مؤتمر ” #وثيقةمكةالمكرمة ” يستكمل ثاني أيامه بإستعراض معالم الوسطية و أسس تعزيزها
تتواصل فعاليات المؤتمر العالمي ” قيم الوسطية والاعتدال واللقاء التاريخي لإعلان وثيقة مكة المكرمة ، الذي تنظمه رابطة العالم الإسلامي برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك / سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، حيث يحتضن البيت الحرام الاستعداد النهائية للإعلان التاريخي للوثيقة يوم غد الأربعاء بمشاركة أكثر من -( 1000 ) – من العلماء والمفتين و كبار المسؤولين الذين يمثلون جميع المكونات الإسلامية في – ( 139 ) دولة .
و شهد اليوم عقد أربع جلسات ، عقدت أولاها برئاسة الدكتور / عبد العزيز بن محمد السبيل ،
و استهلها الأستاذ الدكتور / محمد بن سريع السريع ، بتناول أهم مقومات الوسطية ، مرجعاً أسباب التشدد والغلو إلى الجهل بالشريعة ومقاصدِها ، والإعراض عن العلماء ومَجالسهم ، والتسرع في التصدر قبل التأهل .
ثم تحدث الأستاذ الدكتور / حمود فهد القشعان من – ( جامعة الكويت ) ، مركزاً على التحديات الإجتماعية لتعزيز قيم الوسطية ، داعياً إلى خطاب غير تقليدي يناسب الجيل الجديد ،
و إنصاف المرأة .
و حيا الدكتور القشعان المملكة العربية السعودية على جهودها لتعزيز مفاهيم التسامح
و التعايش و الإعتدال .
أما الدكتور / محمد ولي الله الندوي – فقد ذكر أن الوسطية من معالم الإسلام وتلبي متطلباتِ الحياة الدنيا ،
و مقتضياتِ السعادة دون إفراطٍ في جانبٍ أو تفريطٍ في جانبٍ آخر ، و ركز على حفظ العهود بإعتباره قيمة أساسية من قيم الوسطية إنطلاقاً من المرونة التي اتسم بها الإسلام في التعامل مع الآخر .
و تناول الأستاذ الدكتور / عثمان بن محمد الصديقي – عضو هيئة التدريس بكلية الملك فهد الأمنية الجهل بمفاهيم الوسطية داعياً إلى توظيف التعليم بكافة مراحله العام و الجامعي و المهني و الديني في نشر قيم الوسطية .
و أشار إلى كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك / سلمان بن عبد العزيز آل سعود – حفظه الله ؛ أمام مجلس الشورى : ” لا مكان بيننا لمتطرف يرى الاعتدال إنحلالًا و يستغل عقيدتنا السمحة لتحقيق أهدافه ، و لا مكان لمنحلٍّ يرى في حربنا على التطرف وسيلةً لنشر الإنحلال ” .
فيما استعرض الدكتور / أبكر والرمودو – الأمين العام لجامعة الملك فيصل بتشاد تداعيات الجهل بقيم الوسطية و آثارها على بعض مناطق إفريقيا التي عانت من تطرف المنظمة الإرهابية بوكو حرام .
و أرجع ذلك إلى غياب منهج الوسطية لدى هذه الجماعة وانحرافها ؛ مما سبَّبَ أضرارًا عدة ً، فمن أفراد هذه الجماعة من قتلوا والدِيهم وبعض عشيرتهم ؛ ليؤكِّدوا تبعيتَهم و بيعتَهم لزعيم الجماعة ، ومزَّقوا شهاداتِهم العلمية ؛ بِناءً على فكرة حُرمة التعليم الغربي .
و قدم الشيخ / ناجي علوش – من – ( لبنان ) – ورقته عن الجهل بمفاهيم الوسطية ، فقال إن الفكر الوسطي اليوم يقف في مواجهة التلاعب بالعقول و أفكار التشدد التي تشوه صورةِ الإسلام ، و من ديدن رابطة العالم الإسلامي و علماء الأمة ومفكريها العمل على نشر قيم الوسطية ،
و سد حاجة الأمة إلى تجديد هذا النمط التفكيري .
و رأس الجلسة الثانية معالي الدكتور / أبو بكر عبد الله دكوري – ( مستشار رئيس جمهورية بوركينافاسو ) ، و استهلها بتقديم الشكر لخادم الحرمين الشريفين – وولي عهده الأمين – على عقد هذا المؤتمر .
و ذكر أن للمملكة مكانة عظيمة في قلوب مليار و نصف مليار من المسلمين ، و أنهم يوالونها
و يقفون معها في جميع المواقف و يؤثرونها على أنفسهم ، و شكر الرابطة على عقد هذا المؤتمر الذي يعالج موضوعا في غاية الأهمية للأمة الإسلامية .
و أثنى الدكتور / محمد مطر الكعبي – ( رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في دولة الإمارات العربية المتحدة ) – على التحالف الإستراتيجي بين :- ( المملكة – و الإمارات ) – في جميع الميادين .
و قال إن الجماعات التي نصبت نفسها حاكماً على مليار ونصف المليار ابتدعت أحكاماً مخالفة للدين ، ثم عرض لجوانب من جهود الإمارات في التعايش بين الأطراف المختلفة و حرصها على تقرير ثقافة الوسطية بين الناس .
ثم تحدث الدكتور / سعيد بن أحمد الأفندي – عن القيم الأخلاقية و الإنسانية في الهدي النبوي ، قائلاً إن : سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله و أفعاله و تقريره ، و صفاته الخلقية ، و طريقة تعامله مع نفسه و ربه ، و أهله و أصحابه
و أعدائه ، ينبغي أن تكون نهجاً للمجتمع الإسلامي ، فيما إستعرض الشيخ / محمد حنيف الجالندهري – ( أمين عام منظمة وفاق المدارس العربية بدولة باكستان ) – المعايير والموازين الموجِّهة لحركة الإنسان ،
و الحاكمة للفعل الحضاري بكل تنوعاته وامتداداته، وفق رؤية الإسلام ومقاصده .
و؛أعقبه الأستاذ الدكتور / إبراهيم نورين – الذي أكد أن سيرة الرسول الكريم هي تاريخ حياته ، و بيانُ طريقته فيها ،
و تشمل تسجيلًا دقيقًا لجميع مناحي حياته وما جرى له مِن أحداث في مكّة والمدينة ،
و كيفيّة معالجته لها .
كما ذكّر فضيلة الشيخ الدكتور / الخليل النحوي – ( رئيس مجلس اللسان العربي بموريتانيا ) ،
بـ ” صحيفة المدينة ” و هي أولَ ميثاقٍ وضع ضوابطَ للتعايش
و التعاون على أساسٍ من المساواة بين الناس ، بِغَضِّ النظر عن اختلافهم الديني و العقدي
و العرقي .
و بدأت ثالث جلسات المؤتمر بكلمة للرئيس معالي الشيخ الدكتور / فهد بن سعد الماجد – ( الأمين العام لهيئة كبار العلماء في المملكة ) ، أكد فيها أهمية المؤتمر بمناقشته الإعتدال
و الوسطية التي تعتبر إستقامة الأحوال .
و نوه إلى أن رابطة العالم الإسلامي أصبحت بقيادة معالي الأمين العام الشيخ الدكتور / محمد بن عبدالكريم العيسى – بيتاً لطلبة العلم و العلماء
و المفكرين و أبناء الجاليات لمناقشة الهموم و القضايا الإنسانية و الإسلامية .
و ناقشت الجلسة محاور الإعتدال و الوسطية في التاريخ الإسلامي و التراث الفقهي ،
و الخطاب الوسطي ومتغيرات العصر .
و أكد المدير العالم للمركز الثقافي الإسلامي في لندن الدكتور / أحمد بن محمد الدبيان ، أن ازدهار الحضارة الإسلاميةِ هو أحدُ أمثلة التعايش و التسامح ، إذ أن وسطية التربية و القيم تفسح المجالَ لأهم ضرورات المجتمع مثل ثقافة إحترام الإنسان و السلام و الحوار .
في حين اعتبر خطيب المسجد الأقصى المبارك ، النائب الأول لرئيس الهيئة الإسلامية العليا بالقدس فضيلة الدكتور / يوسف جمعة سلامة ، أن عقد هذا المؤتمر يأتي في ظروف صعبة تمرّ بها الأمة الإسلامية للتأكيد على أن ديننا الإسلامي الحنيف يدعو إلى الإعتدال و الوسطية ، و يرفض الغلوَّ والتشدّد .
و دعا مفتي الولايات الاتحادية الماليزية سماحة الشيخ الدكتور / ذو الكفل بن محمد البكري ، إلى ترسيخ مصطلح الرحمة للعالمين وأن الرحمة ليست حكرًا على أحد ، و التشديد على خطورة التصدر للفتوى ؛ فهي مسؤولية عظيمة يختص بها أولو النُّهَى والعلم
و التأصيل و فهم الواقع .
و قال رئيس هيئة مشايخ تونس الدكتور / عمر بن صالح بن عمر ، إن الحدّ من العنف والإرهاب غير كاف ٍ، إلا إذا تمّ القضاءُ على خطاب الكراهية و إثارة الفتن ، مطالباً بأن تكون الفتوى منضبطة آخِذة بالإعتبار متغيراتِ الظروف الزمانية و المكانية و تشجيع الفتاوى الجماعية .
كما أكد مدير مركز أبحاث الوسطية بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأمير سونكلا فرع فطاني الدكتور / علي ساموه – أن الخطاب الوسطي يتفق مع طبيعة الإنسان و يلبي رغباته ، و تتأكد حاجته مع إنتشار المذاهب الهدامة و العقائد الفاسدة .
أما الجلسة الرابعة فخصصت لمناقشة محور تعزيز الوسطية
و الإعتدال في المجتمعات المسلمة ، و بدأها رئيس إتحاد علماء ودعاة جنوب شرق آسيا – اندونيسيا – الدكتور / محمد زيتون رسمين ، بالدعوة إلى تعزيز الوسطية بين فئات المجتمع و بخاصة الشباب ؛ خصوصاً مع ضعف الثقافة الإسلامية ، و نقص العلم الأصيل ، و قلة العلماء العاملين في الساحة الدعَوية .
و شدد الأمين العام لرابطة علماء إفريقيا الدكتور / سعيد محمد بابا سيلا ، على أهمية إعداد موسوعة لتأصيل الوسطية باللغات المنتشرة في العالم ؛ بل و اللغات المحلية التي تشهد جَذوةَ انتشارِ أفكارِ الغلو
و التطرف ؛ كمناطق الساحل الإفريقي و القرن الإفريقي .
كما اعتبر أستاذ التربية الإسلامية بأكاديمية الرباط الدكتور / عبد الله أحمد الجباري ، أن المجتمعات الإنسانية تعاني الكثير من المآسي نتيجة عنفٍ مؤسَّسٍ على فهمٍ دينيٍّ غير سديدٍ ، و نَظَرٍ فقهيٍّ غيرِ رشيد ٍ.
فيما قال عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف الدكتور / علي عبد العظيم علي ، إن النهوض بالتحضر الإسلامي
و إعادته إلى وضع الشهود يتطلب الوقوفَ الواعيَ على ذلك الفقه و الأساس المتين الذي قامت عليه الحضارة و فهم طبيعته و قواعده ، ليكون ذلك ميزانًا لتعديل المسار الحضاري تعديلًا يُفضي إلى إستئناف الحركة المترقبة بالإنسان .
من جانبه تطرق الدكتور / غالب بن شيخ بن حسين – رئيس مؤسسة الإسلام في فرنسا ، رئيس الفرع الفرنسي للمنتدى العالمي للأديان من أجل السلام ، إلى وجود العديد من عوامل عدم الإستقرار في العالم ، مؤكداً أن قيم الإعتدال التي تُرسّخ في النشء الجديد هي المخرج من الأزمات .
و قال ممثل إتحاد الحقوقيين العرب في المملكة المحامي / كاتب بن فهد الشمري ، أن المؤتمر يخدم الإسلام والمسلمين ويوضح بجلاء منهجيته الوسطية ، مؤكداً أن الإعتدال ليس لفظاً عابراً يرد في القرآن
أو في الحديث أو قاعدة شرعية يتداولها الناس ، بل هو منهج قويم و صراط مستقيم .