جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تسلط الضوء على دور الذكاء الاصطناعي في توقع ومكافحة الأوبئة
عقدت جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، أول جامعة على مستوى العالم للدراسات العليا المتخصصة ببحوث الذكاء الاصطناعي، مؤخراً جلسة عبر الإنترنت ضمن سلسلة جلسات MBZUAI Talks، ناقش فيها الدكتور محمد يعقوب، أستاذ مساعد في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وزميل البحوث في “جامعة أوكسفورد”، دور الذكاء الاصطناعي في مكافحة وباء “كوفيد-19″، إضافة إلى كيفية تسخيره للمساهمة في رصد الأوبئة مستقبلاً والحد من انتشارها.
وأكّد الدكتور يعقوب، على الدور المتنامي الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي والبحوث الأكاديمية كأدوات بالغة الأهمية على صعيد التصدي لوباء “كوفيد-19” والحد من تداعيات الأوبئة في المستقبل. فقد ساهمت أزمة “كوفيد-19” المتواصلة في تسليط الضوء على ضرورة التهيؤ لمثل هذه الحوادث التي تترك تأثيراً هائلاً على المجتمع ككل وتتسبب بتعطل الكثير من مفاصل الحياة.
وتعد الجلسة التي عقدت تحت عنوان “دور الذكاء الاصطناعي في مكافحة وباء كوفيد-19” ثاني جلسات “MBZUAI Talks”، وهي سلسلة حوارات مفتوحة وغنية بالمعلومات يشارك فيها خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي بهدف تعريف الجمهور بالذكاء الاصطناعي وبقدرته على إحداث نقلة نوعية في طريقة حياتنا وعملنا.
واستعرض الدكتور يعقوب عدّة حلول مبتكرة تسخّر تقنيات الذكاء الاصطناعي للمساهمة في رصد الأوبئة والاستجابة لها والتعافي منها، كما ناقش دور الذكاء الاصطناعي في توقع الإصابات المستقبلية وتيسير حلول الرعاية الصحية وتسريع وتيرة تطوير البحوث الرامية لفهم ومعالجة فيروس كوفيد-19 وتقييم الإجراءات اللازمة التي ينبغي على الدول اتخاذها لإدارة الأزمات بشكل فعال.
وفي هذا السياق، قال الدكتور يعقوب: “يتمتع الذكاء الاصطناعي بالقدرة على تسريع وتيرة التعافي من الأوبئة، فقد لعب خلال أزمة كوفيد-19 دوراً محورياً في الحد من تداعيات الوباء على قطاع الرعاية الصحية وأبعاده الأخرى التي طالت الحياة الاجتماعية والاقتصادية و صناعة القرارات السياسية. وبينما يواجه العالم كثيراً من التحديات في معركته مع وباء كوفيد-19، يمكن للتقدم الذي تشهده حلول الذكاء الاصطناعي أن يسهم بدور مؤثر في التنبؤ بالأوبئة المستقبلية واكتشافها وعلاجها”.
وعلى صعيد وباء كوفيد-19، تناول الدكتور يعقوب كيفية استفادة العديد من الشركات من الذكاء الاصطناعي، ونجاحها في تسليط الضوء على الارتفاع الاستثنائي في حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي في ووهان في اليوم الذي سبق إعلان الصين عن الفيروس الجديد. فقد استخدمت الشركات خوارزمياتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي لتمييز الأنماط غير الاعتيادية عبر البحث في المصادر الإخبارية وشبكات التواصل الاجتماعي. وأشار الدكتور يعقوب إلى أن جمع المزيد من البيانات من مصادر أخرى مثل سجلات المستشفيات وبيانات الطيران يتيح للذكاء الاصطناعي أن يضطلع بدور أكبر كأداة للتتبع بشكل أدق في المستقبل.
وأوضح الدكتور يعقوب الفائدة التي عادت بها عملية إعادة توظيف الأدوية بدعمٍ من الذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل التقدم التقني الهائل في مجالات الذكاء الاصطناعي والنمو في قوة الحوسبة، والذي يتيح دراسة ومحاكاة تأثير استخدام الأدوية المتوفرة حالياً لمكافحة أمراض أخرى لعلاج مرضى كوفيد-19. فمثلاً، أظهرت الدراسات أن الذكاء الاصطناعي ساعد في رصد دواء “باريسيتينيب” (Baricitinib) المخصص لعلاج التهاب المفاصل الروماتويدي كعلاج محتمل للمرض، كما أثبتت التقنية أنها أداة مهمة في مجال التنبؤ بطفرات الفيروس والتي قد تساعد في ابتكار لقاح فعال ضد كوفيد-19 حتى مع تطور الفيروس.
ومن حيث تتبع الإصابات، فإن أدوات التتبع القائمة على الذكاء الاصطناعي تعتمد على معالجة البيانات من مصادر متعددة مثل الاتصالات من هاتف لآخر عبر تقنية البلوتوث؛ والموقع الجغرافي، وسجلات المستشفيات؛ ومعلومات رحلات الطيران ومعاملات بطاقات الائتمان. ونوّه الدكتور يعقوب إلى إمكانية استخدام تسخير الذكاء الاصطناعي لهذه البيانات لتوفير سبل أكثر تطوراً وكفاءة لتتبع مسار الإصابات. فعند تأكيد الفحوصات لإصابة أحد ما بالوباء مثلاً، يمكن استخدام بيانات البطاقة الائتمانية لتحديد المتاجر أو المطاعم التي زارها والأشخاص الذين خالطهم، مما يساعد في تتبع مسار انتشار الفيروس.
وفي ما يخص التوقعات المستقبلية، قال الدكتور يعقوب إن الذكاء الاصطناعي قد يشكل أداة قيّمة في صناعة السياسات وتخطيط السيناريوهات، موضحاً دور الذكاء الاصطناعي في مساعدة صنّاع السياسات على محاكاة السيناريوهات والتنبؤ بالتداعيات الاقتصادية والاجتماعية للسياسات أو الإجراءات أو الأحداث بعينها. فمثلاً، يمكن لنماذج الذكاء الاصطناعي أن تساعد في التنبؤ بنقص الغذاء وبالتداعيات اللاحقة على الاقتصاد وسلسلة التوريد، وبالتالي تمكين صنّاع القرار من استباق هذه المشكلات والحد من تأثيرها.