بعد تدهور الليرة.. غلاء غير مبسوق في سوريا
تشهد العملة السورية مجدداً، تراجعاً كبيراً في قيمتها مقابل العملات الأجنبية الأخرى، الأمر الّذي يؤثر بشكلٍ مباشر على حياة السكان في عموم أنحاء سوريا.
وأدى تراجع سعر صرف الليرة السوريّة مقابل الدولار الأميركي، لارتفاعِ أسعار المواد والخدمات. ووصف سكان محليون هذا الارتفاع بـ “الجنوني”، لاسيما أن هذا التراجع الكبير هو الأول من نوعه منذ سنوات، بعد أن وصل سعر الصرف مقابل الدولار الواحد إلى 800 ليرة سوريّة.
وتعليقاً على الأزمة، قال الأكاديمي والخبير الاقتصادي السوري، جلنك عمر، لـ “العربية.نت” إن “قدرة حكومة النظام السوري على التعامل مع هذه الأزمة ليست كبيرة نتيجة الدمار الّذي حلَّ باقتصادها خلال ما يقارب تسع سنوات من عمر الأزمة”.
وأضاف أن “احتياطات النقد الأجنبي في البنك المركزي السوري باعتقادي هي في الحد الأدنى، لذلك ربما لم يعد بإمكانه القدرة على التدخّل أو المساهمة في حلّها”.
أزمة محروقات
ويواجه السوريون في مختلف أنحاء البلاد، صعوباتٍ كبيرة في تأمين مستلزماتهم خاصة الغذائية وكذلك المتعلقة بفصل الشتاء كمواد التدفئة والمحروقات إلى جانب المواد الطبية والأدوية المستوردة، في حين أن حكومة النظام أصدرت مرسوماً يقضي بزيادة رواتب موظفيه من المدنيين والعسكريين، وهذه الزيادة تقدر بنحو 26 دولاراً أميركياً.
وفي هذا الصدد، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن “الحكومة في مواجهة هذه الأزمة، اتخذت مجموعة إجراءات منها زيادة في رواتب العاملين لديها، بالإضافة لإقرارها سلّة غذائية يُقدر ثمنها بنحو 10 آلاف ليرة سورية (حوالي 13 دولاراً أميركياً)”.
وأضاف أن “هذه السلة الغذائية تشمل مواد تموينية أساسية كالسكر والرز والزيت والشاي بأسعارٍ منخفضة”.
مسكنات للأزمة
ويعتمد السكان في مناطق سيطرة النظام على “البطاقة الذكية”، وهي التي تُرغم موزعي الغاز المنزلي والمحروقات على الالتزام بالأسعار التي تحددها الجهات الرسمية.
وعلق الخبير الاقتصادي عليها بالقول إن “إجراءات الحكومة هذه مجرد مسكّنات للأزمة، لكن الأمر يحتاج لعلاجٍ جذري”.
غلاء مختلف
إلى ذلك، يواجه الأهالي في آخر معاقل سيطرة المعارضة السورية المسلحة في إدلب، غلاءً في مختلف أسعار المواد الغذائية والسلع الأخرى، لكن الجهات التي تسيطر عليها لم تتخذ أي إجراءاتٍ فعليّة، على غرار ما فعلته “الإدارة الذاتية” التابعة للأكراد أو النظام.
يذكر أنه بعد أيامٍ من مرسوم حكومة النظام والذي يقضي بزيادة رواتب موظفيه، أقرت “الإدارة الذاتية” زيادة في الرواتب لموظفيها العسكريين والمدنيين على حدّ سواء، تتراوح بين 15 إلى 35% من قيمة رواتبهم.
وقال الخبير الاقتصادي إن “زيادة رواتب موظفي الإدارة الذاتية، تأتي كتعويض لانخفاض سعر صرف الليرة السورية، لاسيما أن الإدارة ليست هي من تحدد سعر الصرف، بل البنك المركزي، ولكن أدوات السياسة المالية لدى الإدارة تعتمد على إيجاد مصادر إيرادات بديلة أو زيادة الإنفاق العام على الطبقات المتضررة من انخفاض قيمة العملة المحلية”.
تفاهمات مع دمشق
كما أضاف أن “هناك مقترحات لحل الأزمة التي تعاني منها البلاد، لكنها تتعلق بالتفاهمات بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية كالتي حصلت الشهر الماضي على الصعيد العسكري، ويمكن لهذه القوات الوصول إلى تفاهمات أخرى ستساهم بتخفيف العبء على المواطنين وعلى سبيل المثال تأمين احتياجات الأسواق المحلية في دمشق وحلب من مناطق الإدارة الذاتية”.
إلى ذلك، شدد على أن “الثروات المختلفة والمتنوعة في مناطق الإدارة ستدعم الاقتصادي المركزي في دمشق، كما أن التفاهم السياسي بينها وبين النظام، سيفتح المجال أمام إعادة الإعمار والاستثمارات، وهذا ما سيؤدي لضخ الأسواق المحلية بالعملات الصعبة”.
بيع النفط
وبحسب الخبير الاقتصادي فإن “الإدارة الذاتية” تعتمد في تأمين القطع النقدي من العملة المحلية والعملات الأجنبية، على بيع النفط “بشكلٍ محدود”، بالإضافة للثروات الحيوانية وتصديرها إلى العراق وإقليم كردستان، إلى جانب الحبوب والقطن ومنتجات زراعية أخرى.
كما أكد أن “الهجوم التركي الأخير، أوقف عمليات بيع النفط وتصديره لمناطق سورية تحتلها أنقرة، مثل جرابلس والباب واعزاز وعفرين وكذلك إدلب”.
وتابع أنه “بحسب التقارير المتوافرة لدينا فإن تصدير النفط لتلك المناطق متوقف حالياً، بينما يُصدر النفط لمناطق االنظام بشكلٍ محدود مع وجود صعوباتٍ في ذلك”.