“الشورى”.. قرارات تدعم المرأة شملت مختلف مجالات الحياة
منحت حكومة المملكة العربية السعودية اهتمامًا بالغًا بالمرأة، وحرصت على تعزيز مكانتها في المجالات كافة، واتخاذ التدابير التي تكفل لها حماية حقوقها والمشاركة الفعالة في التنمية على مختلف الأصعدة وكل المستويات، ويؤكد ذلك الاهتمام ترؤس المملكة هذا العام لجنة المرأة بجامعة الدول العربية، وتمثيل الدول العربية في لجنة وضع المرأة في الأمم المتحدة من أجل النهوض بالمرأة العربية وتمكينها في مختلف مجالات الحياة.
وشهدت المملكة إصلاحات منهجية من أجل تمكين المرأة وزيادة مشاركتها في سوق العمل وتوليها المناصب القيادية؛ حيث حظيت بالدعم لتؤدي دورها المنوط بها، ومنحت الصلاحيات اللازمة للنهوض بمسؤولياتها تجاه الوطن؛ نظرًا لما تمتلكه من قدرات كبيرة عملية وعلمية؛ إدراكًا من قادة هذه البلاد لأهمية دور المرأة في المجتمع، وبفضل وجود الرغبة الأكيدة لدى قادة المملكة للارتقاء بدورها في القضايا الوطنية إلى جانب شقيقها الرجل، والإيمان الراسخ بأهمية العمل الجماعي لتحقيق الأهداف التي تخدم القضايا الوطنية بصورة عامة وقضايا المرأة بصورة خاصة.
وفي إطار مواكبة مسيرة الإصلاح والتغيير في المجتمع السعودي، بدأت مسيرة انضمام المرأة إلى مجلس الشورى بمبادرة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بإشراك المرأة في المجلس ابتداء من دورته السادسة عام 1434هـ / 2011م خلال افتتاحه أعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة للمجلس لتشارك في صنع القرار الوطني.
وبموجب الأمر الملكي عدلت المادة الثالثة من نظام مجلس الشورى لتصبح كالتالي: “يتكون مجلس الشورى من رئيس و150 عضوًا، يختارهم الملك من أهل العلم والخبرة والاختصاص؛ على ألا يقل تمثيل المرأة فيه عن (20%) من عدد الأعضاء، وتحدد حقوق الأعضاء وواجباتهم، وجميع شؤونهم بأمر ملكي”؛ ليصبح هذا الأمر الملكي نواة للعمل النسائي البرلماني، وليعزز الأدوار التشريعية والرقابية لمجلس الشورى، وتخدم قضايا المرأة والمجتمع في كل المجالات والقطاعات.
وجاءت مشاركة المرأة في مجلس الشورى؛ تعزيزًا لمكانتها في المجتمع وتطويرًا لمهاراتها، بالإضافة إلى تعزيز وتوظيف جزء من طاقات المجتمع في سبيل تحقيق التنمية الشاملة في الدولة.
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حراك لا يهدأ في ملف تمكين المرأة ومشاركتها، فالاهتمام بالمرأة بات أولوية في سياسة حكومة المملكة؛ وهذا ما أكده في كلمته السنوية بمجلس الشورى: “سنواصل جهودنا في تمكين المرأة السعودية ورفع نسب مشاركتها في القطاعين العام والخاصة، ونشير بكثير من الاعتزاز لارتفاع نسبة مشاركة المرأة من 19.4% بنهاية عام 2017 إلى 23.2% بنهاية النصف الثاني من عام 2019.
وانطلق مجلس الشورى من خلال دوره التشريعي والرقابي، إلى دعم المرأة وتمكينها من خوض معترك التنمية؛ من خلال ما أقره من قرارات وأنظمة تخدم المجتمع السعودي والمرأة بشكل خاص؛ بوصفها مكونًا رئيسيًّا في المجتمع؛ حيث درس المجلس في دورته السابعة عددًا من الموضوعات ذات الصلة المباشرة بالمرأة؛ ومنها التي تناولها في قراراته الخاصة بالتقارير السنوية للأجهزة الحكومية أو مقترحات قدّمها أعضاؤه استنادًا للمادة 23 من نظام المجلس أو في مجالي الأنظمة واللوائح أو الاتفاقيات والمعاهدات الدولية.
ففي مجال العمل والإعداد لبيئة العمل؛ بلغ عدد القرارات أكثر من (23) قرارًا، تضمّن أبرزها مطالبة وزارة الخدمة المدنية بفتح مجالات مناسبة للعمل في الأجهزة الحكومية، وحصر المشكلات المتعلقة بتوظيف المرأة، كما طالب المجلس وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بتوفير مقومات بيئة العمل الآمنة للمرأة في القطاع الخاص؛ فيما دعا مجلس الشورى هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية إلى تشجيع النساء على الاستثمار في المدن الصناعية وتشجيع توظيف السعوديات.
كما طالَبَ مجلس الشورى، الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء بفتح أقسام نسائية مستقلة، وتعيين المتخصصات المؤهلات للفتيا بها، مع توفير المتطلبات البشرية والمادية اللازمة لذلك، كما طالب المجلس في قراره الرئاسة العامة بإشراك الأكاديميات المتخصصات في العلوم الشرعية في بعض أعمالها، كالاستكتاب في البحوث والمشاركة في الأنشطة العلمية، وفي قرار آخر طالب المجلس وزارة العدل بتخصيص عدد من الوظائف النسائية كاتبات عدل، ومستشارات اجتماعيات بمراكز الإصلاح.
ودعا المجلس، هيئة حقوق الإنسان بتكثيف الجهود لتمكين المرأة في تولي الوظائف القيادية في الهيئة.
واحتل مجال حماية حقوق المرأة حيزًا من اهتمام مجلس الشورى؛ حيث تَضَمّن أكثر من (15) قرارًا؛ فقد طالب المجلس وزارة العدل بإعداد لائحة لحقوق المطلقة تحفظ حقوقها وحقوق أطفالها، وتنظم حقوق المطلقات والأطفال، في ظل تزايد عدد حالات الطلاق، وتعريف النساء بحقوقهن بعد الطلاق، من نفقة وحضانة وما يتعلق بها من إجراءات إدارية وتنظيمية، كما طالب وزارة العدل بتنفيذ برامج تثقيفية لتوعية النساء بحقوقهن الشرعية والقانونية، ووافق المجلس في قرار آخر على إنشاء مجلس أعلى لشؤون الأسرة، وأيد في قرار آخر ضرورة حصول المرأة على بطاقة أحوال مدنية في خطة متدرجة؛ لضمان حصول جميع السعوديات عليها، وطالب المجلس في أحد قراراته وزارة الشؤون البلدية والقروية باتخاذ التدابير اللازمة لإشراك المرأة كناخبة في المجالس البلدية؛ فيما وافق المجلس على انضمام المملكة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة.
واهتم مجلس الشورى في مجالات متعددة تخص المرأة منها قراره الذي طالَبَ فيه وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالاهتمام بالمرأة المعيلة لأسرتها؛ وذلك بزيادة مخصصها من الضمان الاجتماعي ومساندتها فيما يحقق استقرارها الاجتماعي والأسري، وطالب بمساواة المواطنة بالمواطن في جميع شروط الحصول على القرض كالسن والحالة الزوجية وغير ذلك، وفي قرار آخر أصدره ضمن موافقته على مشروع الاستراتيجية الوطنية للإسكان طالَبَ المجلس بإيضاح آليات توفير المساكن لذوي الاحتياجات الخاصة والأرامل والأيتام والمطلقات بدون عائل ضمن متن الاستراتيجية.
ودعا المجلس في قرار آخر على وزارة دعم الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في تنفيذ البرامج والمشروعات التي تعالج قضايا المجتمع مثل قضايا المرأة وحمايتها من العنف والطلاق وما يترتب عليه من آثار مدمرة على الأبناء والأسر.
وفيما يخص تعليم المرأة طالب المجلس بتخصيص مقاعد دراسية في الجامعات والكليات والمعاهد وتخصيص وظائف لأبناء المطلقات والأرامل وذوي الإعاقات من المستفيدين من الضمان الاجتماعي، وطالب برفع الطاقة الاستيعابية لقبول المتقدمات في معاهد وكليات المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب التقني والتوسع في افتتاح تخصصات وبرامج مهنية تتوافق مع طبيعة المرأة ورغبتها وحاجة سوق العمل، وطالب المجلس في أكثر من قرار على أهمية تفعيل الرياضة النسائية سواءً من خلال تقارير الهيئة العامة للرياضة أو وزارة التعليم إضافة إلى مطالبته بوضع سياسة وطنية لصحة المرأة.
وتعد عضوة مجلس الشورى، هي المرأة التي تعكس إلى الخارج ذلك العالم الداخلي للإنسان السعودي؛ مما يؤكد أهمية دور المرأة البرلمانية في تعزيز حقوق المرأة بما يكفل المساواة بين الرجل والمرأة، وتدعم التعديلات والأنظمة التي تدعم تمكين المرأة في سوق العمل كان أبرزها التعديل على نظام التأمينات الاجتماعية لمساواة سن التقاعد بين النساء والرجال، والتعديل الذي أتاح للموظفة إجازة وضع بكامل الراتب مدتها (70) يومًا وغيرها من التعديلات. كما تم إصدار التنظيم الموحد لبيئة العمل في منشآت القطاع الخاص ووضع ضوابط تشغيل العاملين والعاملات في كل الأنشطة.
وشاركت المرأة بفاعلية في أعمال مجلس الشورى ولجانه ومشاركاته الداخلية والخارجية، وأثبتت وجودها وحضورها على مختلف الأصعدة؛ مما مكنها من تبوؤ مراكز قيادية في العمل الشوري والبرلماني؛ حيث رشحت عدد من عضوات المجلس لرئاسة بعض لجان مجلس الشورى المتخصصة أو نائبة لرئيس.
وجاء الأمر الملكي الذي صدر مؤخرًا بتعيين الدكتورة حنان بنت عبدالرحيم الأحمدي، مساعدًا لرئيس مجلس الشورى تقديرًا من القيادة للدور المتنامي والمهم للمرأة السعودية في مجلس الشورى وفي مختلف قطاعات الدولة وتحقيقًا لأهداف رؤية المملكة 2030؛ كون المرأة أحد الأركان المهمة في المجتمع وبناء مستقبل الوطن.
وعلى صعيد الدبلوماسية البرلمانية، عزز مجلس الشورى حضور عضوات المجلس الفاعل في المحافل البرلمانية والدبلوماسية، وتمثيل المملكة في العديد من الاجتماعات والمؤتمرات البرلمانية السنوية التي ينظمها الاتحاد البرلماني الدولية، وحازت بعض عضوات الشورى على عضوية اللجان البرلمانية مثل لجنة شؤون الأمم المتحدة، ولجنة التجارة والتنمية المستدامة بالاتحاد البرلماني الدولي.
كما انتخب البرلمان العربي في جلسته التي عقدها مؤخرًا في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، عضو مجلس الشورى الدكتورة مستورة بنت عبيد الشمري رئيسًا للجنة الدائمة للشؤون الاجتماعية والتربوية والثقافية والمرأة والشباب في البرلمان.