العسكريون في ميانمار يشددون القمع وسط تواصل التظاهرات
تجاهل العسكريون الحاكمون في ميانمار الانتقادات المتعاظمة، مشددين قمعهم للتعبئة المتواصلة في البلاد فيما يستمر المتظاهرون بالاحتجاج على الانقلاب، مع تكثيف التوقيفات الليلية والتهديد بملاحقة كل من يؤوي ناشطين مطلوبين.
وقد توقف المسار الديموقراطي الذي بوشر قبل 10 سنوات قبل أسبوعين في ميانمار، مع استيلاء العسكريين على السلطة مطيحين برئيسة الوزراء الفعلية أونغ سان سو تشي.
وصباح اليوم الأحد ولليوم التاسع على التوالي بدأ الناس بالنزول إلى الشارع وتجمعوا بالمئات قرب معبد شيوداغون الشهير في وسط رانغون كبرى مدن ميانمار، للمطالبة بالديموقراطية وتحرير زعيمتهم.
ونشر المجلس العسكري الحاكم برئاسة الجنرال مين أونغ هلاينغ، قائمة تضم أسماء سبعة ناشطين من الأشهر في البلاد مطلوبين بسبب تشجيعهم على التظاهر، وقال في بيان “إذا عثرتم على أحد الفارين المذكورين في القائمة أو إن توافرت لديكم معلومات عنهم بلغوا أقرب مركز للشرطة، من يؤوي هؤلاء سيواجه ملاحقات بموجب القانون”.
ومنذ بدء حركة الاحتجاجات، أوقف العسكريون نحو 400 مسؤول سياسي وناشط وأفراد من المجتمع المدني بينهم صحافيون وأطباء وطلاب، ومن بين الأشخاص الواردة أسماؤهم في هذه اللائحة مين كو ناينغ وهو أحد قادة الحركة الطالبية في العام 1988، الذي أمضى 10 سنوات في السجن لدوره في التظاهرات ضد الحكم الديكتاتوري في تلك المرحلة.
وقال قبل ساعات من إصدار مذكرة توقيف في حقه، “يوقفون الناس ليلاً وعلينا أن نتوخى الحذر”، وأتى كلامه في مقطع مصور نشره أمس السبت عبر فيس بوك منتهكاً بذلك حظراً صادراً عن المجلس العسكري باستخدام شبكة التواصل الاجتماعي، وأضاف “قد يقمعون بالقوة وعلينا أن نكون مستعدين”.
وجعلت تظاهرات العام 1988 من أونغ سان سو تشي الشخصية الرئيسية في البلاد المنادية بالديموقراطية، ما أدى إلى وضعها في الإقامة الجبرية مدة سنوات قبل أن تصل إلى السلطة في العام 2015.
وأوقفت أونغ سان سو تشي الحائزة جائزة نوبل للسلام مرة أخرى في الأول من فبراير(شباط) الجاري ولم تشاهد منذ ذلك الحين، لكن حزبها الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية تبلغ أنها “بصحة جيدة” وهي محتجزة في مقر إقامتها في نايبياداو عاصمة ميانمار الإدارية من دون إمكانية التواصل مع أي شخص.
ومنح مينغ أونغ هلاينغ أمس صلاحيات استثنائية للقوى الأمنية التي بات بامكانها القيام بمهمات تفتيش في المنازل من دون مذكرات رسمية أو توقيف أشخاص لفترة قصيرة من دون إذن قضائي.
ومساء الجمعة تشكلت لجان حراسة شعبية بشكل عفوي عبر البلاد مكلفة حراسة الأحياء في حال قيام السلطات بعمليات لتوقيف معارضين.
وأظهر مقطع مصور في حي في رانغون عاصمة البلاد الاقتصادية عدداً كبيراً من السكان ينزلون إلى الشارع متحدين حظر التجول المفروض اعتباراً من الساعة 20:00 بعد انتشار شائعات حول مداهمة للشرطة لتوقيف معارضين.
ونظم مئات من الكهنة صلاة أمام السفارة الأمريكية، وغردت السفارة تضامناً معهم كاتبة “المتظاهرون يريدون الديموقراطية ونحن ندعمهم”، وصدرت تنديدات دولية كثيرة بشأن الوضع في ميانمار في الأسبوعين الأخيرين، إلا أنها لم تؤد إلى تغيير موقف الانقلابيين.
ويؤكد المجلس العسكري أنه استولى على السلطة محترماً الدستور، وأمر الصحافيين في البلاد التوقف عن الحديث عنه على أنه حكومة انقلابية، وكتب في بيان وجهته أمس وزارة الإعلام إلى نادي المراسلين الأجانب “نبلغ الصحافيين ووسائل الإعلام من مغبة الكتابة بغية إثارة اضطرابات عامة”، وطلب أيضاً من الصحافيين احترام أخلاقيات وسائل الإعلام عندما يغطون الأحداث في البلاد.
ودعا اجتماع طارئ لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الجمعة العسكريين إلى الإفراج فوراً عن كل الأشخاص “المعتقلين تعسفياً” ومن بينهم أونغ سان سو تشي وإعادة السلطة إليهم.
ونظمت تظاهرات تضامن في تايلاند المجاورة التي تضم جالية كبيرة من العاملين الوافدين من ميانمار، فضلاً عن الولايات المتحدة واليابان وأستراليا، إلا أن الحلفاء الكبار لجيش ميانمار لا سيما روسيا والصين فدعوا إلى عدم التدخل في “شؤونها الداخلية”.