العملية المطلوبة في مجالات المحاسبة والمالية
أظهر الاستطلاع قلقاً كبيراً بين المشاركين بشأن أهمية مهاراتهم الحالية في عالم ما بعد كوفيد-19، فنسبة 12٪ من المشاركين تعتقد أن مهاراتهم لن تكون مهمة؛ بينما قال 10٪ إنهم غير متأكدين تماماً. واختلفت النتائج حسب الدولة، حيث كان المشاركون من الولايات المتحدة أكثر ثقة بأهمية مهاراتهم في مرحلة ما بعد الجائحة، بينما انخفضت معدلات الثقة لدى المشاركين من الهند حيث يعتقد 69٪ فقط أن مهاراتهم ستكون مهمة، و 15٪ يعتقدون أنها غير مهمة، بينما قال 16٪ إنهم غير متأكدين تماماً.

ودفع الارتفاع الحالي بمستويات البطالة العالمية العاملين في مجالات المحاسبة والإدارات المالية إلى الاهتمام باكتساب مهارات جديدة، فقد أرجع 68% من المشاركين هذا الاهتمام بشكل مباشر إلى الجائحة. وكانت هذه النسبة الأعلى في الصين والأدنى في الولايات المتحدة، ويشمل هذا الاهتمام المتزايد في تطوير المهارات كافة أقسام المؤسسات المالية بدءاً من الموظفين الجدد إلى موظفي الإدارة العليا. ولا يعد هذا الاهتمام طموحاً فقط، فقد قال 75٪ من المشاركين إنهم يعملون على تعزيز مهاراتهم خلال فترة الجائحة. وفي حين أشار غالبية المشاركين في كل دولة إلى أنهم يعملون على تطوير مهاراتهم، إلا أن النسبة الأعلى كانت في الصين والهند والأدنى في الولايات المتحدة.

وقال المشاركون في الاستطلاع من الشركات الصغيرة (أقل من 100 موظف) إنهم أكثر اهتماماً بتطوير مهاراتهم مقارنة بالعاملين في الشركات الكبيرة، الأمر الذي قد يعكس قلة الموارد المتاحة للموظفين في هذه الشركات لتطوير مهاراتهم والحفاظ عليها. ويعتقد المشاركون الأصغر سناً أن مهاراتهم لن تكون مهمة في مرحلة ما بعد الجائحة مقارنة بالمشاركين الأكبر سناً.

دعم الشركات لتطوير وصقل مهارات موظفيها
خلال هذه الفترة الاقتصادية العصيبة، أصبحت رغبة الموظفين بالارتقاء بمهاراتهم غير كافية، بل إنهم يحتاجون إلى الموارد المالية اللازمة ويبحثون عنها، حيث يرى 72% من المشاركين أنه يجب على شركاتهم توفير الدعم المالي لتطوير مهارات الموظفين. وجاءت هذه النسبة متقاربة بين المشاركين من كافة الدول، لكن النتائج تباينت على صعيد الدعم الفعلي لتطوير المهارات. وبصورة إجمالية، دعمت نسبة قدرها 49٪ من جهات العمل عمليات تطوير وإعادة تأهيل الموظفين وتزويدهم بالمهارات الجديدة، وتراوحت هذه النسبة بين 57٪ في الصين و55٪ في الولايات المتحدة ثم 47٪ في الهند، بينما كانت الأدنى في دولة الإمارات عند 39٪.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى