مدفوعات رمز الاستجابة السريعة: خطوة مهمة لترسيخ تجارة غير نقدية في المملكة العربية السعودية
أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي مؤخراً توقيع مذكرة تفاهم مع 12 جهة تشمل تسعة بنوك وثلاث شركات للتكنولوجيا المالية لتطبيق منظومة للمدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة (QR code) وتشغيلها. وستساهم هذه الخطوة في إرساء نموذج تحولٍ إلكتروني للقطاعات غير النفطية على غرار التجارة الإلكترونية، والخدمات اللوجستية وغيرها، الأمر الذي يساعد في إثراء التنوع الاقتصادي في المملكة.
وقد بات الدفع عبر رمز الاستجابة السريعة من أكثر طرق الدفع رواجاً على الصعيد العالمي، وذلك في أعقاب تطورها باعتبارها ابتكاراً لاقى انتشاراً عالمياً واسعاً عبر مختلف قطاعات الأعمال والتسوق. كما ساهمت الشركات المتخصصة في تقنيات الدفع مثل Visa بتمكين نمو المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة وحثت التجار على تبنيها في 15 دولة حول العالم من خلال إطلاق حلول مدفوعات مبتكرة للهواتف المتحركة مثل “حلول Visa للدفع عبر الهواتف المتحركة”.
وبالطبع، يتبادر إلى أذهاننا سؤال مفاده، ماذا نعني بالمدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة وكيف يمكنها تسريع وتيرة خطط التحول الرقمي في المملكة العربية السعودية؟
رمز الاستجابة السريعة عبارة عن رمز ثنائي الأبعاد مصمم كنمط من المربعات السوداء مرتبة في شبكة مربعة على خلفية بيضاء، ويمكن قراءة رمز الاستجابة السريعة باستخدام جهاز تصوير مثل كاميرا الهاتف الذكي[1]. وتتيح لنا حلول الدفع المعتمدة على رمز الاستجابة السريعة إرسال المدفوعات مباشرةً من حساب الخصم أو بطاقة الائتمان أو البطاقات مسبقة الدفع لجميع أنواع التجار والشركات باستخدام الهاتف الذكي. ويعني ذلك أنه إذا رأينا علامة رمز الاستجابة السريعة لدى التاجر، يمكننا إجراء الدفع فقط عبر مسح الرمز باستخدام الهاتف المتحرك دون الحاجة إلى استخدام النقود.
وفي دول على غرار المملكة العربية السعودية، حيث يمتلك 74% من السكان هواتف ذكية، فإن المدفوعات باستخدام رمز الاستجابة السريعة مرشحة للانتشار بشكل كبير.
فوائد استخدام المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة
- الأمان
تحظى المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة بتشفير رقمي ويتطلب استكمالها عملية مصادقة وموافقة. وهذا يعني أنه لا يمكن بدء أي معاملة ما لم يوافق كلا العميل والتاجر. وعلاوة على ذلك، لن يحتاج العميل لإدخال رمز التعريف الشخصي في جهاز التاجر، ولا يلزم إدخال الهاتف المتحرك أو تمريره على الجهاز. ونظراً لأن العملية تلغي الحاجة لاستخدام البطاقة أو الرقم السري، ولا يتم التطرق إلى معلومات الدفع عبر شبكة التاجر الإلكترونية، فإن احتمالات الاحتيال ستقل إلى حد كبير[2].
- السرعة
تبرز أهمية وفاعلية المدفوعات عبر رموز الاستجابة السريعة في نقاط البيع المزدحمة، حيث تكون السرعة عاملاً جوهرياً ويحتاج التاجر إلى امتلاك زمام السيطرة على المبالغ المدفوعة. وتتمثل إحدى الميزات الفريدة التي يوفرها نظام الدفع المستند إلى رمز الاستجابة السريعة في قدرته على دعم أكثر من عميل في أي وقت. وبمساعدة تقنية المدفوعات هذه، يمكن لعدد من المستخدمين إرسال تعليمات الدفع إلى التاجر في آن معاً، ما يسهل عملية الدفع. وكخطوة أخيرة لتنفيذ معاملة الدفع؛ يحتاج التاجر فقط إلى جهاز لتأكيد الدفع من العميل. ويمكن للعملاء في ظل استخدام المدفوعات عبر رموز الاستجابة السريعة توفير قدر كبير من وقتهم عبر تجنب طوابير الانتظار الطويلة وإجراء الدفع دون أية متاعب[3].
- كفاءة التكلفة
عندما يتعلق الأمر بالتجار، يعتبر رمز الاستجابة السريعة أسرع الطرق وأكثرها فاعلية لاغتنام مزايا المدفوعات الرقمية لا سيما في الأسواق النامية؛ حيث يزداد اعتماد العملاء على الهواتف الذكية في ظل انخفاض إمكانات البنوك الخدمية. وفي هذه الأسواق، يعتبر رمز الاستجابة السريعة خياراً مثالياً للدفع لسهولة الترويج له فضلاً عن انخفاض تكلفته بالنظر في تكاليف تركيب الأجهزة في نقاط البيع وتأجيرها، مما يجعله مناسباً للتجار الصغار الذين لا يقبلون إلا الدفع النقدي. فلا يحتاج تركيب هذه المنظومة سوى وضع رمز الاستجابة السريعة على صندوق المحاسبة وهاتف ذكي ويجري تفعيله في غضون دقائق معدودة.
- رؤى ذات قيمة مضافة
لا يتطلب توليد رموز الاستجابة السريعة أي تكلفة، وعلى الرغم من ذلك، يمكنها أن تضيف قيمة هائلة إذا تم استخدامها بشكل فعال. فرموز الاستجابة السريعة تتيح إمكانية الوصول إلى المعلومات من خلال مسح بسيط. ويمكن أن تساعد البيانات التي تم الحصول عليها من خلال المعاملات التي يتم تنفيذها عبر رمز الاستجابة السريعة التجار في كسب فهم أعمق لعملياتهم التجارية واحتياجات العملاء بلمسة زر واحدة. ولن تساعد هذه البيانات في تحسين كفاءة الأعمال وفعالية التكلفة فحسب، بل يمكنها المساعدة في كسب عملاء جدد من خلال قدرتها على تحقيق رضا العملاء[4].
- سهولة الاستخدام
يساعد الدفع عبر رمز الاستجابة السريعة العملاء على تجنب حمل كمية كبيرة من الأموال في محافظهم أو يجنبهم الحاجة لحمل مقدار صحيح من المال عند رغبتهم بإجراء أي عملية شراء. وفضلاً عن سهولة الاستخدام، تتيح المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة للعملاء إمكانية تتبع معاملاتهم النقدية التي تم تنفيذها بواسطة رمز الاستجابة السريعة عبر محفظة الهاتف المتحرك[5].
إمكانات واعدة لتبني المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة في المملكة العربية السعودية
لا تزال المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة مفهوماً ناشئاً في المملكة العربية السعودية، لكن، في ظل تشجيع مزيد من التجار على تبني هذا المفهوم المبتكر عبر توفير مزيد من العروض وتطبيقات الدفع التي تدعم برامج الولاء، سيزيد إقبال العملاء على استخدام هذه التقنية لما تعود به من مزايا فريدة. ولن يقتصر استخدام المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة في التجارة الإلكترونية والتجزئة وقطاع الأغذية والمشروبات فحسب، بل سيمتد إلى قطاعات أخرى مثل الخدمات اللوجستية والشحن وتوصيل البضائع إلى المنازل والسياحة، والتي يمكن أن تشهد قفزة تجارية واقتصادية نوعية مدفوعة بنمو المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة.
لهذا السبب، وفي ظل استمرار المملكة العربية السعودية في تعزيز مبادراتها الوطنية المعنية بالرقمنة والتحول الرقمي، فإن تطبيق نظام المدفوعات عبر رمز الاستجابة السريعة يعتبر خطوة طموحة في رحلة المملكة نحو إرساء دعائم اقتصاد غير نقدي لتكون مركزاً رقمياً على مستوى المنطقة.