خطيب الحرم النبوي: من أراد الأمن والسلام في نفسه وأهله ومجتمعه عليه بدين الإسلام
دَعَا فضيلة إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم المسلمين إلى تقوى الله عَزَّ وَجَلَّ حق التقوى ومراقبته في السر والنجوى.
وقال في خطبة الْجُمُعَة التي ألقاها اليوم، إن أسماء الله حسنى وصفاته العلا وآياته سبحانه الكونية والشرعية دالة على ذلك شاهدة به وجميع الأسماء والصفات مقتضية لآثارها من العبودية والأمْر اقتضاءها لآثارها من الخلق والتكوين، ولكل اسم وصفة عبودية خَاصَّة هي من لوازمها وموجبات العلم والإيمان بها قَالَ تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كَانُوا يعملون).
وأَوْضَحَ أن السلام اسم له تعالى شامل جميع صفاته دال على تنزيه الرب وتقديسه وبراءته من كل عيب وتعاليه عما لا يليق بجلاله وكماله وعظمته سلم من كل آفة وبرئ من كل نقص فهو السلام من جميع العيوب والنقائص لكماله في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، واستحقاقه سبحانه لِهَذَا الاسم أكمل من استحقاق كل ما يطلق عليه وهذا هو حقيقة التنزيه الذي نزه الله به نفسه ونزهه به رسوله صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهو السلام من الصاحبة والولد والسلام من الكفء والنظير والسمي والمثيل والسلام من الند والشريك حياته سبحانه وتعالى سلام من الموت والسنة والنوم قائم على خلقه سلام من التعب والعجز واللغوب وعلمه سلام من الجهل والذهول والنسيان وكلماته عدل وصدق سلام من الكذب والظلم وكل صفاته سلام مما يضاد كمالها أو يوهم النقص فيها.
وَأَشَارَ إلى أن السلام في ذاته وأسمائه وصفاته فمنه تعالى كل سلام وأمن، ومنه يطلب السلام ومن ابتغى السلامة عند غيره لم يجدها إلا كمن يجد الماء في السراب قَالَ عليه الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام).
وبين فضيلته أن من أراد الأمن والسلام في نفسه وأهله ومجتمعه، فعليه بدين الإسلام فعقائده وشرائعه أمن وسعادة وأنس واطمئنان، وكلما زاد تحقيق الإسلام في مجتمع عم فيه الأمن والسلام وسلام هذا الدين شامل لجميع الخلق بعزة وعلو نفوس أهله وأموالهم وأعراضهم معصومة.
وَأَشَارَ إلى أن السلام أمان ودعاء ومن جمال الإسلام وكماله أن سن ذلك للأحياء والأموات وليس أحوج إلى الدعاء ممن فَارَقَ الْحَيَاةَ، وكان صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أتى المقبرة يقول: (السلام عليكم دار قوم مؤمنين)، وتحية المؤمنين من ربهم في الآخرة سلام قَالَ سبحانه: ((تحيتهم يوم يلقونه سلام)) ومنزلهم الجنة دار السلام فلا موت فيها ولا أحزان ولا هموم ولا أسقام قَالَ تعالى: (لهم دار السلام عند ربهم) ويقال لهم: “ادخلوها بسلام آمنين” وتفتح لهم أبواب الجنة ويستقبلهم خزنتها قائلين: “سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين”.
وقال الشيخ القاسم: وَإِذَا دخلوا الجنة “لا يسمعون فيها لغواً ولا تأثيماً إلا قيلاً سلاماً سلاماً”، “خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام”، “والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار”، وَإِذَا اشتغل أهل الجنة بما أنعم الله عليهم فيها فكمال نعيمهم بالنظر إلى ربهم وسلامه عليهم قَالَ تعالى: (سلام قولاً من رب رحيم).
وَأَكَّدَ أن دين الإسلام دين شامل لجميع تعاليم الحياة صالح لكل زمان ومكان، وفي أحكامه استقامة أمر الدنيا والآخرة وسعادة البشرية يدعو للسلام ويكفل الرحمة بين الخلق، ويهدي في كل أمر للتي هي أقوم، من تمسك به فاز وعز، ومن فرط فيه خسر نفسه ولا يضر الله شيئاً.