رياضةرياضه محليه

(مباشر نيوز) تُسلط الضوء وتطرح بعض الحلول: صناعة الكرة العربية ضعيفة والسر في عمود الخيمة

مازالت كرة القدم العربية تُعاني وتعيش وضعاً غير مُستقر، وسط تذبذب في المستويات والنتائج، فلم نجد حتى الآن منتخباً عربياً واحداً -على الأقل- يُقارع ويُنافس المنتخبات العالمية، ويصل حتى إلى دور نصف النهائي لبطولة كأس العالم لكرة القدم رغم أن الحضور العربي في المونديال تجاوز عمره الثمانين عاما!
على مستوى الدوريات الرياضية العربية، نجد دائماً أن المنافسة على لقب الدوري في كل بلدٍ عربي محصورة بين فريقين أو أربعة في بعض الأحيان، إذ يقتصر طموح القائمين على المنتخبات والأندية في الدول العربية على اتباع أسرع الطرق لتحقيق الألقاب، وبأي طريقةٍ كانت، مبتعدين عن التخطيط طويل المدى والبناء والتأسيس بصورة عملية صحيحة مخطط لها وفي جدول زمني واضح، مثل باقي الدول المتقدمة كروياً والتي بدأت العمل منذ سنوات طويلة وحصدت النتائج.
22 دولة عربية، شاركت 8 منتخبات منها فقط في مونديال كرة القدم، وكان طموحهم وهمهم الأكبر هو تجاوز عُقدة دور الـ16 التي لازمت الفرق التي بلغت هذا الدور من قبل، ولا يهمهم كيف يعملون بجد واجتهاد وإخلاص للوصول إلى سقف أعلى من هذا الطموح، ولم يفكروا أو يكلفوا أنفسهم بأن ينظروا إلى سجل الفائزين بكأس العالم لكرة القدم ويبحثوا عمن كان خلف هذه الإنجازات التي تحققت لهذه المنتخبات في المونديال، إذ إنهم سيجدون الإجابة واضحة وصريحة وبدون أي مقدمات، وهي المدرب الوطني صانع الفرح في 21 نسخة أقيمت من كأس العالم منذ النسخة الأولى عام 1930م قبل 88 عاماً وحتى الأخيرة عام 2018م.
كأس العالم لكرة القدم هو المثال “رقم واحد” لمعرفة سر تحقيقه، فما بالكم لو بحثنا في مسابقات عالمية أخرى مثل كأس القارات، وكأس الأمم الأوروبية، وكأس كوبا أمريكا، وعلى صعيد الأندية كأس دوري أبطال أوروبا، وكأس العالم للأندية، والدوري الإسباني، والدوري الإنجليزي أقوى دوريات العالم، نجد نصيب الأسد للمدرب الوطني في تحقيق هذه الألقاب.
شهر سبتمبر من العام 2018م حمل لنا تقريرا صادرا من الاتحاد الدولي لكرة القدم “الفيفا”، يُفيد فيه بوصول دوري كأس الأمير محمد بن سلمان السعودي للمحترفين لكرة القدم إلى المرتبة السادسة عالمياً من ناحية القيمة السوقية للانتقالات بعد الدوريات الأوروبية “الإنجليزي، الإسباني، الألماني، الإيطالي، والفرنسي”، بمعدل قيمة عقود لانتقالات اللاعبين وصلت إلى 152 مليون دولار (ما يعادل 570 مليون ريال)، دون احتساب الرواتب السنوية للاعبين، وهو رقم كبير يتطلب زيادة في الكادر التدريبي الوطني يتوازى مع ما يصرف في هذه الصناعة الحضارية الحديثة، فالمثير للاستغراب أن سجل المدربين الوطنيين الحاصلين على لقب الدوري يكشف حصول أربعة مدربين سعوديين فقط على اللقب الغالي في 43 نسخة مضت يمثلون نسبة (9.30%) مُقابل 39 مدربا أجنبيا أحرزوا الدوري بنسبة (90.70%).
وهنا يبرز لنا سؤال جوهري: متى سيتم منح الثقة والفرصة الكاملة والمدة الزمنية الكافية للمدرب الوطني السعودي في مهام الإشراف والقيادة الفنية في المنتخبات والأندية السعودية؟ مع دعمه للعمل على تحقيق إستراتيجيته وخططه وفق مدة زمنية محددة حتى نصنع حضورا قويا ومُلفتا لكرة القدم السعودية في المحافل القارية والدولية.
والسؤال نفسه ينطبق على حال الدول العربية الأخرى! فالخيمة إذا كان عمودها ضعيفا لن تصمد، وستسقط على صاحبها كما يُقال دائما.
في “مُباشر نيوز” رأينا أن نقف ونبحث عن أهمية تواجد المدرب الوطني في مسابقات كرة القدم السعودية، وهي الدولة التي تمتلك كافة الإمكانات والموارد للنجاح، فضلاً عن سجلها الرائع في بطولة كأس أمم آسيا منذ أول بطولة تحققت بمدرب وطني عام 1984م وصولاً لكأس العالم خمس مرات، وباعتبار مكانتها الاقتصادية العالمية الكبيرة ضمن دول الـ20 الصناعية في العالم، وأنها من أهم الدول الـ”12″ في منظّمة أوبك العالمية، والدولة الأولى التي تملك أكبر احتياطي للبترول في العالم.
كما سنسلط الضوء في هذا الملف، على أشهر المدربين العرب وتجاربهم وإنجازاتهم مع بلدانهم وأنديتهم بالإحصاءات والأرقام والصور، وبطريقة سهلة لنصل لهدفنا ورسالتنا للمسؤولين على كرة القدم في السعودية والوطن العربي الكبير بضرورة التركيز على الكادر الوطني وتطويره، متطلعين أن يجد هذا الملف صدى جيدا وتفاعلا إيجابيا يُسهم في النهوض بكرة القدم العربية نحو أفق أوسع وبأجمل الطلات.
حضور باهت للمدربين السعوديين
من خلال البحث عن المدربين الوطنيين الذين حققوا إنجازات مع الأندية سواء محلية أو خارجية في المملكة العربية السعودية، وجدنا أن عددهم في السابق كان جيدا، لكن اختلف الوضع في السنوات الأخيرة، إذ قلَّ عدد المدربين أصحاب الإنجازات، فمنذ قرابة 12 عاماً وتحديداً منذ العام 2006م شهدنا آخر إنجاز لمدرب وطني بالفوز بلقب الدوري.

وبحسب مسابقات الاتحاد السعودي لكرة القدم التي ينظمها سنوياً، وهي: كأس خادم الحرمين الشريفين “الملك” ودوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، وكأس السوبر السعودي، وكأس ولي العهد التي تم إيقافها بنهاية عام 2017م، نظمت 135 نسخة من البطولات الأربع، كان نصيب المدربين الوطنيين فيها 14 لقبا فقط، يمثلون نسبة (10.37%) مقابل فوز 121 مدربا أجنبيا بالألقاب يمثلون نسبة (89.63%) وهي نسبة عالية جداً.
7 مدربين وطنيين فقط!
7 مدربين وطنيين حققوا 14 لقبا للأندية السعودية التي أشرفوا على تدريبها، ففي مسابقة الدوري التي أقيمت منذ عام 1976/1977م وحتى نهاية النسخة الـ43، عام 2018م، يحمل المدربون السعوديون في جعبتهم 4 ألقاب، بدأها المدرب الوطني خليل الزياني، الذي حقق اللقب لفريقه الاتفاق عامي 1983م و1987م، ومن بعده جاء المدرب يوسف خميس، الذي قاد النصر لتحقيق اللقب عام 1995م، وفي عام 2003م توج نادي الاتحاد باللقب بقيادة مدربه خالد القروني، في حين كان اللقب الرابع من نصيب مدرب الشباب عبداللطيف الحسيني، الذي حقق اللقب مع فريقه موسم 2006م.
وفي مسابقة كأس الملك التي انطلقت عام 1957م وحتى نهاية النسخة الـ44 عام 2018م، أحرزها 6 مدربين وطنيين فقط، حيث تمكن المدرب الراحل حسن سلطان -يرحمه الله- من تسجيل اسمه باعتباره أول مدرب وطني يُحقق كأس الملك مع نادي الهلال عام 1960/1961م، في حين كان للمدرب الراحل أحمد اليافعي -يرحمه الله- النصيب الأكبر بقيادة فريقه الأهلي للفوز بالكأس خمس مرات في أعوام 1382هـ و1385هـ و1389هـ و1390هـ و1391هـ.
مسابقة كأس ولي العهد لكرة القدم التي بدأت عام 1957م واستمرت حتى نهاية النسخة الـ42 عام 2017م، فاز بها المدربون الوطنيون 4 مرات فقط، حيث قاد المدرب الراحل أحمد اليافعي -يرحمه الله- ناديه الأهلي لإحراز الكأس مرتين عامي 1377هـ و1390هـ، من بعده المدرب القدير خليل الزياني مع نادي القادسية عام 1992م، والمدرب يوسف عنبر مرة واحدة مع نادي الأهلي عام 1422هـ.
وفي مسابقة كأس السوبر السعودي التي أقيمت منها 6 نسخ بدءاً من عام 2013م إلى العام الماضي 2018م لم يفز بها أي مدرب وطني.
4 عرب ينجحون في السعودية
على مستوى المدربين العرب الذين حققوا إنجازات مع الأندية السعودية في المنافسات المحلية، كان التميز للمدرب السوداني الراحل التوم جبارة الله -يرحمه الله- حينما فاز مع نادي الهلال بكأسي الملك وولي العهد في عام 1964/1965م، والمدرب المصري طه إسماعيل الذي قاد الأهلي لتحقيق كأس الملك عام 1392هـ، وليحصل المدرب التونسي فتحي الجبال على الأولوية والأسبقية بتحقيقه مع نادي الفتح لقب دوري المحترفين السعودي موسم 2012-2013 وهو العربي الوحيد الذي استطاع تحقيق هذا الإنجاز، وسجل نفسه أيضاً أول مدرب عربي يحقق كأس السوبر السعودي مع ناديه الفتح في عام 2013م، ومن بعده حقق مواطنه عمار السويح لقب كأس الملك مع نادي الشباب عام 2014م.
العطوي الأمل القادم
بعد تتبعنا تاريخ المدربين الوطنيين في المسابقات السعودية، وجدنا أن فترة غيابهم عن تحقيق الألقاب كبيرة، ولاحظنا في هذا الموسم الرياضي 2019/2020م وجود مدرب وطني واحد من أصل 16 مدربا يقودون أندية دوري كأس الأمير محمد بن سلمان للمحترفين، من مختلف الجنسيات الأجنبية والعربية، هو المدرب الوطني خالد العطوي (42 عاماً)، الذي يُشرف على تدريب فريق الاتفاق منذ بداية الموسم، وينافس معه على لقب كأس خادم الحرمين الشريفين ببلوغه الآن دور الـ8 في المسابقة، ونتمنى أن تتاح له الفرص الكاملة، فهو يملك كافة مقومات النجاح، بعد أن تمكن بكل اقتدار في عام 2018م من قيادة المنتخب الوطني للشباب لتحقيق لقب بطولة آسيا بعد غياب الأخضر السعودي 26 عاماً عن تحقيق اللقب، وقبلها في عام 2016م حقق مع الأخضر الصغير كأس الخليج للمنتخبات مواليد 1997م.
أول مدرب وطني
وحينما نذكر المدربين الوطنيين في المسابقات السعودية، يجب أن نتطرق للمبدعين منهم مع المنتخبات السعودية ومشاركات الأندية الخارجية، فيأتي في مقدمتهم عميد المدربين السعوديين خليل الزياني (72 عاماً)، وهو أول مدرب وطني يقود تدريب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم حينما حقق معه كأس أمم آسيا في عام 1984م وفي نفس العام تأهل مع الأخضر السعودي لأولمبياد لوس أنجلوس 1984م وفاز الزياني مع ناديه الاتفاق بكأس بطولة الخليج للأندية مرتين عامي 1983م و1988م، وكأس البطولة العربية أبطال الدوري عام 1988م.
نجاح الخراشي والجوهر
وأيضاً يأتي المدرب محمد الخراشي (63 عاماً)، الذي حقق سجلاً رائعاً بدءاً من قيادته للمنتخب الوطني للناشئين إلى تحقيق كأس أمم آسيا عام 1984م والتأهل لنهائيات كأس العالم للناشئين عام 1985م والفوز مع منتخب الكبار بلقب كأس دورة الخليج عام 1994م وفي نفس العام أيضاً ساهم الخراشي في قيادة الأخضر للتأهل لنهائيات كأس العالم 1994م، وأيضاً قاد المنتخب الأولمبي للتأهل لأولمبياد أتلانتا 1996م.
وشهد عام 2000م بروز المدرب ناصر الجوهر (73 عاماً)، حينما قاد المنتخب السعودي للمباراة النهائية لكأس أمم آسيا عام 2000م وتحقيق الميدالية الفضية والمركز الثاني في البطولة، ومن ثم تحقيق التأهل لنهائيات كأس العالم 2002م، كما فاز مع المنتخب بكأس دورة الخليج عام 2002م، وظفر بالميدالية الذهبية لدورة ألعاب التضامن الإسلامي عام 2005م، وحقق لقب كأس دورة الخليج الأولمبية عام 2008م، وأخيراً حصل على الميدالية الفضية والمركز الثاني في دورة الخليج عام 2009م.
إنجاز الخالد فريد
وكما تطرقنا للمدربين السعوديين أصحاب الإنجازات الكبيرة، لا ننسى الإنجاز العالمي والكبير للمدرب الوطني الدكتور عبدالعزيز الخالد، الذي حققه مع المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات في بطولة كأس العالم للإعاقة الذهنية أربع مرات مُتتالية من بين خمس مشاركات، أعوام 2006م و2010م و2014م و2018م، حيث ساهم المدرب عبدالعزيز الخالد، في تسجيل المنتخب السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة اسمه في سجل الأبطال لفوزه باللقب أربع مرات متتالية كسابقة تاريخية في سجل البطولة متفوقاً على جميع المنتخبات، يليه المنتخب الإنجليزي حامل لقب النسختين 1994م و2002م، فيما حقق منتخب هولندا اللقب عام 1998م.
ولادة في الخليج
وننتقل للحديث عن دورات الخليج لكرة القدم التي شهدت بروز أسماء تدريبية عربية وخليجية منذ انطلاقتها، وفي مقدمتهم المدرب المصري الدكتور طه الطوخي (82 عاماً)، الذي يُعتبر أول مدرب يحقق كأس دورة الخليج للمنتخبات في نسختها الأولى عام 1970م بالبحرين مع المنتخب الكويتي، أيضاً حقق المدرب العراقي الراحل عمانويل داود “عمو بابا” -الذي غادر دنيانا في 2009م عن عمر (74 عاماً)- إنجازات رائعة مع منتخب بلاده، أبرزها الفوز بلقب كأس دورة الخليج ثلاث مرات في أعوام 1979م و1984م و1988م كأول مدرب خليجي وعربي يفوز بها بثلاث مرات، كما أنه حقق مع منتخب بلاده كأس بيستابولا ميرديكا عام 1981م والميدالية الذهبية في دورة الألعاب الآسيوية عام 1982م والتأهل إلى دورة الألعاب الأولمبية الصيفية مرتين عامي 1984م و1988م، والفوز بكأس العرب للمنتخبات عام 1998م.
خليجيون أبدعوا
ومع منتخب الكويت، يُحسب للمدرب الوطني صالح زكريا (54 عاماً)، أنه أول مدرب كويتي فاز مع منتخب بلاده بكأس الخليج عام 1986م، كذلك إنجاز المدرب الإماراتي مهدي علي (54 عاماً) مع منتخب بلاده بالفوز بلقب كأس الخليج عام 2013م والفوز بالمركز الثالث والميدالية الفضية في كأس أمم آسيا 2015م، كما يُعتبر المدرب الكويتي محمد إبراهيم (57 عاماً) من أكثر المدربين الخليجيين والعرب حصداً للألقاب خلال مسيرته التدريبية من خلال فوزه بـ26 بطولة محلية وخارجية، إذ فاز مع ناديه القادسية الكويتي بلقب الدوري الكويتي 6 مرات، وبكأس أمير الكويت 4 مرات، وكأس ولي العهد الكويتي 6 مرات، وكأس الاتحاد مرتين، وكأس الخرافي مرتين، وفاز بكأس الخليج للأندية مرتين عامي 2000م و2005م، وكأس السوبر الكويتي مرتين، وحقق مع نادي الكويت لقب الدوري وكأس السوبر الكويتي.
نجاح عربي مع العين
وعند الحديث عن الأندية الخليجية وإنجازاتها، يأتي نادي العين الإماراتي من أكثر الأندية الخليجية جلباً للمدربين العرب، ومن أبرز الأسماء العربية حققت ألقاباً مع نادي العين، المدرب السوري أحمد عليان الذي حقق معه أول لقب دوري في عام 1976/1977م، والمغربي أحمد نجاح الذي فاز بلقب الدوري عام 1981/1982م، والمصري شاكر عبدالفتاح الذي حقق بطولتي كأس السوبر عام 1994/1995م والدوري عام 1997/1998م، والتونسي مراد محجوب الذي حقق لقب كأس الخليج للأندية عام 2001م، ونجح مواطنه المدرب محمد المنسي في الفوز بكأس الاتحاد مرتين عامي 2004/2005م و2005/2006م وكأس رئيس الدولة عام 2005/2006م.
تجربة الشتالي الخالدة
وإذا تحدثنا عن المدربين العرب الأوائل الذين وضعوا بصمات خالدة لن ينساها التاريخ، يأتي في مقدمتهم أول مدرب عربي شارك في مونديال كأس العالم لكرة القدم النجم التونسي القدير عبدالمجيد الشتالي، حينما قاد منتخب بلاده للتأهل إلى مونديال 1978م بالأرجنتين لأول مرة في تاريخه، وتجربته الرائعة في البطولة العالمية قدمت دروساً كبيرة في كرة القدم ويُستفاد منها الكثير، ففي أول مباريات المجموعات بالمونديال قاد منتخب بلاده تونس لفوز كبير ورائع على منتخب المكسيك بنتيجة (3/1) في مباراة لا تُنسى، حينما تقدمت المكسيك في الشوط الأول بهدف من ضربة جزاء وقبل بداية الشوط الثاني حفّز المدرب عبدالمجيد الشتالي، في خطوة رمزية، اللاعبين بوضع العلم التونسي أمامهم وغادر غرفة تغيير الملابس مباشرة، ليأتي هدف التعادل من قبل اللاعب علي الكعبي ليدخل التاريخ كأول لاعب تونسي يسجل هدفاً في كأس العالم في الدقيقة 55 قبل أن يضيف اللاعبان نجيب غميض والمختار ذويب الهدفين الثاني والثالث في الدقيقتين 79 و87 من زمن المباراة، وفي المباراة الثانية خسرت تونس بهدف وحيد من منتخب بولندا بعد أداء رائع، وفي المباراة الثالثة والأخيرة من دوري المجموعات، كانت تونس قاب قوسين أو أدنى من تحقيق الفوز على حامل اللقب ألمانيا لتنتهي بالتعادل السلبي (0/0)، وبفوز المنتخب التونسي على المكسيك يُعتبر أول منتخب عربي يفوز في تاريخ كأس العالم، حيث ساهم هذا الأداء الرائع في زيادة عدد المنتخبات الأفريقية المتأهلة لنهائيات كأس العالم ليصبح منتخبين، كما كان في استقبال المنتخب التونسي في مطار تونس قرطاج الدولي، الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة -يرحمه الله-، وأخبر اللاعبين أنهم قد أنجزوا مهمة 50 سفيرا، لأنهم ساهموا في تعريف تونس دولياً من خلال مستواهم الرائع، وقرر بعد ذلك المدرب عبدالمجيد الشتالي الاستقالة بعد فترة رائعة تمكن خلالها من إيصال المنتخب التونسي إلى المستوى الدولي بصورة لائقة ومشرفة، بعد أن صنع سجلاً رائعاً له مع منتخب بلاده وناديه النجم الساحلي التونسي، الذي حقق معه كأس المغرب العربي للأندية الأبطال عام 1972م، وكأس الرابطة التونسية المحترفة الأولى عام 1972م، وكأس تونس مرتين عامي 1974م و1975م، وحينما تولى تدريب منتخب بلاده في عام 1975م قاده للتأهل لنهائيات كأس أمم أفريقيا عام 1978م بعد غياب 13 عاماً عن التأهل، إلا أنه خرج من الدور نصف النهائي في البطولة.
شيخ المدربين الجزائريين
ونستكمل الحديث عن المدربين العرب الذين صنعوا إنجازات رائعة، ومنهم المدرب الجزائري رابح سعدان (73 عاماً)، الذي يُلقب بـ”شيخ المدربين الجزائريين”، فكان ضمن ثلاثي التدريب الذي مكّن الجزائر من التأهل إلى كأس العالم لأول مرة في إسبانيا سنة 1982م، وبعد ذلك أتيحت له الفرصة الكاملة لتدريب منتخب بلاده وقاده للتأهل إلى نهائيات كأس العالم مرتين عامي 1986م و2010م، كما أنه وصل بالمنتخب إلى الدور ربع النهائي في كأس الأمم الأفريقية عام 2004م، وعلى صعيد الأندية حقق كأس أبطال أفريقيا مع نادي الرجاء المغربي عام 1989م، وفاز بكأس البطولة العربية للأندية مع نادي وفاق سطيف الجزائري عام 2007م، وحقق المركز الرابع مع منتخب بلاده في كأس الأمم الأفريقية عام 2010م، وحصل على المركز 15 في قائمة أفضل مدربي العالم عام 2009م، وأفضل مدرب عربي في العام ذاته.
تميز الجوهري وشحاتة
يأتي بعد ذلك المدرب المصري محمود الجوهري الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى مطلع سبتمبر من العام 2012م عن عمر (74 عاماً)، حيث يُعد من أكبر المدربين في تاريخ مصر والعالم العربي، فقد استطاع بكل اقتدار أن يقود النادي الأهلي المصري لتحقيق أول بطولة أفريقية في تاريخه وهي مسابقة دوري أبطال أفريقيا عام 1982م، وكأس مصر مرتين عامي 1983م و1984م، كما صعد بمنتخب بلاده لنهائيات كأس العالم عام 1990م التي استطاع فيها أن يكسب احترام الجميع من خلال تعادله في مباراتين وخسارة بهدف وحيد من منتخب إنجلترا، وفي ذلك العام كان يُشجع اللاعبين المصريين على الاحتراف في القارة الأوروبية أمثال هاني رمزي وأحمد حسن، وأيضاً حقق مع منتخب بلاده كأس الأمم الأفريقية عام 1998م، وكأس العرب في عام 1992م، والميدالية الذهبية في دورة الألعاب العربية عام 1992م، وخلال تدريبه نادي الزمالك المصري تمكن من الفوز معه بلقب بطولة دوري أبطال أفريقيا عام 1993م وكأس السوبر الأفريقي عام 1994م، وحقق مع المنتخب الأردني نتائج إيجابية أهمها: الوصول إلى دور نصف النهائي لكأس العرب عام 2002م، والمركز الثاني والميدالية الفضية في دورة غرب آسيا عام 2002م، والوصول لأول مرة في نهائيات كأس أمم آسيا عام 2004م والوصول إلى دور ربع النهائي والخروج من أمام منتخب اليابان بركلات الترجيح.
وأتى من بعده مواطنه المدرب حسن شحاتة (70 عاماً)، والذي تم اختياره ضمن أفضل 5 مدربين في تاريخ القارة الأفريقية، حيث شهدت بدايته التدريبية تحقيق لقب كأس أفريقيا للشباب عام 2003م ليتأهل المنتخب للمشاركة في نهائيات كأس العالم للشباب عام 2003م التي قدم فيها المنتخب المصري مستوى جيد حيث فاز على المنتخب الإنجليزي في دوري المجموعات وخرج من دور الـ16 على يد المنتخب الأرجنتيني، وفي عام 2004م بدأت رحلته مع منتخب بلاده للكبار والتي كانت أطول فترة لمدرب وطني يُشرف على الفراعنة بدءاً من عام 2004م وحتى عام 2011م، وحقق معه إنجاز عظيم مُتمثل في الفوز بلقب كأس أمم أفريقيا 3 مرات خلال أعوام 2006م و2008 و2010م، ودورة الألعاب العربية عام 2007م ودورة حوض وادي النيل عام 2011م، وعلى صعيد الأندية فقد فاز مع نادي المقاولون العرب بكأس مصر مرة عام 2003/2004م وكأس السوبر المصري عام 2004م، وصعد مع أندية ثلاثة أندية مصرية للدوري الممتاز في أعوام مختلفة خلال الفترة من عام 1996م وحتى عام 2000م والأندية، هي: المنيا والشرقية ونادي منتخب السويس، وحصل على لقب أفضل مدرب في قارة إفريقيا عام 2008م من قبل الاتحاد الأفريقي لكرة القدم، وتم تصنيفه كأفضل مدرب في القارة السمراء لعام 2010م.
أكثر المدربين العرب
ومن المدربين العرب الذين حققوا عدداً كبيراً من البطولات المحلية والخارجية يأتي في مقدمتهم المدرب التونسي فوزي البنزرتي (69 عاماً)، الذي يُعتبر نموذجاً عربياً رائعاً يُحتذى به، حينما دخل مجال التدريب في سن لم يتجاوز الـ29 عاماً وصنع سجلاً مُميزاً في مجال التدريب ويلقب بالجنرال أو شيخ المدربين لكثرة إنجازاته المتنوعة التي بلغت 21 لقباً مُختلفاً مع أندية مختلفة محلية وعربية وأفريقية، في مقدمتها نادي الترجي (11 بطولة) وهي، كأس الرابطة التونسية المحترفة الأولى (5 مرات)، ومرة واحدة كأس دوري أبطال أفريقيا، ومرة واحدة كأس السوبر التونسي، وكأس البطولة العربية للأندية (3 مرات)، وكأس السوبر الأفريقي مرة واحدة، ومع نادي النجم الساحلي ظفر بسبع بطولات هي: كأس الرابطة التونسية المحترفة الأولى (3 مرات)، كأس تونس مرة واحدة، كأس السوبر التونسي مرة واحدة، كأس الكونفيدرالية الأفريقية مرتين، ومع النادي الأفريقي حقق بطولة كأس الرابطة التونسية المحترفة الأولى مرة واحدة، وفي عام 2013م سطر إبداعاً جميلاً مع نادي الرجاء المغربي ببلوغه نهائي كأس العالم للأندية وخسارته بشرف من أمام نادي بايرن ميونخ الألماني بنتيجة (2/0) مُحققاً المركز الثاني والميدالية الفضية في مونديال الأندية كأول فريق عربي يصل إلى النهائي، وأخيراً فوزه مع نادي الوداد البيضاوي المغربي بكأس السوبر الأفريقي وكأس والبطولة الوطنية المغربية في عام 2018م.
عرب مُبدعون
ومن المدربين العرب المبدعين، المغربي عبدالله بلينده، الذي انتقل إلى رحمة الله منتصف شهر مارس 2017م عن عمر (59 عاماً)، وهو المغربي الوحيد الذي نجح بكل اقتدار في قيادة منتخب بلاده للتأهل لنهائيات كأس العالم 1994م، وأيضاً يأتي المدرب محمد فاخر (66 عاماً) صاحب سجل بطولي رائع مع الأندية المغربية مُتمثلا في الفوز مع نادي الرجاء المغربي بكأس العرش مرتين في عامي 1996م و2012م والبطولة المغربية مرتين في موسمي 2010/2011م، و2012/2013م وأيضاً فاز بالأخيرة مع نادي حسنية أغادير في موسمي 2001/2002م و2002/2003م، ومع نادي الجيش الملكي حقق معه لقب البطولة المغربية موسم 2004/2005م وكأس العرش ثلاث مرات في أعوام 2003م و2004م و2008م وكأس الاتحاد الأفريقي عام 2005م.
ومنهم أيضا المدرب التونسي عمار السويح (62 عاماً)، الذي حقق مع نادي حمام الأنف كأس تونس عام 2001م، ودرب منتخب بلاده في كأس العالم 2002م، وقاد نادي النجم الساحلي التونسي للفوز بكأس أفريقيا أبطال الكؤوس عام 2003م، وكذلك كأس تونس عام 2015م، وحقق مع نادي الشباب السعودي لقب كأس الملك عام 2014م.
وأخيراً المدرب المغربي الحسين عموته (50 عاماً)، الذي حقق مجموعة من البطولات المتنوعة مع عدد من الأندية المحلية والعربية، حيث فاز مع الفتح الرباطي في عام 2010م بكأسي العرش المغربي والاتحاد الأفريقي، ومع نادي السد ظفر بلقب دوري نجوم قطر عام 2013م، ومع نادي الودادي المغربي حقق لقب الدوري الممتاز المغربي موسم 2016/2017م، وأبطال أفريقيا للأندية عام 2017م.
عربي يدخل التاريخ
وآخر المدربين العرب تألقاً المدرب الجزائري جمال بلماضي (43 عاماً)، الذي قاد منتخب بلاده هذا العام لإحراز لقب كأس الأمم الأفريقية عام 2019م بدون أي خسارة في البطولة، وبعد 29 عاماً من الغياب عن الفوز باللقب، لينال جائزة أفضل مدرب في كأس الأمم الأفريقية عام 2019م، ويعتبر أول مدرب عربي وعراقي يدخل قائمة ترشيح جوائز الفيفا لأفضل مدرب (رجال) لعام 2019م، كما أنه يملك سجلا تدريبيا رائعا، حينما حقق مع منتخب قطر بطولة اتحاد غرب آسيا عام 2013م وكأس دورة الخليج عام 2014م وفاز مع نادي الدحيل القطري بلقب الدوري مرتين عامي 2017م و2018م، وكأس أمير قطر مرتين عامي 2016م و2018م، وكأس قطر عام 2018م.
المونديال والقارات 100% وطنية
وننتقل للحديث عن كأس العالم لكرة القدم، وتحديداً عن سجل شرف المدربين الذين حققوا اللقب، وهي المسابقة الكروية الكبرى في العالم وينتظرها عُشاق كرة القدم كل 4 سنوات، نجد أن كل المدربين الذين حققوا لقب المونديال في نسخه الـ21 مُنذ أول نسخة عام 1930م إلى آخر نسخة أقيمت عام 2018م، مدربون وطنيون قادوا بلدانهم لإحراز هذا اللقب الضخم، فكان أولهم ألبيرتو هوراسيو سوبيتشي الذي حقق لمنتخب بلاده أوروغواي أول كأس عالم عام 1930م، ومن بعده الإيطالي فيتوريو بوتسو الذي حقق إنجازاً فريداً بقيادته الناجحة لمنتخب بلاده للفوز باللقب مرتين مُتتاليتين عامي 1934م و1938م، وآخرهم المنتخب الفرنسي بقيادة مدربه الوطني ديديه ديشان في النسخة الأخيرة عام 2018م. ونفس الحال نجده في سجل المدربين الحاصلين على كأس بطولة القارات التي تُقام كل 4 سنوات مُنذ أول نسخة كانت عام 1992م وحتى الأخيرة رقم 10 التي كانت عام 2017م فجميع من فازوا باللقب مدربون وطنيون قادوا منتخبات بلدانهم لإحرازه.
البرازيل تصنع وتُصدر
ويتزعم المنتخب البرازيلي لكرة القدم منتخبات العالم بخمسة ألقاب لمونديال كرة القدم وأربعة ألقاب لبطولة القارات وتسعة ألقاب لبطولة كوبا أمريكا، وهو المنتخب الوحيد الذي شارك في جميع نسخ مسابقة كأس العالم لكرة القدم منذ أول نسخة لعبت، حيث تعتبر البرازيل مصنعا لكرة القدم ومنجما كبيرا للنجوم والمدربين، فمُنذ تأسيس المنتخب البرازيلي قبل أكثر من 100 عام، يعتمد القائمون على كرة القدم في البرازيل اعتمادا كلياً على المدرب الوطني في قيادة منتخباتهم بشكل أساسي، ولديهم كل البرامج والدورات لإعداده وصقله تماماً حتى يصعد تدريجياً للوصول إلى قيادة منتخباتهم بمختلف درجاتها السنية، وكذلك تحرص الإدارة الرياضية في البرازيل على تطوير مناهج كرة القدم بشكل مستمر حتى تصنع جيلا مميزا يبهر العالم، وكذلك ينطبق الأمر على الأندية البرازيلية التي تعتمد على المدرب الوطني بنسبة كبيرة والدليل حصول أربعة فرق على كأس بطولة العالم للأندية بمدربين وطنيين.
الأوروبيون يتفوقون على الأمريكان
ومن خلال متابعة سجل المدربين الحاصلين على بطولة كوبا أمريكا للمنتخبات -التي تعتبر أقدم مسابقة كرة قدم دولية، وكانت تُلعب كل عامين إلى أن صارت كل 4 سنوات مُنذ أول نسخة كانت عام 1920م والأخيرة العام المنصرم 2019م رقم 46- نجد أن 42 مُدربا وطنياً حققوا اللقب لبلدانهم يُمثلون نسبة 91.30% مُقابل 4 منتخبات حققت اللقب بمدربين غير وطنيين يُمثلون نسبة 8.70%، إذ حقق منتخب أوروغواي أول نسخة بقيادة مدربه الوطني ألفريدو فوجلينو، ولكن الإنجاز القياسي كان للمدرب الأرجنتيني غييرمو ستابيلي الذي قاد منتخب بلاده لإحراز اللقب 6 مرات في أعوام 1941م و1945م و1946م و1947م و1955م و1957م. وفي بطولة أمم أووربا للمنتخبات التي تُقام كل 4 سنوات نجد أن 14 مُدرباً من أصل 15 حققوا اللقب لبلدانهم مقابل مدرب واحد فقط حقق نسخة واحدة لمنتخب اليونان عام 2004م.

61% في أبطال أوروبا وطنيون
وبعد إحصاء قمنا به عن المدربين الذي حققوا لقب مسابقة دوري أبطال أوروبا للأندية، التي تتنافس عليها سنوياً أقوى الأندية في القارة العجوز، تكشَّفَ لنا أن 61% من المدربين الذين حققوا الكأس الأوروبية في مجموع نسخها الـ64 -مُنذ أول نسخة كانت عام 1956م- مدربون وطنيون قادوا أندية بلدانهم لهذا اللقب، مقابل 39% حققوها مع أندية أخرى، أي أن 39 مدربا وطنيا حققوا اللقب لأنديتهم مقابل 35 مدربا من جنسيات مختلفة، وكان أول مدرب حقق هذه البطولة هو الإسباني خوسيه فيلالونغا مع نادي ريال مدريد الإسباني في أول نسختين من البطولة عامي 1956م و1957م، وكرر نفس الإنجاز من بعده مواطنه الراحل ميغيل مونيوز مع نفس النادي مرتين عامي 1960م و1966م، ليأتي من بعدهم أكثر من مدرب أوروبي حقق اللقب مرتين إلى ثلاث مرات، كما أظهر الإحصاء أن بعض هؤلاء المدربين حقق لقب دوري أبطال أوروبا مع ناديين مختلفين من بلده مثل المدرب الألماني أوتمار هيتسفيلد الذي حققها مرتين، الأولى مع بوروسيا دورتموند عام 1997م والمرة الثانية مع نادي بايرن ميونخ عام 2001م، كما أن البعض الآخر من المدربين الذين حققوها مع أندية من بلدانهم كرروا الإنجاز مع أندية من بلد آخر مثل المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، إذ فاز بها مع نادي ميلان الإيطالي مرتين عامي 2003م و2007م والثالثة مع ريال مدريد الإسباني عام 2014م.
مونديال الأندية مُناصفة
وفي مسابقة كأس العالم للأندية التي تُلعب سنوياً واختتمت نسختها رقم 16 خلال شهر ديسمبر الحالي نجد أن 50% من الأندية الفائزة باللقب كانت بقيادة مدربيها الوطنيين، ونسبة 50% الأخرى بمدربين غير وطنيين، وكان أول مدرب حقق هذه البطولة هو البرازيلي أوزفالدو دي أوليفيرا مع نادي كورينثيانز البرازيلي في أول نسخة كانت عام 2000م، ومن المدربين الذين حققوا مونديال الأندية أكثر من مرة مع ناديين مختلفين واحد من بلاده والثاني من بلد آخر هو المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي، الذي فاز بها مع نادي ميلان الإيطالي عام 2007م والثانية مع ريال مدريد الإسباني عام 2014م، وأيضاً كان للمدرب الإسباني بيب غوارديولا نصيب الأسد فحققها ثلاث مرات، مع نادي برشلونة الإسباني مرتين عامي 2009م و2011م، والثالثة مع نادي بايرن ميونخ الألماني عام 2013م.
الإسبان متفوقون
وفي الدوري الإسباني لكرة القدم أفضل دوري في العالم وفق موقع الاتحاد الدولي للتاريخ والإحصاء، نُلاحظ تفوق المدربين الوطنيين من ناحية الاستقرار في أنديتهم بـ23 مدربا حققوا اللقب 44 مرة في 88 نسخة حتى الموسم الأخير 2018/2019م، مقابل 28 مدربا أجنبيا حققوا الدوري الإسباني، ويتصدر قائمة المدربين الأكثر فوزاً باللقب الإسباني الراحل ميغيل مونيوز بتسع مرات مع نادي ريال مدريد، كانت ثمان منها متتالية منذ موسم 1960/1961م وحتى 1968/1969م، والمرة التاسعة كانت في موسم 1971/1972م وهو المدرب الأكثر حصداً للألقاب مع ريال مدريد بمجموع 14 بطولة، في المقابل نجد مواطنه المدرب بيب غوارديولا الذي حقق مع نادي برشلونة الإسباني 14 لقبا، ومع بايرن ميونخ الألماني 7 ألقاب، ونادي مانشستر يونايتد الإنجليزي 6 ألقاب ليصل مجموع ألقابه الشخصية إلى 27 لقبا.
تألُق العرب في الأفريقية
وفي مسابقة كأس أمم أفريقيا للمنتخبات التي تقام كل عامين، أظهر الإحصاء في نسخها الـ32، أن 46.88% من المنتخبات الفائزة باللقب كان بقيادة مدربيها الوطنيين، ونسبة 53.12% الأخرى بمدربين غير وطنيين، ولكن المدربين العرب الأفارقة كانت لهم بصمة جميلة في البطولة الأفريقية، عكس المدربين العرب في بطولة أمم آسيا، فمن خلال متابعتنا لسجل المدربين الوطنيين العرب الذين حققوا البطولة الأفريقية لمنتخبات بلدانهم، نجد أن الأسبقية كانت للمدرب المصري مراد فهمي -يرحمه الله-، الذي حقق لمنتخب بلاده أول نسخة من البطولة عام 1957م، ومن بعده السوداني عبدالفتاح حمد -يرحمه الله- عام 1970م، والجزائري عبدالحميد كرمالي -يرحمه الله- في عام 1990م، والمصري محمود الجوهري -يرحمه الله- في عام 1998م، ويليه ابن جلدته المدرب المبدع حسن شحاتة الذي حققها ثلاث مرات متتالية في أعوام 2006م و2008م و2010م في إنجاز مُميز وقياسي تزعمت به مصر القارة السمراء بـسبعة ألقاب، وفي النسخة الأخيرة التي أقيمت العام المنصرم 2019م حققها المنتخب الجزائري بقيادة المدرب الوطني جمال بلماضي، كما لا يفوتنا أن نُشيد بإنجاز المدرب الغاني تشارلز غيامفي، الذي قاد بلاده لتحقيق اللقب الأفريقي ثلاث مرات في أعوام 1963م و1965م و1982م.
عربي واحد في الآسيوية
وفي المقابل، أظهرت لنا نتائج رصد ومتابعة مسابقة كأس أمم آسيا للمنتخبات في نسخها الـ17 التي تقام كل أربع سنوات أن 41.17% من المنتخبات الفائزة باللقب كانت بقيادة مدربيها الوطنيين، ونسبة 58.83% الأخرى بمدربين غير وطنيين، ففي أول نسخة كانت عام 1956م قاد المدرب الكوري الجنوبي لي يوه يونج منتخب بلاده لتحقيق أول نسخة، ويُحسب للمنتخب الإيراني أنه الوحيد الذي حافظ على اللقب ثلاث مرات مُتتالية بمدربين وطنيين مختلفين في النسخ الثلاث أعوام 1968م و19872م و1976م، كما نشير إلى أن عميد المدربين السعوديين خليل الزياني يُعتبر المدرب العربي الوحيد الذي حقق لقب آسيا مع الأخضر السعودي عام 1984م.
الألمان نجحوا بأبنائهم
منتخب ألمانيا لم يعرف سوى 10 مدربين وطنيين في 112 عاماً منذ تأسيسه عام 1907م، أي بمعدل مدرب كل 11 عاما، والنتائج واضحة، أربع مرّات أبطال كأس العالم، والوصيف أربع مرات، ومثلها حل في المركز الثالث، وحقق كأس أمم أوروبا ثلاث مرات، ومثلها حل وصيفاً، وثالثاً أيضاً، ولقب كأس القارات مرة واحدة والمركز الثالث فيها أيضاً مرة واحدة، كل ذلك بفضل عوامل الاستقرار التدريبي على الكادر الوطني، والتكوين المستمرّ، واعتماد إستراتيجيّة التدرّج في تحقيق النتائج، والعمل باحترافيّة والحرص على رفع مستوى التنافسيّة في الدوريات المحليّة، حتى باتت من أقوى الدول التي تصنع كرة القدم في العالم.
خارطة مونديال 2014م
بعد خروج المنتخب الألماني لكرة القدم من ثلاث مباريات في دور المجموعات لبطولة أمم أوروبا عام 2000م، قرر رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم آنذاك جيرهارد ماير فورفيلدر ومعه أسطورة التدريب ديتريش وايز، أن كرة القدم في ألمانيا بحاجة إلى إصلاح شامل، واتفقوا على أهمية إدخال مكونين رئيسيين، هما: نظام موحد للكشف عن المواهب والترويج، ونظام متكامل لتدريب وتوعية النخبة من اللاعبين الشباب، فاجتمع مع ممثلي كل الأندية الألمانية المحترفة وكان عددها 36 نادياً، وتم إجبارها على إنشاء أكاديميات متخصصة لكرة القدم تهتم بالبراعم والصغار وتطور مواهبهم وترعاهم وتنمي قدراتهم، وأسندت الأندية الألمانية إدارات تلك الأكاديميات إلى لاعبين سابقين خضعوا لبرامج ودورات تأهيلية في الإدارة، ما شكلَ بجانب خبرتهم الكروية ثقافةً جديدة بالتعامل مع اللاعبين وضمان استمرار نجاح تلك الأكاديميات وترسيخ عبارة “أنتم أبطال كأس العالم” في أذهان الصغار، وبعد 6 سنوات من العمل الدؤوب والشاق في تلك الأكاديميات ظهرت أول ثمرةٍ لها في كأس العالم 2006م حينما نال المنتخب الألماني المركز الثالث والميدالية البرونزية، وفي عام 2008م حقق منتخب الشباب كأس أمم أوروبا تحت 19 سنة، وفي عام 2009م حقق منتخب الشباب كأس أمم أوروبا تحت 21 عاماً وكذلك ظفر منتخب الناشئين بكأس أمم أوروبا تحت 17 عاماً، وفي مونديال 2010م أيضاً حقق الألمان المركز الثالث والميدالية البرونزية بأداءٍ حاز على إعجاب كل المشاهدين، ولم ينتظروا سوى 4 سنين أخرى ليفوزوا بكأس العالم 2014م وبكل جدارةٍ واستحقاق وللمرة الرابعة في تاريخهم، وبنفس العام حقق منتخب الشباب كأس أمم أوروبا تحت 19 سنة للمرة السادسة في تاريخه، وفي عام 2017م حققت الماكينات الألمانية لقب بطولة القارات بالفريق الرديف وفي نفس العالم حقق منتخب ألمانيا الشاب كأس أمم أوروبا تحت 21 عاماً.
الفرصة الكاملة والاستمرار
أشار نجم الكرة الجزائرية والمحلل والناقد المعروف الكابتن رابح ماجر، إلى أن التفوق الواضح للكرة الأوروبية واللاتينية مرده أنها تعمل على إستراتيجيات طويلة المدى، فالعرب بحاجة لسنوات طويلة جداً من العمل الدؤوب المبني على أسس احترافية وجهد مضاعف لنتقدم، وأهم شيء هو الاستقرار والاستمرار، وهذه من أهم مشكلات العرب، فعلى سبيل المثال لا الحصر المدرب الوطني حسن شحاتة حقق مع منتخب مصر ثلاثة ألقاب أفريقية، إلا أنه لم تكن هناك فرصة كاملة له من أجل الاستمرار، وتم إبعاده، بعكس عما يحصل في أوروبا! وهذا يؤثر تأثيرا كبيرا على الطموح ويخلق أزمة كبيرة، لكننا نتمنى للكرة العربية أن تقدم مستويات جيدة في المستقبل.
الاهتمام والدعم
وطالب نجم الكرة السعودية السابق أحمد جميل، بالاهتمام بالمدرب الوطني ودعمه وتهيئته بشكل كامل وعدم هضم حقوقه، وقال: “المدرب الوطني يُعد الثروة الحقيقية لكل دولة، متى ما كثر عدد المدربين الوطنيين الأكفاء سيكون لنا حضور جيد في مختلف المسابقات المحلية والخارجية، فتغيير المدربين لدينا مثل القمصان، واستعجال النتائج هو الذي يُعجّل بتغيير المدربين، وأفضل مثال منتخب فرنسا حينما منح المدربين الفرنسيين الفرصة الكاملة ودعمهم تحققت لهم مكاسب كبيرة جداً، مُتمثلة بالفوز بكأس العالم مرتين، الأولى كانت في عام 1998م بفرنسا والأخرى في روسيا عام 2018م، فالمدرب الوطني قريب جداً من اللاعبين ولغة الحوار بينه وبين اللاعبين أقرب وأسهل”.
الصبر والمساندة
بدوره، أكد نجم الكرة المغربية السابق صلاح الدين بصير، أن المسؤولين على الكرة العربية مُطالبين بإتاحة الفرصة للمدربين الوطنيين، ودعم اللاعبين الصغار من المواهب التي تحتاج للصبر والمساندة وعدم الاستعجال بالحكم والمطالبة بنتائج إيجابية “ظرفية”، والعمل على زرع ثقافة الفوز والطموح، وأحب أن أشير لنقطة مهمة أن اللاعب العربي لدينا وبكل أسف يبرز من سن 19-20 سنة لكن في أوروبا العكس من 16-17 سنة، وهذا عائد لعامل مراكز التكوين الجيدة التي تعزز من سرعة اكتمال الموهبة الكروية ودخولها معترك المنافسة بقوة.
الخلاصة

وفي ختام هذا الملف، حاولنا أن تكون لغة الأرقام، هي التشخيص لمشكلة تأخر الكرة في السعودية خصوصاً، والكرة العربية بوجه عام عن ركب العالمية، كما حاولنا عبر استقصاء آراء الخبراء الإجابة على عدد من الاستفهامات:
* لماذا لا نُشاهد مدربين وطنيين ينتشرون في الكرة السعودية بكثرة وبجودة عالية ويحققون إنجازات كبيرة حالهم حال المدربين الأجانب؟!
* كيف يمكن بناء كوادر وطنية بأفضل صورة؟
* لماذا يتم التركيز على فشل المدرب الوطني ولا يُمنَح فرصة أخرى، بينما نجد المدرب الأجنبي يفشل مع فريق ولا يلبث أن يستقدمه ناد آخر؟
* نلاحظ أن مُتخذي القرار في الدول المتقدمة يقومون بإعداد المدربين الوطنيين، سواء كانوا لاعبين سابقين مُعتزلين أو شُباناً هُواة للتدريب، ويمنحونهم الثقة والفرص الكاملة من خلال إعدادهم بشكل تدريجي وصناعتهم بشكل مميز، وإتاحة الفرصة لهم للتدريب في مراكز الكشف عن المواهب وتكوينها إلى أن يُشرفوا على تدريب الفئات السنية بشكل تصاعدي، ومنهم من تكون جاهزيته ممتازة لخوض غمار تدريب الكبار سواء نادٍ أو منتخب، ومن ثم نجدهم يحققون الإنجازات في بلدانهم، ومن ثم يقودون أكبر الأندية والمنتخبات في أقوى البطولات ويصنعون أجيالا ونجوما يتحدث التاريخ عن إنجازاتهم.
إجابات أسئلتنا نجدها لدى مُتخذي القرار في الاتحاد السعودي لكرة القدم والأندية السعودية، متى ما اقتنعوا بفكرة وجود المدرب الوطني ومنحوه الثقة والفرصة الكاملة وابتعدوا عن التدخل في عمله بعد الاطلاع على خططه وإستراتيجيته ومدتها الزمنية ودعمها بالكامل، وسنجد أيضاً أن كل اللاعبين السعوديين والمحترفين الأجانب لدينا يحترمون وجود المدرب الوطني، وحتى الإعلام سيتضامن ويساند ويدعم تواجد المدرب الوطني السعودي الذي حال تحقيقه أي نجاح مع المنتخب أو النادي فهو نجاح للوطن.
نفس الحال ينطبق على صانعي القرار في كرة القدم العربية، متى أرادوا العمل الجاد والدؤوب على تطوير المدرب الوطني، وصناعته والصبر عليه لفترات طويلة، ودعمه بشكل كامل سنجد نتائج هذه الصناعة الوطنية كرة قدم عربية متطورة بشكل تصاعدي للقمة.
المملكة العربية السعودية وكافة الدول العربية غنية بالمواهب في كرة القدم ومختلف الرياضات، ومع قرب دخول عام 2020م أتمنى أن يكون هذا العام بداية تحول في فكرنا وتفكيرنا بنظرة أوسع لمستقبل كرتنا العربية بدلاً من البحث عن النتائج الوقتية بالمدربين الأجانب.
آن الأوان ياعرب لأن نشق طريقة النجاحات العظيمة في عالم المستديرة خطوةً بخطوة بقيادة أبناءنا.

 

UAE’s head coach Mahdi Ali holds the trophy after winning their Gulf Cup final match against Iraq in Isa Town, January 18, 2013. REUTERS/Fadi Al-Assaad (BAHRAIN – Tags: SPORT SOCCER)

 

MOSCOW, RUSSIA – JULY 15: Didier Deschamps, Manager of France celebrates with the World Cup trophy following the 2018 FIFA World Cup Final between France and Croatia at Luzhniki Stadium on July 15, 2018 in Moscow, Russia. (Photo by Shaun Botterill/Getty Images)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى