المملكة تتجه لتعظيم دخل أرامكو ولن تدافع عن مصالح دول لا تلتزم بأي اتفاق خفض

نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” اليوم مقالاً بعنوان “السعودية تستعد لعالم ما بعد كورونا” للكاتب “وائل مهدي” تحدث فيه عن واقع النفط بعد جائحة كورونا الخطوات التي تعمل عليها المملكة بعد انتهاء هذا الوباء.
وأشار الكاتب أن أسعار النفط كانت أول ضحايا جائحة كورونا، إذ فقدت أسعار برنت أكثر من نصف قيمتها منذ اندلاع الوباء حتى هذه اللحظة.
وأشار بأن الضحية الثانية هو اتفاق خفض الإنتاج من قبل تحالف أوبك+ والذي سينتهي بنهاية شهر مارس الجاري، وكان من المفترض تمديده لأشهر إضافية أو حتى لنهاية العام ولكن الخلاف بين روسيا والمملكة حول كمية التخفيض الإضافي المطلوب لموازنة السوق في ظل ضعف الطلب على النفط الناتج من تفشي الكورونا، قضى على الاتفاق وتحول التعاون إلى صراع في السوق على الحصة السوقية ابتداءً من أول أيام أبريل المقبل.
وتابع الكاتب أنه نتيجة لما حدث قررت المملكة التخلي عن دور المنتج المرجح تماماً ورسمياً حتى إشعار آخر، وهو الدور الذي لعبته منذ عام 1983 بعد اتفاق لندن.
وقال الكاتب بأنه نتيجة لهذا الاتفاق أصبح إنتاج المملكة يتأرجح صعوداً وهبوطاً للحفاظ على 17.5 مليون برميل يومياً، لكن مع غش الدول وتراجع الطلب تأثر إنتاج المملكة هبوطاً ليهبط إنتاجها من 10.27 مليون برميل يومياً في 1980. إلى 3.6 مليون برميل يومياً في 1985، وفي ظل هبوط الأسعار خسرت المملكة الحصة والدخل فعكست كل هذا بقرار تاريخي لشن حرب أسعار وتخفيضات كبيرة لاستعادة حصتها في السوق، ونجحت في ذلك.
وشدد الكاتب أن هناك تصور خاطئ أن المملكة تم خداعها في هذه الصفقة وأن وزير البترول السابق أحمد زكي يماني كان السبب في كل هذا، بينما في الحقيقة حاولت المملكة الحفاظ على وحدة أوبك أكثر من تفكيرها في الحصة السوقية. ودليلاً على ذلك هو تصريح يماني في ديسمبر (كانون الأول) 1983 للصحافيين عند سؤاله عن دور المملكة كمنتج مرجح قائلاً: «للأسف هذا ما يريدون منا فعله» في إشارة لباقي دول أوبك.
وأضاف الكاتب منذ 1985 والمملكة تتحاشى لعب هذا الدور وأصبح تركيزها قائما على استقرار وموازنة السوق من خلال الخفض الجماعي والاستجابة لأي اضطرابات عالمية في الإنتاج باستخدام طاقتها الإنتاجية الفائضة.
وأشار انه في عام 2014 قاومت المملكة لعب دور المنتج المرجح وفضلت هبوط الأسعار على خسارة حصتها السوقية لصالح روسيا ومنتجي النفط الصخري وغيرهم من خارج أوبك أو حتى من داخلها. ولكن السوق لم يقرأ الإشارات بشكل سليم حينها ظناً منه أن المملكة سوف تتدخل لإنقاذ الأسعار، وكانت الإشارة واضحة في ديسمبر (كانون الأول) 2013 في تصريحات لوزير البترول السابق علي النعيمي قال فيها إن المملكة تستجيب فقط لنقص الإمدادات والطلب على النفط.
وأدرف الكاتب لكن كل ما حدث سابقاً لا يقارن بما حدث هذا الشهر، حيث أعطت المملكة قرارا واضحا بزيادة الإمدادات من شركة أرامكو السعودية إلى 12.3 مليون برميل يومياً أي فوق طاقتها الإنتاجية البالغة 12 مليون برميل يومياً، والاستثمار في رفع الطاقة الإنتاجية إلى 13 مليون برميل يومياً.
وأوضح أن المملكة رسمياً تخلت عن دور المنتج المرجح بلا رجعة لأن الاستثمار في الطاقة الإنتاجية أمر طويل الأجل، ويأتي في وقت من المتوقع زيادة الإنتاج العالمي فيه من خارج أوبك لسنوات، مع تباطؤ أو وصول الطلب إلى الذروة في 10 سنوات.
وختم الكاتب مقاله يبدو أن المملكة ستتجه لتعظيم ربحية شركة أرامكو بعد إدراجها في السوق والحفاظ على قيمتها السوقية، وأرامكو لديها استعداد لتقبل سعر 30 دولارا لفترة طويلة من الزمن، كما عبرت الشركة هذا الشهر، ولن تعود المملكة للدفاع عن مصالح دول تاريخياً لا تلتزم بأي اتفاق لخفض الإنتاج وتغش في الكميات وتتركها تتحمل لوحدها كامل العبء، وستترك العالم كله ليتحمل العبء.

ويبقى التحدي الأكبر الآن هو في قدرة الاقتصاد السعودي على تحمل كل هذا، حيث سيتراجع نمو الناتج النفطي وبالتالي ترشيد الإنفاق الرأسمالي. لكن ما تفعله السعودية لن يؤثر عليها وحدها بل إن هناك قائمة طويلة من الدول النفطية يجب أن تعيد هندسة ميزانياتها. كل هذه التغيرات تعكس الواقع الجديد للعالم بعد اكتتاب أرامكو وتسريع العالم الاعتماد على البدائل وتوقعات وصول الذروة على الطلب في 2030. وسيكون النظام النفطي العالمي بعد كورونا مختلفاً عن ما كان قبله.