تقنية البناء.. مشاريع ضخمة وفرص عمل ونمو واعد
منذ انطلاقها حققت “مبادرة تحفيز تقنية البناء” العديد من الأهداف التي ساهمت بقوة في نشر تقنية البناء ودعمت الصورة الذهنية لهذه التقنيات لدى المجتمع السعودي والعاملين بقطاع العقار خاصة.
بدأت المبادرة كنواة لتغيير واقع السكن والبناء في المملكة ولتؤسس مرحلة جديدة تتجاوز المسكن التقليدي الذي استمر استخدامه مئات العقود والمكون من الطوب والإسمنت والخرسانة، لتصل إلى الجيل الرابع من المنازل، الذي يستخدم تقنيات البناء ويوفر المسكن للإنسان بصورة أكثر سرعة وفعالية من أجيال المساكن السابقة.
وبجهود العاملين بها تحركت المبادرة على أكثر من صعيد، إذ كان أحد أهدافها الرئيسية دعم المطورين والمقاولين لاستخدام التقنية، وأيضًا تعزيز مصانع التقنية ودعم بقية أطراف العملية وصولاً للمستهلك النهائي الذي يجد مسكنًا عصريًا يلبي احتياجه ويوفر عليه الوقت والمال.
وفي سبيل الوصول لغايتها عقدت المبادرة العديد من الشراكات والتعاون وابتكرت حلولاً لكثير من الهيئات لتنشر أسس تقنية البناء في المملكة وتجعلها منهجًا لمطوري المستقبل ينتجون من خلاله عقارات متميزة تلبي احتياجات السوق.
ومن المشاريع الكبيرة التي رعتها المبادرة ووفرت العديد من فرص العمل واستخدمت فيها تقنية البناء، مشروع “الورود” بمدينة الطائف، الذي يعدُّ إضافة كبيرة ومهمة لقطاع البناء السعودي، حيث يضم 4775 وحدة سكنية بتقنيات البناء بنماذج ومساحات متنوعة. ونُفِّذت الوحدات التي ضمها “الورود” بتقنیة القوالب النفقية، وهي عبارة عن نظام شدات جاهزة لصب العناصر الخرسانية المختلفة في المصنع أو في الموقع، ويتم تصنيعها من عدة مواد كالحديد والألمنيوم. وتمَّ تطوير هذه القوالب لصب كلٍّ من الجدران والأسقف في وقت واحد؛ إذ يتميز هذا النظام بسرعة الإنجاز من خلال تقليص مراحل التنفيذ مثل اللياسة للجدران والأسقف مع إمكانية استخدام القوالب لعدد كبير من المرات، وتساهم هذه التقنية في تقليل الهدر في المواد بنسبة ٦٠٪. والمبادرة بذلت جهودًا كبيرة من أجل نجاح المشروع، وقدَّمت لمطوره عدة دورات تدريبية بالتعاون مع المعهد العقاري وساهمت في زيادة قدراته.
وتهدف المبادرة، التي يعمل على تنفيذها برنامج الإسكان وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية، إلى إلقاء الضوء على تقنيات البناء، وفق “رؤية 2030″، التي تهدف إلى جذب الاستثمارات المحلية والدولية وتوطين صناعة تقنية البناء محليًا لتوفير مساكن حديثة وعصرية للمواطن السعودي، وكذلك دعم المطورين والمقاولين وحثهم على تبني تقنيات البناء.
ومن المشاريع المتميزة التي دخلت بها المبادرة، مشروع “بيتنا بكيفنا” الذي يعدُّ الأول من نوعه في السعودية، وتسهم فيه المبادرة عن طريق تمكين البناء الذاتي، وذلك من خلال توفير مطورين عقاريين ومُصنِّعين للتقنيات الحديثة في الموقع. ويضم موقع المشروع في العيينة 192 قطعة أرض، و3 نماذج لفيلات، تمَّ بناؤها باستخدام أساليب البناء الحديثة. والمشروع نقلة نوعية في المشاريع المطروحة باعتباره نتاج شراكة فاعلة بين وزارة الإسكان و”مبادرة تحفيز تقنية البناء”، وصندوق التنمية العقارية، في خطوة تستهدف تسهيل عملية الحصول على المسكن من خلال استخدام تقنيات البناء الحديثة.
المبادرة أيضًا دعمت الصناعة للتحول ناحية تقنية البناء، حيث وقَّع من خلالها كلٌّ من صندوق التنمية الصناعية السعودي مع شركة أيان القابضة وشركة جدران وطن، أول عقدين لتمويل إنشاء مصانع لتقنية البناء الحديث في السعودية، بقيمة 186 مليون ريال، بحضور وزير الإسكان. وتضمن العقد الأول إنشاء أول مصنع يستخدم نماذج موحدة (Modular) كأول مشروع يتم تمويله من خلال “مبادرة تحفيز تقنية البناء”، وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمشروع أكثر من 1500 وحدة سكنية في السنة، على أن تتم 75% من أعمال البناء داخل المصنع، ويوفر الجودة والعزل الحراري ومقاومة الحريق.
فيما تضمن العقد الآخر إنشاء مصنع “جدران وطن” الحاصل على براءة الاختراع عالمية في هذا المجال، بطاقة إنتاجية تبلغ أكثر 624 وحدة سكنية في السنة، ويعمل باستخدام خرسانة مسبقة الصب بطرق حديثة وقوالب لتنفيذ ألواح مفرغة، على أن تتم 40% من أعمال البناء داخل المصنع، كما يساهم في خفض ما يقارب 50% من تكلفة الخرسانة المسبقة الصب بدون تفريغ، مع توفير خاصية العزل الحراري وسرعة الإنجاز.
وينتظر مستقبل تقنية البناء في المملكة الكثير، إذ يعدُّ القطاع مفتوحًا وخصبًا لعمل جاد ودؤوب، ويعِد هذا المجال مطوري العقارات والشركات التي تمتهن البناء بالمزيد من الفرص الواعدة التي تسمح بنمو كبير ومُرضٍ لشريحة واسعة من المستثمرين والعاملين بالمجال.
ويعدُّ إنجاز منزل في يومين بأرض تتبع وزارة الإسكان بشمال الرياض، أحد قصص نجاح المبادرة البارزة، حيث استخدم في هذه التجربة أحدث تقنيات البناء الحديثة Modular Concrete. وتأتي هذه التجربة في إطار أهداف “مبادرة تحفيز تقنية البناء”، ضمن برنامج الإسكان وبرنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية.
وتعمل المبادرة حاليًا على استقطاب أفضل التقنيات الحديثة في بناء المساكن، وأحدث ما توصَّل إليه العالم في هذا المجال تمهيدًا لإخضاعها للتجارب اللازمة التي من خلالها يتحدد مدى مطابقتها للاشتراطات والمواصفات ذات العلاقة بالبناء والإنشاء، ومناسبتها لاحتياج الأسرة السعودية.
وللمبادرة عدة أهداف يمكن إيجازها فيما يلي: رفع الطاقة الإنتاجية لمصانع البناء في المملكة، وتعزيز الاستفادة من المحتوى المحلي بنسبة 70%، وخلق 6 آلاف وظيفة للسعوديين، ورفع نسبة المساهمة للإنتاج المحلي الإجمالي لتصل إلى 80 مليار ريال سعودي، وتقليص تكلفة البناء بنسبة تتراوح من 5% إلى 20%، وتقليل زمن التنفيذ إلى أقل من 90 يومًا، وتحسين الجودة للوحدات السكنية ورفع مستوى الرضا