المحلية

كيف سيتفوق مشروع مدينة “نيوم” السعودية على مدينة اليابان الذكية “فوجيساوا”؟

تتجه السعودية نحو تحول حقيقي في اتجاه المستقبل، وذلك بالإعلان عن مشروع مدينة “نيوم” الذكية، والتي ستسطر تاريخاً جديداً، ومستقبلاً جديداً للمعيشة في المملكة بل في العالم.

وبفضل التكنولوجيا الحديثة غدا كل شيء ممكن الحدوث، فقبل 20 عاماً أو أكثر لم تكن تتخيل أن يكون بمقدورك حمل هاتف جوال تُجري به اتصالات تليفونية دون التقيد بمكان ثابت، والآن أنت تمتلك هاتفاً جوالاً ذكياً تتنقل به أينما شئت، وتتصفح من خلاله الإنترنت، وتمارس عليه الألعاب، وتستخدم عليه مختلف أنواع التطبيقات؛ ومع القفزات الهائلة للتكنولوجيا، وعصر التحول الرقمي الذي نعيشه لم يعد من الخيال، وأصبح بالإمكان أن تشاهد المدن الذكية وتعيش فيها.

والمدن الذكية أصبحت مطلباً وضرورة، ولم تعد مجرد رفاهية وترف في ظل الحاجة إلى الاستدامة، وفي عالم ترتفع فيه أسعار الطاقة، وتزداد فيه ندرة الموارد الطبيعية، ومع تقلبات المناخ والبيئة، وازدياد حدة ظاهرة الاحتباس الحراري، واتساع ثقب الأوزون، وارتفاع وتيرة المنافسة التجارية والاقتصادية، يزداد قلق المستهلك بشأن جودة الحياة والصحة والأمان، وتغدو الاستدامة ضرورة لا بديل عنها لمواكبة هذه التطورات والأحداث.

مدينة اليابان الذكية

وكانت اليابان سباقة بإعلانها عن نموذج المدينة الذكية “فوجيساوا” التي تبعد مسافة 50 كم عن العاصمة طوكيو، وهو المشروع الذي أطلقته عملاق الإلكترونيات اليابانية شركة “باناسونيك”، وقد بدأ العمل في هذا المشروع سنة 2007م على أن تنتهي بقية الإنشاءات والتطويرات في سنة 2018م، وتبلغ مساحته أقل من ربع كم2 وتحديداً 0.19 كم2. ومنذ أن وقع زلزال شرق اليابان العظيم في 11 مارس 2011، ازدادت المطالبات العامة بتغيير نموذج الطاقة إلى حلول الطاقة المتجددة التي تكون أقل تأثراً في أوقات الكوارث، وتكون لها تأثيرات أقل على البيئة، وذلك من أجل دعم المتطلبات المعيشية اليومية.

وتحت الشعار الجديد “الابتكار الذاتي والاستهلاك الذاتي للطاقة”، ستقوم المدينة الذكية “فوجيساوا” بتوفير خدمات طاقة مصممة لتنمية طرق المعيشة للجيل المقبل، مما يمكّن المواطنين من توليد الطاقة التي يستخدمونها في منازلهم، من خلال الاستخدام الأمثل لتوليد الطاقة الشمسية ووسائل أخرى، كما ستعمل على تحسين الأساليب المعيشية للأفراد من خلال الطاقة الشمسية، وتحقيق معايير الأمان، وإمكانية التنقل بحرية تامة، والعناية بالمجتمع، والرعاية الصحية.

ما الذي يميز “نيوم”؟

وعلى غرار هذا المشروع الذكي ستكون “نيوم” صديقة البيئة هي هدية السعودية للمنطقة، ومدينتها الذكية التي تفتخر بها، وعلى مساحة ضخمة تبلغ 26.5 ألف كم2 أكبر 139 مرة من مساحة المشروع الياباني “فوجيساوا” سينطلق مشروع السعودية الجديدة، وستكتسب المدينة السعودية الجديدة أهمية كبيرة بفضل موقعها الاستراتيجي بين 3 قارات؛ حيث من المنتظر أن يتم تصميمها لتتفوق على المدن العالمية الكبرى من حيث القدرة التنافسية ونمط المعيشة، إذ من المتوقع أن تصبح مركزاً للعالم بأسره.

وفي حين كان الهدف من إنشاء “فوجيساوا” اليابانية هو الحد من تأثير تبعات الكوارث البيئية والطبيعية، وخلق بيئة نظيفة صديقة للبيئة، ستكون “نيوم” علاوة على ما سبق وجهة اقتصادية واستثمارية واعدة، إذ سيتم دعم المشروع باستثمارات تبلغ قيمتها 500 مليار دولار أمريكي، وستوفر فرصاً جاذبة للمستثمرين بالوصول للسوق السعودي مباشرة بلا قيود، بالإضافة إلى الأسواق العالمية؛ لكون المنطقة مركز ربط بالقارات الثلاث (آسيا وإفريقيا وأوروبا)، كما ستتيح لهم البيئة التنظيمية التي ستتمتع بها المنطقة المشاركة في صياغة الأنظمة والتشريعات، كما سيحظى أصحاب الأعمال والاستثمار بدعم تمويلي لإقامة المشاريع التي تخدم أهداف مشروع “نيوم”. بالإضافة لذلك، فإن حكومة المملكة تولي هذا المشروع اهتماماً ودعماً كبيراً على جميع المستويات.

وسيكون المشروع منطقة خاصة مستثناة من أنظمة وقوانين الدولة الاعتيادية، كالضرائب والجمارك وقوانين العمل والقيود القانونية الأخرى على الأعمال التجارية، فيما عدا الأنظمة السيادية؛ مما سيتيح للمنطقة القدرة على تصنيع منتجات وتوفير خدمات بأسعار منافسة، وفضلاً عن ذلك سيوفر فرصة استثنائية للحدّ من تسرب الناتج المحلي الإجمالي، وذلك عبر إتاحة فرصة الاستثمار داخل المملكة لكل من يستثمر أمواله في الخارج، وبالتالي تقليل التسرب المالي نتيجة قلة الفرص الاستثمارية الضخمة، كما سيخلق فرصاً جديدة للاستثمار في قطاعات جديدة ومبتكرة، بالإضافة إلى استفادة المستثمرين في المشروع من الموارد الطبيعية، والطاقة المتجددة. يضاف إلى ذلك، أن المشروع سيسهم بشكل كبير في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة العربية السعودية، كما سيعيد توجيه بعض من تسرب الإنفاق للخارج إلى اقتصاد المملكة. وبفضل موقعها الفريد على البحر الأحمر، وشواطئها الخلابة، ومناظرها الطبيعية، فإن الفرصة مواتية لـ”نيوم” لتصبح الوجهة السياحية الأولى عالمياً.

وستصبح “نيوم” مهيئة لاستيطان ملايين البشر من المواطنين والمقيمين، بعكس “فوجيساوا” التي ستستوعب 600 أسرة فقط. وستحل الروبوتات بديلاً للبشر للقيام بالأعمال الشاقة، والمهام المتكررة؛ ليتفرع البشر للقيام بالمهام التنفيذية والإبداعية، ويقدّم المشروع مزايا قيمة للشركات والأفراد، بحيث يلبي احتياجات المملكة، ويستقطب أفضل الشركات وأصحاب الكفاءات من جميع أنحاء العالم، وسيتم تطبيق أعلى معايير السلامة والأمان في مشروع “نيوم” عالمياً وأرقى الأنظمة الاجتماعية كركيزة أساسية للمعيشة المثالية، علاوة على أتمتة جميع الخدمات الحكومية التقليدية، وتوديع عصر الورق.

وسيُمكّن المدى الزمني لإنشاء المدينة، والذي من المنتظر أن يتم الانتهاء من مرحلته الأولى بحلول عام 2025م الاستفادة من كل التقنيات الحديثة، والمزايا الجديدة التي ستوجدها التكنولوجيا مستقبلاً، فضلاً عن تقنيات “الهواء الرقمي”، والتعليم المستمر المجاني على الإنترنت، ووسائل النقل المبتكرة التي تستخدم المصادر المتجددة بدلاً من المصادر التقليدية، بالإضافة إلى استحداث أنظمة البناء والتشييد الذكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى