العالم يحبس أنفاسه خلال الأسابيع الأخيرة لترامب في البيت الأبيض
في خضم تداعيات زلزال الانتخابات الرئاسية الأمريكية وترقب الكثيرين الإعلان الرسمي عن نتيجتها وما ستؤول إليه الأوضاع في الولايات المتحدة في ظل حالة الإنكار التي يعيشها الرئيس دونالد ترامب وإصراره على عدم الاعتراف بفوز منافسه الديمقراطي جو بايدن في الانتخابات التي يرى ترامب أنها مزورة، كتب وليان بورجر محرر الشؤون الدولية بصحيفة الجارديان مقالا تناول فيه المخاوف التي تساور الكثيرين من حدوث فوضى في السياسة الخارجية الأمريكية في الأيام الأخيرة لترامب بالبيت الأبيض.
ويرى الكاتب أن المخاوف من محاولة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته إحداث فوضى على الصعيد العالمي في الأسابيع الأخيرة التي سيقضيها في منصبه، أصبحت شبه مؤكدة، في ضوء تقارير عن استفساره عن خيارات توجيه ضربة لإيران.
وبحسب المقال، فقد ذكر تقرير في صحيفة نيويورك تايمز، أن مسؤولين بارزين في الإدارة الأمريكية نصحوا ترامب بعدم توجيه ضربات لمواقع نووية إيرانية، محذرين من خطر نشوب صراع كبير، لكنها أضافت أن الرئيس ربما لم يتخل تماما عن فكرة شن هجمات على إيران أو حلفائها ووكلائها في المنطقة.
ويشير المقال إلى أنه وفي اليوم نفسه، أكد القائم بأعمال وزير الدفاع الأمريكي، كريستوفر ميلر، أن الولايات المتحدة ستخفض وجودها العسكري في أفغانستان والعراق، متجاهلا المخاوف من أن الانسحاب المفاجئ في أفغانستان قد يعرقل محادثات السلام بين الحكومة الأفغانية وحركة طالبان من خلال إقناع مسلحي الحركة بأنهم يمكن أن ينتصروا بدون اتفاق.
ويرى مراقبون أن خطورة الاضطرابات في السياسة الخارجية والدفاعية الأمريكية تكمن في أنها تتزامن مع اتهام جو بايدن لإدارة ترامب بمنعه من تلقي المعلومات الاستخباراتية أو السياسية.
ويرجح المراقبون ، استنادا لتصريحات مسؤولين أمريكيين سابقين ، أن ترامب يدرك أنه سيضطر في النهاية إلى ترك منصبه، ومن ثم فإنه يبحث في خيارات اللحظة الأخيرة للوفاء بوعود حملته الانتخابية ، إضافة إلى أن هناك في إدارة ترامب من ينظر إلى الأسابيع التي تسبق تنصيب الرئيس المنتخب بايدن في كانون ثان/يناير المقبل على أنها فرصة أخيرة لتحقيق أهدافهم.
ويدلل مقال الجارديان على ذلك بما تخطط له وزارة الخارجية برئاسة مايك بومبيو، لإضافة عقوبات مع كل أسبوع متبقي من الرئاسة في محاولة لجعل انهيار الاتفاق النووي المبرم مع إيران لا رجعة فيه.
وينقل المقال عن روب مالي، الذي عمل مسؤولا في إدارة باراك أوباما وكان أحد مفاوضي خطة العمل المشتركة الشاملة( المعروفة بالاتفاق الإيراني)، ويعمل حاليا رئيسا لمجموعة الأزمات الدولية، قوله :”ما كنت قلقا بشأنه دائما هو أن الأشخاص المحيطين بترامب سيحاولون إقناعه بأنه هو آخر شيء يقف بين /الديمقراطيين الضعفاء/ الذين سيتولون السلطة من بعده ، وبين تطوير إيران قنبلة نووية”.
وفي ظل هذه المعطيات التي تثبتها العقوبات المتوالية التي تعلنها إدارة ترامب ، تتحسب إيران وتدرس كيفية التعامل مع الأسابيع القادمة. صحيفة الفاينانشيال تايمز نشرت تقريرا بعنوان “إيران تهدد برد ساحق على أي ضربة عسكرية أمريكية”.
ويقول التقرير إن إيران هددت على لسان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية، علي ربيعي، بـ”رد ساحق” على أي ضربة عسكرية أمريكية لمنشآتها النووية,
ويشير التقرير إلى أن بايدن وعد في المقابل بالانضمام إلى الاتفاق النووي إذا عادت إيران إلى الامتثال لشروطه ، لكن المسؤولين الأوروبيين قلقون من الحديث عن عمل عسكري أمريكي محتمل، ولديهم مخاوف بشأن ما قد تفعله إدارة ترامب في الأسابيع التي تسبق تنصيب بايدن.
ويؤكد التقرير أن دبلوماسيين أجانب، في طهران، نصحوا إيران بتجنب إعطاء إدارة ترامب أي ذريعة لممارسة مزيد من الضغط عليها. وقال أحدهم :”إذا كانوا حكماء، فسيواصلون نفس النهج حتى يغادر ترامب. نحن الآن قلقون بشأن المتشددين في إيران أكثر من إدارة ترامب”.
وكان المتشددون الإيرانيون قد تعهدوا بـ”الانتقام” من ترامب قبل مغادرته منصبه بسبب مقتل قاسم سليماني، قائد الحرس الثوري الإيراني الذي قُتل في العراق في يناير الماضي في غارة جوية أمريكية، وهو ما أكده العميد أمير علي حاج زاده، قائد القوات الجوية للحرس الثوري ، عندما قال إن خطة الانتقام من الولايات المتحدة “مؤكدة”.
وفيما يتعلق بخطط خفض القوات في أفغانستان ، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن البنتاجون اتخذ هذه الخطوة قبل أن يتولى الرئيس المنتخب بايدن منصبه، ويخشى المسؤولون الأفغان من أن التخفيضات ستشجع طالبان على مواصلة القتال.
وقال مسؤولون أمنيون إنه لولا عشرات الغارات الجوية الأمريكية في الأسابيع الأخيرة، لكانت مدينة قندهار تحت الحصار، بعد أن هدد عناصر طالبان باجتياح العديد من المناطق المحيطة.
والآن مع أوامر ترامب بخفض القوات الأمريكية في أفغانستان إلى 2500 ، أي بمقدار النصف تقريبا ، أصبح مصير قندهار، ومصير قوات الأمن الأفغانية المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، موضع تساؤل مرة أخرى.
ولطالما اعتبر المسؤولون الأفغان الوجود العسكري الأمريكي حافزا حاسما لطالبان للوفاء بوعودها واختيار التفاوض على الحرب.
والآن، ينظر العديد في أفغانستان للانسحاب السريع لترامب باعتباره أوضح إشارة حتى الآن على أن الولايات المتحدة تغادر أفغانستان بغض النظر عما تفعله طالبان، كما أن خطة الانسحاب لها تداعيات تتجاوز أفغانستان بما في ذلك خفض القوات في الشرق الأوسط وأفريقيا.
ففي العراق، انخفض وجود القوات الأمريكية إلى حوالي 3500 عسكري هذا العام، وبموجب الأوامر الجديدة، يقول مسؤولو البنتاجون إنه سينخفض إلى حوالي 2500 في يناير، حيث يأتي ذلك في ظل تزايد النفوذ الإيراني في العراق وكذلك في ظل تزايد عمليات تنظيم داعش هناك.
وفور إعلان البنتاجون الانسحاب، أطلقت قذائف هاون وصواريخ على أماكن عدة في بغداد، بما في ذلك بالقرب من السفارة الأمريكية، وقال مسؤولون إن الهجمات أسفرت عن مقتل طفل وإصابة خمسة مدنيين.
وفي الصومال، تأتي خطة الانسحاب، حيث تواصل حركة الشباب، وهي جماعة إرهابية مرتبطة بالقاعدة، تكثيف هجماتها على الأهداف العسكرية والمدنية في محاولة للزعزعة استقرار البلاد المدعومة من الغرب.
ويقول مسؤولون ومحللون في الصومال إن التخفيض المفاجئ لهذه القوات أو الانسحاب الكامل سيكون نصرا دعائيا لحركة الشباب في هذا الوقت الحرج.
وفي هذا السياق، يقول محلل شؤون الصومال البارز في مجموعة الأزمات الدولية عمر محمود: “فيما يتعلق بتحسين القدرات المحلية وضرب حركة الشباب، لم يتم تحقيق أي من ذلك بالفعل”.
ورغم العديد من التقارير المحذرة من سياسات ترامب خلال الأسابيع القادمة ، يبدو أن الرئيس الخامس والأربعين في تاريخ الولايات المتحدة عازم على المضي قدما في تنفيذها، مطيحا في سبيل ذلك بالعديد من رجال إدارته الذين يتهاوون كأوراق الدومينو بسبب معارضتهم لخططه، ولا يعلم أحد من منهم سيبقى في مكانه حتى موعد التنصيب.
وكان أحدث المقالين في إدارة ترامب ، مدير وكالة الأمن الإلكتروني وأمن البنية التحتية كريس كريبس، وذلك بعد أيام على إقالة وزير الدفاع مارك إسبر.
وجاءت إقالة كريبس، بعد نفيه مزاعم بحصول عمليات تزوير “واسعة النطاق” في انتخابات الرئاسة الأمريكية. ونقلت وسائل إعلام أمريكية عن مسؤولين في إدارة ترامب أن الرئيس الأمريكي قد يقيل أيضا مديرة وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) جينا هاسبل، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي)، كريستوفر راي.
وفي ضوء الغموض الذي يكتنف عملية انتقال السلطة والمخاوف المترتبة على عدم التعاون في قضية مكافحة فيروس كورونا الذي فتك بأكثر من ربع مليون شخص في الولايات المتحدة ، رجح “سيتي بنك” إمكانية أن يبدأ الدولار في الانخفاض بما يصل إلى 20% من قيمته في عام 2021، في حال تم توزيع لقاحات كورونا على نطاق واسع والمساعدة في إحياء التجارة العالمية والنمو الاقتصادي.