المحلية

الكهوف العُمانية .. كنوز طبيعية تجذب السائح بأسرارها الغامضة

تأخذ الكهوف العُمانية الزائر في رحلة آسرة لسبر أغوار الزمن من منظور جديد يعبق بالأساطير والقصص الشيّقة التي تمزج بين الحقيقة والخيال. وشكلت الكهوف، منذ آلاف السنين، كنزاً طبيعياً وجيولوجياً وتاريخياً يُضاف إلى الغني البيئي والحضاري والثقافي الذي تتفرّد به السلطنة، سيّما وأنها تحتضن رسوم أثرية تسرد حكايا حضارات متجذرة في عمق التاريخ. وتستقطب الكهوف، بتنوع أشكالها وأحجامها وتكويناتها الجغرافية، اهتماماً بالغاً لتصبح اليوم معلماً سياحياً جاذباً للباحثين عن تجربة غامضة مليئة بالتشويق والمغامرة لاكتشاف عجائب الطبيعة المدفونة تحت الأرض.
وتتميز سلطنة عُمان باحتضان واحدةً من أنظمة الكهوف الأروع في العالم، والتي تجذب المستكشفين والمغامرين وهواة وعلماء الآثار لخوض تحدي اكتشاف المساحات الضيقة والمعتمة، والتعرف على المنحوتات الجيرية والأعمدة المتراصة والصواعد والهوابط التي تشكلت بفعل عوامل التآكل المتعددة متخذةً أشكالاً غريبة تأسر الألباب. ولا تكتمل تجربتك السياحية الفريدة في عُمان دون الاستمتاع برونق الكهوف العُمانية، والتي نستعرض وإياكم أبرز خمسة تمثل بمجملها عجائب طبيعية ساحرة للأنظار.
كهف مجلس الجن .. جنة الأساطير
يبرز “كهف مجلس الجن” كواحد من كبار الكهوف الجوفية في العالم، متربعاً كلؤلؤة ثمينة في قلب التلال الشيقة عند سفوح جبال الحجر الشرقية، ويقع الكهف عند الحد الشمالي من هضبة (سلمى) بالقرب من قرية فنس بولاية قريات في محافظة مسقط والواقعة على الطريق الذي يربطها وقرية طيوي التابعة لولاية صور بمحافظة جنوب الشرقية. ويعود تاريخ اكتشاف الكهف، إلى العام 1983، من قبل المستكشفين الباحثين عن الصخور الكربونية من اجل العثور على احتياطيات المياه الجوفية العميقة، فيما يُقدّر الجيولوجيون عمر هذه التحفة الطبيعية بـ 50 مليون عام. ويزخر الكهف بكنوز الحياة الطبيعية التي يمكن التمتع بها بعد رحلة شيّقة تتطلب قطع مسافة 1300 متر من الدروب الجبلية الوعرة أو عن طريق الطائرات العمودية. وتوجد 3 فتحات يمكن الوصول عبرها إلى الداخل، أضيقها تمتد إلى عمق 120 متراً، والتي دخل منها دون ديفيدسون للمرة الأولى عند اكتشاف الكهف الذي يعتبر أحد أعظم العجائب التي صنعتها الطبيعة باتقان تام. ويخضع الكهف حالياً الى التطوير وذلك من اجل افتتاحه امام الزوار.
كهف طيق وحفرة طوي أعتير .. عجائب صلالة
تحتضن صلالة “طوي أعتير”، أحد أكبر الأحواض في العالم، الذي يشكل اليوم وجهة مختارة لمحبي الاستكشاف والمغامرة في ربوع الطبيعة الغنّاء. وتم اكتشاف الحوض المتفرد بإطلالة بانورامية خلابة، والمعروف باسم “بئر الطيور”، في العام 1997 من قبل بعثة استكشافية سلوفينية بالتعاون مع “جامعة السلطان قابوس” وبمساعدة السكان المحليين، ليُضاف منذئذٍ إلى قائمة المعالم البيئية والسياحية والحضارية التي ترسم ملامح المشهد السياحي العُماني النابض بالحياة.
وتتنوّع عجائب صلالة لتشمل “كهف طيق” الممتد على مساحة 170,000 متر مكعب، متربعاً أعلى “حفرة طيق” التي تتقاطع بصورة ساحرة مع الشلالات المائية المتدفقة، والتي يمكن التمتع بمشاهدتها من خلال “المدخل الغربي”، الذي يعتبر أحد المداخل الست المؤدية إلى الكهف. وتاريخياً، تكوّن الكهف في الصخور الجيرية الغنية بمستحاثات المرجان والحيوانات الصدفية والرخويات والكائنات المجهرية، ويضم مداخل عدة تؤدي إلى غرفة جوفية والتي تمثل جزءاً أساسياً من التوازن البيئي والتنوع الجيولوجي في السلطنة.
كهف جرنان .. واحة الأسرار
يرتبط اسم “كهف جرنان” بالأسرار الغامضة التي تناقلتها القصص الخيالية والحكايات الشعبية على مر العصور. ويبرز الكهف شامخاً في محافظة الداخلية في منطقة أزكى على بعد 120 كيلومتراً من مسقط، مستقطباً الزوار الباحثين عن تجربة استثنائية يطغى عليها سحر المغامرة، من خلال استكشاف خبايا الكهف الذي يحمل في طياته لمحات مقتضبة عن عصور غابرة.
“الهوته” .. الكهف العملاق
يكتسب “كهف الهوتة” مكانة متميزة بين الوجهات الأكثر شعبية في عُمان لغرابة كنوزه الطبيعية من الصواعد والهوابط المتشكلة على مدى ملايين السنين بألوان نابضة بالحياة وأشكال تولدت من تكلس الأملاح الذائبة في مياه الأمطار. ويعتبر الكهف العملاق، والواقع في ولاية الحمراء، قبلةً رئيسة لمحبي المناظر الطبيعية، حيث تبدأ المغامرة برحلة لمدة 5 دقائق بالقطار بين الجبال والوديان والينابيع والبحيرات، وصولاً إلى مدخل الكهف الذي يمكن استكشاف مسافة تصل إلى 860 متراً منه سيراً على الأقدام.
كهف المرنيف .. تجربة جديدة
يمثل “كهف المرنيف” تحفة طبيعية تَعِد الزائر بتجارب جديدة عنوانها التميز والتفرّد، بموقعه الاستراتيجي الذي يوفر إطلالة رائعة على المحيط الهندي. ولعلّ السمعة الأبرز للكهف، الواقع في جنوب عُمان وعلى بعد 40 كيلومتراً من صلالة، تتمثل في كونه بيئة حاضنة للينابيع الحارة التي تجذب اهتمام السياح الخليجيين والدوليين. وفي ظل الاهتمام الحكومي اللامحدود بدفع عجلة التنمية السياحية، شهدت منطقة “كهف المرنيف” تحسينات واسعة النطاق لضمان توفير تجربة لا تُنسى، لا سيّما مع تطوير جسور وممرات وأسوار واقية ومناطق مخصصة للاسترخاء والاستجمام ضمن أجواء خلابة.
ومما لا شكّ فيه بأنّ الكهوف العُمانية، بأسرارها الغامضة وطبيعتها الغريبة، تواصل إبهار الزوار الذين يتوافدون للاستمتاع بروعة هذه الكنوز الطبيعية التي تمثل إضافة هامة للوجهات الجاذبة، والتي تعزز مكانة السلطنة كوجهة رائدة على خارطة السياحة العالمية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى