المحلية

تعرف على جهود ترشيد استهلاك المياه في أرامكو السعودية

يرى الكاتب وليد الملحم كبير مهندسي البترول في أرامكو السعودية في قسم هندسة وتطوير البترول، والذي يشرف على إدارة المكامن، ومحاكاة المكامن ووصفها، والاحتياطيات وتخطيطها، بالإضافة إلى الإنتاج وتطوير المرافق؛ أن الحفاظ على المياه موضوع يربطه القليل من خارج صناعة الطاقة بشكل طبيعي بإنتاج النفط والغاز، ويركز النقاش حول استدامة الطاقة عادةً على انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

ومع ذلك، بحسب الملحم، فإن كلا هذين العنصرين مترابطان إلى حد كبير. على سبيل المثال يعد ارتفاع درجات الحرارة العالمية أحد التهديدات الرئيسة للأمن المائي لاسيما في البلدان الحارة؛ حيث تكون الإمدادات من هذا المورد الثمين محدودة بالفعل.

وأضاف الملحم: في الواقع يعتبر البنك الدولي ندرة المياه أحد أكبر المخاطر على التقدم الاقتصادي، والقضاء على الفقر والتنمية المستدامة على الصعيد العالمي، مع إبراز أن تسعًا من كل 10 كوارث طبيعية لها علاقة بالمياه.

ويتطلب كوكبنا نفس الالتزام بالحفاظ على المياه كما هو مطبق على مكافحة تغير المناخ. ويجب أن تتخذ الصناعات إجراءات لتقليل كمية المياه التي تستخدمها في عملياتها.

ومع جذورها في المناخ الصحراوي في المملكة العربية السعودية، أدركت أرامكو منذ فترة طويلة أهمية الحفاظ على المياه منذ مرحلة مبكرة، وكانت إدارة المياه ركيزة أساسية في استراتيجية الشركة طويلة المدى، إلى جانب الإدارة المسؤولة لموارد النفط ونشر التقنيات الجديدة.

ونتيجة لذلك، وفق الملحم، يبلغ متوسط نسبة زيت الماء (WOR) 0.4 ، وهو أقل بكثير من المتوسط العالمي وتتبنى الشركة نهجًا متكاملًا في عملياتها لضمان أن أرامكو لا تنتج الزيت بانبعاثات منخفضة من ثاني أكسيد الكربون فحسب، بل تحافظ أيضًا على المياه، وخاصة المياه الجوفية – المياه المستخدمة في مجموعة من الأنشطة الأساسية مثل الزراعة ومياه الشرب للاستخدام العام.

وتتمثل إحدى الطرق التي تتجنب بها الشركة إهدار هذا المورد الثمين في استخدام مياه البحر كمصدر رئيس للمياه في أرامكو لدعم الضغط و”مسح” خزانات النفط، ولدى الشركة مصنع متخصص، ومحطة مياه البحر في القرية، والذي يمكنه معالجة 14 مليون برميل من مياه البحر يوميًّا لحقن الخزان.

وتابع: في المواقع التي لا تتوفر فيها مياه البحر بسهولة، يتم النظر في معالجة إضافية. في خريص على سبيل المثال تقوم أرامكو ببناء منشأة تناضح عكسي لمياه البحر بطاقة 60 ألف برميل يوميًّا، وإنهاء استخدام المياه الجوفية غير الصالحة للشرب في عمليات المحطة.

ومن أحدث الأساليب المبتكرة استخدام مياه البحر للعمليات في حقل الغاز غير التقليدي في أرامكو الجافورة، وفق الملحم، وهو أحد أكبر حقول الغاز غير المصاحب في المملكة العربية السعودية.

وسيتم بناء مرفق مخصص لمعالجة مياه البحر لتوفير جميع المياه اللازمة لعمليات الحفر، وتجنب الحاجة إلى استنفاد إمدادات المياه الجوفية العذبة.

ودفعت أرامكو الظرف من أجل تطوير تقنية نمذجة المكامن داخليًّا، وطورت POWERS ، محاكي خزان حجر الزاوية، الذي تم نشره لأول مرة في عام 2000، من خلية ضخمة إلى خلية جيجا (GigaPOWERS)، والآن إلى أول جهاز محاكاة تريليون خلية في الصناعة TeraPOWERS. ويساعد ذلك في صياغة خطط تطوير الحقول الأكثر مثالية؛ مما يقلل من إنتاج المياه في العملية.

وأكد الملحم أنه من خلال مثل هذه الأساليب يمكن لأرامكو إنتاج النفط والغاز بانبعاثات منخفضة من ثاني أكسيد الكربون لكل برميل.

ووجد التدقيق الخارجي لعام 2018 أن كثافة الكربون المنبع للشركة كانت 10.2 كجم لكل برميل من النفط، وهو أقلّ بكثير من متوسط الصناعة البالغ 18 كجم.

ووجد تصنيف منفصل نُشر في مجلة Science في نفس العام، أن المملكة العربية السعودية لديها ثاني أقلّ كثافة كربونية بين 50 دولة تم تحليلها.

بشكل عام، بحسب الملحم، يجب على صناعة الطاقة أن تبحث باستمرار عن طرق جديدة لتحسين أدائها المائي كجزء من التزام أوسع بتغير المناخ. ويشمل ذلك مبادرات مثل الاستثمار في صيانة الآبار وحفر إعادة الدخول، وهي عملية لتوفير المياه استثمرت فيها أرامكو ما يزيد قليلًا على مليار دولار العام الماضي.

ومن الضروري أيضًا استخدام عمليات الإكمال الذكية، مثل أجهزة التحكم في التدفق (ICDs) وصمامات التحكم في التدفق لإدارة وتقليل إنتاج المياه.

وتؤدي هذه التقنية إلى تقليل استهلاك الطاقة وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتقليل النفايات؛ مما دفع أرامكو إلى استثمار 860 مليون دولار في أجهزة ICD في عام 2019.

مثال آخر يضربه الملحم هو أحدث تقنيات التسجيل أثناء الحفر وتدفقات العمل، والتي تتيح توجيهًا جغرافيًّا دقيقًا للجوانب الأفقية في مناطق الزيت الرقيقة بعيدًا عن فترات تحمل الماء.

وفي الوقت نفسه كما يرى، فإن تبني الآبار متعددة الأطراف وذات الاتصال الأقصى بالخزانات له فوائد تمتد إلى ما هو أبعد من إنتاجية الآبار، كما أنها تقلل أيضًا من انبعاثات الكربون عن طريق تقليل عدد الآبار المطلوبة لتطوير الحقول.

وهناك أيضًا فوائد اقتصادية لشركات الطاقة التي نجحت في تقليل البصمة المائية؛ على سبيل المثال أنفقت أرامكو 7.5 دولارات لكل برميل من المكافئ النفطي (BOE) على عمليات التنقيب والإنتاج في عام 2018، مقارنة بمتوسط 26.9 دولارًا أمريكيًّا لكل برميل نفط لشركات النفط الدولية الرئيسة الخمس الأخرى.

وينبع فرق التكلفة من مجموعة من العوامل بما في ذلك التكنولوجيا وجودة الخزان والظروف الجغرافية ومتطلبات معالجة السوائل المنخفضة.

وبالنسبة إلى أرامكو يتمثل الهدف في متابعة مبادرات الحفاظ على المياه باستمرار نحو هدف الحفاظ على المياه الجوفية في المملكة العربية السعودية للأجيال القادمة.

ولا يمكن تحقيق هذا الطموح وفق الملحم إلا من خلال تبنّي الابتكار والتكنولوجيا؛ مما يعزز مكانة أرامكو كشركة رائدة في استخراج الهيدروكربونات من حيث عدم تعزيز استراتيجيات التطوير والإنتاج المتقدمة.

هذه المحركات تجعل أرامكو موردًا موثوقًا للنفط بأقل تكلفة للبرميل، وواحدة من أقل كثافة الكربون في العالم، وسجلًّا حافلًا في الحفاظ على المياه في صناعة الطاقة.

1

2

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى