إنطلاق سلسلة من “المؤتمرات الوزارية الإقليمية بشأن الاقتصاد الأخضر 2019” حول العالم
في خطوة هي الأولى من نوعها، تم الإعلان عن إنطلاق سلسلة من “المؤتمرات الوزارية الإقليمية بشأن الاقتصاد الأخضر” في خمس مناطق رئيسية حول العالم. ويأتي تنظيم هذة المبادرة النوعية بعد النجاح الكبير الذي حققته “القمة العالمية للاقتصاد الأخضر” التي يتم تنظيمها سنوياً منذ العام 2014، وكاستجابة مباشرة لمطالب الدول المشاركة والشركاء المؤسسون لجعل حلول الاقتصاد الأخضر أقرب إلى السياقات الإقليمية وتسليط الضوء على التأثير الإيجابي لعملية التحول إلى الاقتصاد الأخضر عن طريق توسيع وتكرار الممارسات الناجحة على المستوى الاقليمي. وستعمل هذه المؤتمرات رفيعة المستوى على نشر وتعزيز حلول الاقتصاد الأخضر الناجحة والقائمة على الأدلة بما يلبي إحتياجات الدول فيما يتعلق بمساعيها لتحقيق أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030.
وستجمع “المؤتمرات الوزارية الإقليمية بشأن الاقتصاد الأخضر 2019″، التي يتم تنظيمها من قبل المنظمة العالمية للاقتصاد الأخضر بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة، وبالشراكة مع عدد من الجهات المعنية الرئيسية الأخرى، تحت مظلتها نخبة من كبار المسؤولين الحكوميين رفيعي المستوى وممثلي المؤسسات الدولية، بما في ذلك مجموعة من كبرى المؤسسات المالية الدولية والمنظمات الفاعلة على مستوى العالم، إلى جانب عدد من أصحاب المصلحة من القطاع الخاص والمجتمع المدني لكل منطقة من المناطق الخمس. وسيتم عقد هذه المؤتمرات الهامة لدول آسيا والمحيط الهادئ في العاصمة التايلندية بانكوك؛ ولدول القارة الافريقية في العاصمة المصرية القاهرة؛ وفي فورتاليزا البرازيلية ممثلة عن دول القارتين الأمريكيتين؛ كما سيقام المؤتمر لدول منطقة الشرق الأوسط في العاصمة البحرينية المنامة؛ ولدول أوروبا ورابطة الدول المستقلة في طشقند، عاصمة أوزبكستان.
وتأتي المؤتمرات الوزارية الإقليمية بشأن الاقتصاد الأخضر كإمتداد للقمة العالمية للاقتصاد الأخضر، وذلك بهدف تعزيز الوعي الاقليمي بالاقتصاد الأخضر وممارساته من خلال عرض وتوسيع نطاق تبني حلول الاقتصاد الأخضر الناجحة والقائمة على الأدلة والتي تم اختبارها وتطويرها من قبل الدول في كل منطقة معنية. وستركز هذه المؤتمرات على ثلاثة مواضيع رئيسية هي؛ تحسين الأطر التنظيمية والسياسات من أجل اقتصاد أخضر؛ وتعزيز الاستثمارات الخضراء المبتكرة من خلال الشراكات بين القطاعين العام والخاص؛ والنهوض بتنمية القدرات على المستوى المحلي من أجل اتخاذ اجراءات شاملة للاقتصاد الأخضر.
ويتطلب الانتقال إلى نموذج الاقتصاد الأخضر تبني سياسات فعالة وبيئة تشريعية مناسبة تعمل على تشجيع استقطاب الأنشطة الاقتصادية العامة إلى القطاعات الخضراء عبر خلق فرص جاذبة للاستثمار وتطوير قطاعات الأعمال، على أن تتضمن هذه البيئة الداعمة عناصر مختلفة، بما يشمل الأطر التشريعية الوطنية والسياسات والحوافز والإعانات المالية، فضلاً عن سهولة الوصول إلى الأسواق العالمية، والمساعدة التقنية.
وبالاستناد إلى نماذج محددة للحلول الناجحة على المستوى المحلي، ستساعد المؤتمرات الوزارية الإقليمية بشأن الاقتصاد الأخضر على استكشاف الفرص المتاحة حالياً في المناطق المعنية لتحقيق تحول مؤثر وملموس نحو الاقتصاد الأخضر. كما ستركز هذه المؤتمرات على التدابير والإجراءات العملية التي يمكن للدول اتخاذها من أجل بدء و/أو تسهيل هذا التحول.
ولأن الابتكار التكنولوجي يعتبر جانباً مهماً آخر في مسيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر، بإعتباره صلب عملية التحول إلى الاقتصاد الأخضر، أصبحت فكرة وجود اقتصاد أكثر اخضراراً ممكنة بفضل الابتكارات الجديدة في مجال التقنيات النظيفة والخضراء. ومن هنا، فإن إحداث مزيد من التقدم التكنولوجي سيعكس مدى سرعة وجودة تحول المجتمعات التقليدية إلى مجتمعات أكثر اخضراراً.
كما ستسلط المؤتمرات الوزارية الإقليمية الضوء على سياسات وتدابير الابتكار في المناطق المعنية بالاستناد إلى نماذج محددة للحلول الناجحة والتي تم تطبيقها محلياً في مجال الابتكار البيئي عن طريق القطاع الخاص، وكذلك في قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة. كما ستهدف هذه المؤتمرات إلى تحديد دوافع ومحفزات نشر وتبني تقنيات تكنولوجية جديدة ونظيفة وخضراء على نطاق واسع من خلال التعاون فيما بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي، فضلاً عن بحث المعوقات التي تقف حائلاً دون الابتكار البيئي في كل منطقة، ومن بينها الافتقار إلى، أو محدودية الوصول إلى أدوات التمويل الأخضر ذات الصلة.
وما يميز جميع أدوات التمويل الأخضر هو أنه يتم فيها اتخاذ قرارات الإقراض/ الاستثمار بما يتماشى مع معايير الاستدامة البيئية. وعلى الرغم أن التمويل الأخضر يشتمل على عدد من الأدوات المالية مثل صناديق الأموال العامة ورأس المال المغامر والمستثمرين الممولين وتمويل المشاريع وصناديق الأسهم والديون وصناديق المعاشات التقاعدية وسندات البنية التحتية الخضراء، إلا أن التحول نحو الاقتصاد الأخضر يتطلب استثمار موارد مالية ضخمة في القطاعات الخضراء.
ووفقاً لدراسة أجرتها الأمم المتحدة للبيئة، فإن الكمية الأكبر من الاستثمارات السنوية اللازمة لدعم عملية التحول إلى الاقتصاد الأخضر في الفترة من 2010 إلى 2050 يجب أن تصل إلى حوالي 2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وتتجاوز متطلبات تمويل الاستثمارات المستدامة بيئياً هذه ما يمكن أن يقدمه القطاع العام، وهو ما يستلزم مشاركة مدروسة من مصادر التمويل الخاصة.
ومع مقارنتها بأشكال الاستثمار الأخرى، تمتلك المشاريع الخضراء عدداً من الخصائص المميزة، بما في ذلك تقديم تدفقات وعوائد نقدية على المدى الطويل. وعلى الرغم من أن الاستثمارات الضخمة الأولية مطلوبة، إلا أنه غالباً ما تظهر درجة عالية من المخاطر بسبب عدم النضج النسبي للصناعات الخضراء. كما أنه من الضروري وجود تدخلات فعالة في مجال السياسات المعنية بالاقتصاد الأخضر وذلك للحد من المخاطر التي تتصورها المؤسسات المالية والمستثمرين الآخرين حول تمويل المشاريع الخضراء.
وستدرس المؤتمرات الوزارية الإقليمية أمثلة عن مثل هذا المنحى بغية تحديد الدوافع الرئيسية من أجل الحد من مخاطر الاستثمار الأخضر، وفهم العقبات التي قد تقف حائلاً دون خلق مشاركة مدروسة من جانب القطاع الخاص.
وفي ظل التوافق الواضح بين أصحاب المصلحة والجهات المعنية على أهمية توسيع نطاق التحول إلى نموذج الاقتصاد الأخضر، ينبغي دعم الالتزام العام والنوايا الحسنة في هذا الاتجاه وذلك من خلال أسس عملية قوية قائمة على مجموعة من المتطلبات الأساسية، على اعتبار أن النجاح في نقل أجندة الاقتصاد الأخضر من مجرد مفهوم إلى ممارسة يرتبط بطبيعة الحال بمستوى استعداد الدول لذلك وبما يشمل قدراتها الوطنية أيضاً.
وتتطلب عملية تطوير القدرات اللازمة لتخطيط وإدارة وتنفيذ نموذج الاقتصاد الأخضر بذل جهود منظمة ووجود استثمارات كبيرة تدعم هذا المسعى، كما ينبغي أن يستند ذلك إلى فهم واضح للقدرات اللازمة ويتطلب أيضاً حلولاً مصممة خصيصاً للبناء على القدرات الموجودة بالفعل. وبالاستناد إلى الحلول الناجحة على المستوى المحلي لكل منطقة، ستركز المؤتمرات الوزارية الإقليمية بشأن الاقتصاد الأخضر على التدابير العملية التي يمكن للدول القيام بها بالتعاون مع المجتمع الدولي، من أجل ضمان تطوير القدرات الوطنية اللازمة للمضي قدماً في مسيرة الاقتصاد الأخضر.