ميزانية “كورونا”.. هل تفتح ملفات من أين لك هذا؟
فتحت الحرب على الفساد، التي بدأتها القيادة أمس بآلية مغايرة، وأطاحت بنحو 11 أميرًا، و38 وزيرًا ونائب وزير ومسؤولاً، ملفات فساد كثيرة، رأت الدولة أنها تضر بالصالح العام، وتهدد حياة المواطنين وتربك خطط التنمية، لعل أبرز هذه الملفات “مرض كورونا”، الذي ظهر في المملكة عام 2012، وحصد أرواح 703 أشخاص، من بين إجمالي 1741 أصيبوا به، وتم شفاء 1029 مريضًا، ومازال 9 تحت الملاحظة الطبية.
وستركز التحقيقات على آلية صرف ميزانية قوامها يتجاوز 263 مليار ريال في خمسة أعوام داخل أروقة وزارة الصحة، وأسباب فشل هذه المبالغ في الحد من انتشار “كورونا” في المملكة دون سواها، وستفتح ملفات “من أين لك هذا؟!، حيث لم تجد الميزانيات الضخمة المصروفة حلاً للفايروس الذي وُصف بأنه الأكبر والأعلى، بالمقارنة مع نسب انتشار المرض “المتواضعة” في الدول المجاورة، سواء في قارة آسيا أو إفريقيا.
وشكل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أمس لجنة عليا لمكافحة الفساد، برئاسة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وقررت اللجنة إعادة فتح ملف سيول جدة والتحقيق في قضية وباء كورونا. ومنح القرار الملكي اللجنة، صلاحيات حصر المخالفات والجرائم والأشخاص والكيانات ذات العلاقة في قضايا الفساد العام، وإجراء التحقيق وإصدار أوامر القبض والمنع من السفر، وكشف الحسابات والمحافظ وتجميدها وتتبع الأموال والأصول، ومنع نقلها أو تحويلها من قِبل الأشخاص والكيانات أيًا كانت صفتها، وللجنة الحق أيضًا في اتخاذ أي إجراءات احترازية تراها، حتى تتم إحالتها إلى جهات التحقيق أو الجهات القضائية بحسب الأحوال. كما يحق للجنة اتخاذ ما يلزم مع المتورطين في قضايا الفساد العام، واتخاذ ما تراه بحق الأشخاص والكيانات والأموال والأصول الثابتة والمنقولة في الداخل والخارج، وإعادة الأموال للخزانة العامة للدولة، وتسجيل الممتلكات والأصول باسم عقارات الدولة، ولها تقرير ما تراه محققًا للمصلحة العامة خصوصًا مع الذين أبدوا تجاوبهم معها.
وتولى قيادة وزارة الصحة، منذ ظهور المرض في المملكة عام 1433هـ، وحتى الآن خمسة وزراء، وهم الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة (1430 هـ – 1435هـ)، والمهندس عادل فقيه مكلفًا (1435 هـ – 1436هـ)، والدكتور محمد بن علي آل هيازع (1436 هـ – 1436هـ)، وأحمد الخطيب (1436 هـ – 1436هـ)، ومحمد بن عبد الملك آل الشيخ مكلفًا (1436 هـ – 1436هـ)، والمهندس خالد الفالح (1436 هـ – 1437هـ)، وأخيرًا الدكتور توفيق الربيعة (1437 هـ – حتى الآن).
وخصصت المملكة ميزانيات طائلة لتأمين خدمات صحية راقية للمواطنين، بلغ إجمالها في فترة ظهور المرض نحو 263.3 مليار ريال، أنفقت في التعاقد مع أمهر الأطباء، وجلب أحدث الأجهزة الطبية وأفضل الأدوية، من أجل توفير خدمة علاجية نموذجية على مدار الساعة.
وترى المملكة أن مخصصات وزارة الصحة هي الدعامة الأساسية للموارد الصحية السنوية، وتدعم حكومات المملكة المتعاقبة، من خلال خطط التنمية الخمسية، وزارة الصحة بنسب ضخمة، من الميزانية العامة للدولة كل عام، وأخذت مخصصات وزارة الصحة في الارتفاع عامًا بعد آخر منذ العام 1432/ 1433هـ. حيث بلغت المخصصات في هذا العام 39.8 مليار ريال، وفي عام 1433/1434 بلغت 47 مليار ريال، وفي عام 1434/1435 بلغت 54.3 مليار ريال، وفي عام 1435/1436 بلغت 59.9 مليار ريال، وفي ميزانية عام 1436/1437 بلغت 62.3 مليار ريال.
ولم تنجح هذه الميزانيات، على ضخامتها في وقف خطورة “كورونا” وانتشاره الكاسح في مناطق المملكة، وظل المرض يخمد أحيانًا وينشط أحيانًا أخرى، دون التوصل إلى آلية لوقف انتشاره والتوصل إلى علاج له.
ويُنتظر أن يكشف التحقيق في ملف “كورونا” عن مفاجآت وعمليات فساد ضخمة، أدت إلى استفحال المرض وانتشاره بهذه الصورة المخيفة، التي كانت محل اهتمام منظمة الصحة العالمية. وسبق لهذه المنظمة أن وجهت انتقادات لوزارة الصحة السعودية، في تخبئة معلومات مهمة عن تاريخ المرض في البلاد، وإحصائية شاملة بضحاياه، وتوضيح خريطة انتشاره في المناطق المختلفة، وهي ـ على ما يبدو ـ كانت السبب في انتشار المرض بهذه الصورة، وعدم التوصل إلى خطط علاجية، لوقف انتشاره ومواصلة حصد الأرواح.