أسعار النفط تتراجع .. ضغوط وتوترات في الأسواق من إجراءات العزل الأوروبية والانتخابات الأمريكية
أججت إجراءات عزل عام جديدة في أوروبا لوقف ارتفاع الإصابات بكوفيد – 19 المخاوف بشأن توقعات الطلب، بينما تظل أسواق النفط في حالة من التوتر بفعل عمليات فرز الأصوات في الانتخابات الأمريكية المستمرة لفترة طويلة.
ووفقا لـ”رويترز”، هبط خام غرب تكساس الوسيط 1.06 دولار أو ما يعادل 2.7 في المائة، إلى 37.73 دولار للبرميل بحلول الساعة 05:38 بتوقيت جرينتش، بعد أن نزل 0.9 في المائة، أمس الأول، وتراجع خام برنت 1.05 دولار أو ما يعادل 2.6 في المائة، إلى 39.88 دولار، بعد أن هبط 0.7 في المائة، في الجلسة السابقة.
وسجلت إيطاليا أكبر عدد يومي من الإصابات أمس الأول، وارتفعت الحالات بما لا يقل عن 120 ألفا و276 حالة في الولايات المتحدة، وهو ثاني أعلى معدل قياسي يومي على التوالي مع انتشار التفشي في أنحاء البلاد.
وقال جيفري هالي كبير محللي السوق لدى “أواندا”، “تصاعد كوفيد – 19 في أنحاء أوروبا والولايات المتحدة من المرجح أن يوجه ضربة إلى الاستهلاك”، مضيفا “في ظل غياب دليل ملموس على أن “أوبك+” تتحرك صوب إبطاء أو عكس وتيرة زيادات الإنتاج، فإن اختلال التوازن بين العرض الطلب يحد موجة ارتفاع النفط التي بدأت قبل الانتخابات”.
وخفضت المفوضية الأوروبية أيضا توقعاتها الاقتصادية وتنبأت بأن الاتحاد الأوروبي لن يشهد انتعاشا إلى مستويات ما قبل الفيروس حتى 2023. ويظهر فرز واتجاهات الأصوات في الانتخابات الأمريكية أن الجمهوريين سيحتفظون بالسيطرة على مجلس الشيوخ، بينما من المتوقع أن يحصل الديمقراطيون على أغلبية ضئيلة في مجلس النواب، ما يبدد الآمال في حزمة تحفيز كبيرة، وهو عامل آخر يضغط على النفط.
وباتت أوروبا في الأسابيع الأخيرة مركزا للوباء وتشهد أسرع انتشار له في العالم ويسجل فيها أكبر عدد من الإصابات، وأحصت أكثر من 11.6 مليون إصابة نصفها في روسيا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا، وقرابة 294 ألف وفاة.
وأكد هانس كلوجه المدير الإقليمي في أوروبا لمنظمة الصحة العالمية أن أوروبا تشهد راهنا “طفرة” في عدد الإصابات مع تسجيل “مليون إصابة إضافية خلال أيام قليلة فقط” فيها و”نشهد أيضا زيادة تدريجية في الوفيات”.
وأضاف أنه “مع تعميم وضع الكمامة والرقابة الصارمة على التجمعات، يمكننا إنقاذ حياة أكثر من 261 ألف شخص بحلول شباط (فبراير) في أوروبا”.
وفي فرنسا، التي أعادت فرض إجراءات عزل منذ 30 تشرين الأول (أكتوبر) قال جيروم سالومونفإن المدير العام للصحة “إن الموجة الثانية حادة وتنتشر بسرعة”، مع تسجيل 58 ألف إصابة جديدة في الساعات الـ24 الماضية.
وأعلنت آن إيدالجو رئيسة بلدية باريس التي عدت الوضع “مقلقا للغاية” أمس الأول، إغلاق بعض متاجر بيع المشروبات ومحال البقالة ومطاعم الوجبات الجاهزة بدءا من الساعة 21:00 بتوقيت جرينتش، في المدينة وضواحيها.
أما الصين، فقررت منع دخول المسافرين الأجانب الآتين من فرنسا ونحو عشر دول أخرى، من الأكثر تضررا بالوباء، وتسعى الدولة الآسيوية العملاقة إلى تجنب عودة الوباء إلى أراضيها.
وقال الرئيس دونالد ترمب، دون تقديم دليل، في وقت متأخر من الخميس “إنه سيفوز بالانتخابات إذا أحصيت الأصوات القانونية”، في أحدث مسعى يلقي بظلال من الشك على الفرز المستمر الآن لليوم الثالث.
ومن المتوقع أن ترجئ منظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” وحلفاء من بينهم روسيا، فيما يعرف باسم مجموعة “أوبك+” إعادة مليوني برميل يوميا من الإمدادات في كانون الثاني (يناير)، بالنظر إلى انخفاض الطلب جراء إجراءات العزل العام الجديدة المرتبطة بكوفيد – 19.
وتلقت السوق بعض الدعم، إذ انخفضت مخزونات النفط الخام الأمريكية الأسبوع الماضي، على الرغم من أن معظم الانخفاض يعزى إلى توقف الإنتاج مع اجتياح إعصار آخر منطقة خليج المكسيك.
وأكدت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، الأربعاء، أن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة هبطت بشكل كبير الأسبوع الماضي في حين ارتفعت مخزونات البنزين وانخفضت مخزونات نواتج التقطير.
وتراجعت مخزونات الخام ثمانية ملايين برميل في الأسبوع المنتهي في 30 تشرين الأول (أكتوبر) مقارنة بتوقعات محللين في استطلاع لـ”رويترز” زيادة 890 ألف برميل.
وقالت إدارة معلومات الطاقة “إن مخزونات الخام في مركز التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما زادت 936 ألف برميل”، مضيفة أن “استهلاك الخام في مصافي التكرير زاد بمقدار 164 ألف برميل يوميا، كما ارتفعت معدلات تشغيل المصافي 0.7 نقطة مئوية”.
وأشارت أيضا إلى أن مخزونات البنزين ارتفعت 1.5 مليون برميل مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع لـ”رويترز” لانخفاض قدره 871 ألف برميل. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة نزول مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 1.6 مليون برميل مقابل توقعات لانخفاض قدره مليونا برميل. كما ارتفع صافي واردات الولايات المتحدة من الخام 560 ألف برميل يوميا.
وكان معهد أكسفورد لدراسات الطاقة أشار أخيرا، إلى تضاعف الطلب الصيني على النفط خلال العقدين الماضيين ثلاث مرات تقريبا، من 4.7 مليون برميل يوميا في 2000 إلى نحو 14.1 مليون برميل في اليوم في 2019، ليسهم بنحو ثلث النمو في إجمالي الطلب العالمي سنويا.
وتوقع المعهد في تقريره المشترك مع منظمة “أوابك”، أن تواصل الصين قيادتها قاطرة نمو الطلب العالمي على النفط في المستقبل، مع ترجيحات بتجاوز الاقتصاد الصيني نظيره الأمريكي كأكبر اقتصاد عالمي في المستقبل القريب. وذكر التقرير أنه على الرغم من مواطن النمو الكامنة في الاقتصاد الصيني، الذي لا يتجاوز فيه حجم استهلاك الفرد من النفط فيها ثلث نظيره في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، إلا أن وتيرة النمو في استهلاك الصين من النفط خلال العقدين المقبلين يتوقع أن تنخفض كثيرا عن نظيرتها للعقدين الماضيين.
وتابع أنه “في الوقت الذي ارتفع فيه استهلاك الصين من النفط بنحو 9.4 مليون برميل في اليوم خلال العقدين السابقين، فلا يتوقع أن يزيد حجم الزيادة في استهلاك الصين من النفط خلال العقدين المقبلين على ثلاثة إلى أربعة ملايين برميل يوميا.
وأرجع أسباب ذلك إلى التحولات الهيكلية التي يمر بها الاقتصاد الصيني المتمثلة في تعزيز انتقاله إلى اقتصاد مدعوم بالاستهلاك المحلي، بدلا من اقتصاد معتمد على قطاع التصدير، فضلا عن جهود السياسات الصينية الوطنية الرامية إلى الحد من تلوث الهواء وتقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
وبين التقرير أنه نظرا إلى أهمية الصين كمؤثر رئيس في الطلب العالمي على النفط، فإن تقليص نطاق الضبابية في توقعات حجم الاستهلاك المستقبلي المقدر بنحو مليون برميل، بترجيح توقعات الزيادة في الطلب الصيني، أمر بالغ الأهمية للأسواق العالمية.
من جانب آخر، ارتفعت سلة خام “أوبك” وسجل سعرها 39.09 دولار للبرميل الأربعاء مقابل 38.44 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول “أوبك” أمس الأول، “إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة، حقق ثاني ارتفاع له على التوالي، وإن السلة كسبت نحو دولار واحد مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 38.42 دولار للبرميل”.