لقاء حصري لقناة العربية مع رئيس مجلس إدارة “هواوي” يناقش تحديات الحظر الأمريكي واستراتيجية عمل الشركة وآفاقها المستقبلية في منطقة الشرق الأوسط
أكد السيد ليانغ هوا، رئيس مجلس إدارة شركة “هواوي” في مقابلة حصرية لقناة العربية أجرتها معه مقدمة البرامج الاقتصادية لارا حبيب بمقر الشركة في مدينة شينزن بالصين وبثته القناة ضمن برنامج “مقابلة خاصة” يوم أمس، أن منطقة الشرق الأوسط باتت تُعتبر رائدة في عدد من مجالات تقنية المعلومات والاتصالات، وتمثل سوقاً بالغ الأهمية بالنسبة لشركة هواوي، سيما على ضوء سعي العديد من بلدان المنطقة ليكونوا سباقين في مجال الاستفادة من التقنيات الحديثة كالجيل الخامس والذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية لدفع عجلة التنمية والتطوير في مختلف القطاعات الحيوية والصناعات والمشاريع الوطنية الكبرى في إطار بناء الاقتصادات الرقمية وتحقيق أهداف الاستراتيجيات والرؤى الوطنية.
وتعمّق ليانغ هوا في الحديث عن تاريخ الشركة في الشرق الأوسط واستراتيجية أعمالها للعام المقبل، ومواجهتها للتحديات التي فرضتها تطورات إدراج هواوي ضمن “القائمة السوداء” الأمريكية. وقال ليانغ هوا: ” لقد كانت دول الشرق الأوسط دائماً سبّاقة في مجال بناء شبكات الاتصالات وتقنية المعلومات، وكانت بعض بلدان المنطقة من أوائل الدول على مستوى العالم في مواكبة تبني تقنية الجيل الخامس، فلطالما أخذت دول المنطقة إنشاء البنى التحتية لتقنية المعلومات والاتصالات والاستثمار فيها على محمل الجد، مما أدى لازدهار التجارة الإلكترونية ومحاور أخرى تعتمد الرقمنة في جميع أنحاء المنطقة. لقد حددت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 – على سبيل المثال – جدولاً زمنياً يوافق مواعيد إطلاق شبكة الجيل الخامس في البلاد.
وأضاف أن نسبة الشباب الكبيرة والانتشار الواسع لشبكة الإنترنت يمثلان بالنسبة لشركات الاتصالات دافعاً كبيراً لإنشاء شبكات متطورة والاستثمار بالتقنيات الجديدة كالجيل الخامس. ولا شك أن هذه الاستثمارات ستسهم في تعزيز عمل العديد من القطاعات الحيوية والصناعات مثل النفط والغاز، والرعاية الصحية، والسياحة، والمدن الذكية”.
وعن التحديات التي تمر بها الشركة في ظل استمرار حظر الإدارة الأمريكية الذي يمنع الشركات الأمريكية من بيع منتجاتها لشركة هواوي دون الحصول على تصريح مسبق، أكد ليانغ هوا أنه بالرغم من أن إدراج هواوي ضمن “القائمة السوداء” قد أثر على أعمالها إلى حد ما، إلا أن التأثير الأكبر كان على الشركات الأمريكية. وأردف قائلاً: “نحن نأمل أن يتم رفع شركة هواوي من ’القائمة السوداء‘، لكن على أي حال لم يؤثر وضعنا في القائمة بشكل جوهري على أعمالنا، وإنما كان تأثيره الأكبر على الموردين الأمريكيين “، مشيراً إلى أن هواوي بدأت بتطوير نظامٍ لإدارة استمرارية أعمالها منذ وقت طويل، حيث تم تصميم هذا النظام في الأصل ليتمكن من مواجهة التأثيرات غير المتوقعة على سلسلة التوريد في هواوي باعتبار أن هواوي كانت تتوقع بشكل أو بآخر موقفاً مماثلاً للإدارة الأمريكية. وعن ذلك قال: “لقد أدركنا منذ عدة سنوات أن الهجمات الأمريكية ضد هواوي كانت تتزايد حدة، ولذلك لم نتفاجأ بإضافتنا إلى ’القائمة السوداء‘، ومع ذلك، إذا سمحت الحكومة الأمريكية للموردين الأمريكيين بتزويدنا بمنتجاتهم، سنواصل العمل معهم بكل سرور”.
وأضاف ليانغ هوا أنه بالرغم من الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على الدول الأخرى لحظر منتجات هواوي لديها، إلا أن هناك العديد من الشركات في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية قد اختارت هواوي لبناء شبكات الجيل الخامس الخاصة بها، والمهم في الأمر أن هذا الاختيار سيأتي أكله على صعيد متابعة توفيرنا لأحدث الابتكارات والمنتجات والحلول والخدمات باعتبار أن هواوي أوجدت فعلياً بدائل للرقاقات الإلكترونية والمكونات الأخرى الأمريكية المصدر الخاصة بالمنتجات الأساسية، مما يضمن عدم تأثرها بإدراجها ضمن “القائمة السوداء”.
وأوضح هوا أنه بفضل خطط الإدارة الجديدة وإعادة هيكلة الأعمال، تمكنت هواوي من متابعة القيام بعمليات تجارية ناجحة حققت نتائج مالية جيدة، إذ استمر نمو الإيرادات العالمية بنسبة 24,4% على أساس سنوي وفقاً للنتائج المعلنة للأرباع الثلاث الأولى من عام 2019.
وأكد هوا قائلاً: “تتمثل أولوياتنا في ضمان استمرار إدارة شؤوننا التجارية والإدارية بشكل معتاد، ومتابعة تقديم أفضل المنتجات والخدمات لعملائنا”. وتحقيقاً لهذه الغاية، تعمل هواوي على زيادة حجم مجموعتها الكاملة من حلول الجيل الخامس المتطورة لتخطيط وتصميم وإنشاء وتشغيل الشبكات، بالإضافة إلى أجهزة الجيل الخامس كالهواتف الذكية. ورأى هوا أن قيمة استثمارات هواوي في البحث والتطوير يتوقع أن تبلغ ما يقارب 17،4 مليار دولار أمريكي هذا العام.
ويمكن للشركة – كما يرى ليانغ هوا – أن تحقق نتائج سريعة في مجال البحث والتطوير، وذلك بفضل نظام “ملكية أسهم الشركة لموظفيها” التي يمتلك بموجبها الموظفون حصصاً لأسهم افتراضية مقيدة في الشركة، وبذلك تكون جميع أسهم الشركة مملوكة للموظفين، مما يتيح لها التركيز بشكل أفضل على تطوير أعمالها على المدى الطويل أكثر من تحقيق مكاسب قصيرة الأجل.
وأكد ليانغ هوا أن الشركة تعطي الأولوية للاستثمارات في مستقبلها خصوصاً في المناطق والبلدان التي تعتبر تقنية المعلومات والاتصالات محوراً حيوياً لنموها وبناء اقتصادها وتحقيق أهداف خططها الوطنية. وأضاف: “تمثل منطقة الشرق الأوسط سوقاً بالغ الأهمية بالنسبة لشركة هواوي، وقد عملنا بشكل وثيق مع عملائنا في المنطقة وأسسنا شراكات استراتيجية متينة مع العديد من الأطراف الفاعلة في مجال تسخير التكنولوجيا لصالح مسيرة التنمية والتطوير الاقتصادي والاجتماعي، فتواجد هواوي في الشرق الأوسط هو لخدمة المنطقة، ونحن نعمل بلا كلل من أجل المساهمة في ازدهارها، ولدينا دور مهم نؤديه فيها. نحن نطمح لزيادة فاعلية التقنية الرقمية المتطورة لسد الفجوة الرقمية، وتوفير المزيد من الراحة للناس، ودفع النمو الاقتصادي في الشرق الأوسط”.