منوعات

دارة الملك عبدالعزيز تحتفظ بأقدم “منمنمة” في العالم وثقت للمدينة المنورة

تحتفظ دارة الملك عبدالعزيز بأقدم “منمنمة” في العالم، وثقت للمدينة المنورة في رسم تاريخي يعود إلى ما قبل 500 عام، كواحدة من الوثائق والمخطوطات القديمة التي تملكها الدارة، واقتنتها من مكتبة مكة المكرمة، بعد أن قامت بترميمها وفهرستها ضمن اهتمامها بتاريخ المخطوطات بصفته أحد أهدافها الرئيسية؛ لكونه مصدرًا تاريخيًّا مهمًّا يمثل جانبًا في الثقافة العربية والإسلامية، ويتضمن المآثر الفكرية المدونة.

وسبرت الدارة -وفق عدد من المصادر الأم- أن الاهتمام بالمخطوطات في العصر الإسلامي نبع مع كتابة القرآن الكريم؛ حيث كانت كتابة المصحف في البدايات بخطوط بارزة وأحرف غير منقطة، ومنها بدأ تسلسل تطور كتابة الحرف بخطوط وأشكال وأنواع مختلفة تُظهر تفرد الأنماط العربية التي كان أساسها كتابة المصاحف على مر التاريخ.

وأشارت إلى أن هذه “المنمنمة” عبارة عن صور زخرفية مرسومة على المخطوطة؛ لإضفاء مزيد من التوضيح عليها، أضيفت إلى قائمة الوثائق التاريخية النادرة عن المدينة المنورة والمخطوطات الإسلامية؛ في الوقت الذي شهد فيه العهد السعودي تأسيس العديد من المكتبات، ومنها مكتبة الحرم النبوي التي أعيد تأسيسها سنة 1352هـ، ومشروع جمع عددًا من المكتبات الوقفية المتناثرة في المدينة المنورة في مبنى واحد تحت اسم “مكتبة المدينة المنورة العامة”؛ وذلك بعد أن بدأ مشروع توسعة المسجد النبوي عام 1375هـ، وشرع في نزع ملكيات العقارات المجاورة للمسجد، وافتتحها الملك سعود بن عبدالعزيز آل سعود -يرحمه الله- عام 1380هـ.

وأرجعت الدارة العناية بتاريخ المدينة المنورة إلى اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- وحرصه على حفظ المقتنيات الإسلامية للمدينة المنورة، ومن ذلك أمره الكريم بإنشاء “مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية بالمدينة المنورة” بجوار مسجد قباء؛ ليشمل محتويات مكتبة الملك عبدالعزيز في المدينة المنورة والمكتبات الوقفية الأخرى، ولدى الأهالي الرغبة في خدمة المنطقة، ويضم متحفًا للمقتنيات الإسلامية النادرة والصور عن المكتبات الوقفية بطيبة.

وعرجت على المخطوطات التي ظهرت في المدينة المنورة منذ فجر الإسلام وهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ حيث كتب القرآن الكريم في عهده عليه الصلاة والسلام متفرقًا على ورق وحجارة وعظام، ثم جمع في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه بعد أن كلف زيد بن ثابت رضي الله عنه بجمعه، كما جمع في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه؛ مشيرة إلى أن الحضارة العربية الإسلامية عرفت هذه المخطوطات بحسب قول كثير من المختصين في علم المخطوطات من خلال الأطوار الثلاثة التي جمع في طياتها كتاب الله عز وجل.

كما أن هناك بواكير تدوين السنة النبوية في المدينة المنورة على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم؛ حيث كانت هناك بعض الصحف الخاصة لأفراد من الصحابة -رضي الله عنهم- فيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى مشروع تدوين السنة في عهد الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز -رحمه الله- على يد أبي بكر بن حزم.

ووثّقت دارة الملك عبدالعزيز المخطوطات التي كانت تُحفظ في خزائن الحرم النبوي، ومكتبات المدارس التي وجدت اهتمامًا من أهالي المدينة المنورة، مثل: المدرسة الشهابية التي أنشئت في القرن الثامن الهجري، ودرس فيها جماعة من العلماء الكبار، وحظيت بدعم المقيمين في المدينة والقادمين إليها، ووقفوا عليها كتبًا كثيرة من بينهم أبو إسحاق الذي كان يدرس فيها عام 726هـ، وأبو عبدالله محمد بن محمد الغرناطي المتوفى سنة 754هـ.

وأشارت إلى عدد مكتبات المدينة المنورة في أوائل العهد السعودي الذي بلغ 124 مكتبة موزعة بين مكتبات عامة ومدرسية، وأربطة، وخاصة؛ كان أبرزها: مكتبة الملك عبدالعزيز التي وضع حجر أساسها الملك فيصل بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في 3 محرم 1393هـ، وافتتحها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله- في 16 محرم عام 1403هـ.

وكانت دارة الملك عبدالعزيز قد دشنت في 25 رمضان الماضي برعاية أمير منطقة المدينة المنورة، وضمن برامجها في المدينة ثلاث مبادرات تتعلق بالمخطوطات، وهي مبادرة مشروع توثيق تاريخ المصحف الشريف من التدوين إلى الطباعة، ومذكرة تعاون مع إدارة التعليم بالمدينة المنورة لتطوير دار القلم، وإعادة تأهيلها لتكون مركزًا رائدًا ودائمًا لفنون الخط العربي، وتوقيع مذكرة تعاون مع مكتبات الأسر الوقفية بالمدينة، شملت: مكتبة وقف أحمد بن عمر البساطي، ومكتبة رباط محمد بن مظهر الفاروقي، ومكتبة أسرة الشيخ أحمد بن ياسين الخياري، ومكتبة السيد حبيب بن محمد أحمد؛ في إطار المحافظة على الوثائق والمخطوطات والمصادر التاريخية.

ومما يجدر ذكره أن دارة الملك عبدالعزيز انضمت رسميًّا لهيئة المخطوطات الإسلامية “TIMA”، وهي منظمة غير ربحية مهمتها الحفاظ على مجموعة المخطوطات الإسلامية، ودعم كل من يتعامل معها، وإنشاء وحدة إلكترونية متنقلة لفهرسة مخطوطات الأفراد وترقيمها، ومعمل الترميم والمعالجة الكيميائية لمركز الملك سلمان بن عبدالعزيز للترميم والمحافظة على المواد التاريخية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى