بالشموع والهريسة.. مسلمو إسبانيا يحيون رمضان بروح الأندلس
تهفو قلوب المسلمين كلما ذكرت إسبانيا ليستعيدوا الماضي الغائب للأندلس المفقود؛ الذي كان منارة للإسلام منذ عدة قرون إلى أن سقطت غرناطة آخر معقل للمسلمين هناك بعد عدة حملات عسكرية خلال عهدِ الملوكِ الكاثوليكيين إيزابيلا الأولى ملكة قشتالة وفرديناند الثاني ملك أراغون، في عام 1492.
2 مليون مسلم يضيئون ليالي رمضان في إسبانيا
تتزايد أعداد المسلمين في إسبانيا في الآونة الأخيرة، وذلك بعد زيادة أعداد المهاجرين إليها من المغرب والجزائر؛ حيث وصل عدد المسلمين بها حوالي ٢ مليون مسلم منهم 43% يحملون الجنسية الإسبانية.
ويمارس المسلمون في إسبانيا عاداتهم وطقوسهم خلال شهر رمضان المبارك مستعيدين ذكرى ” الأندلس ” ؛ حيث يحافظون على عباداتهم ويحييونها في أكثر من 300 مسجد ومصلى منها 3 فى العاصمة مدريد، وهى من أكبر المساجد من حيث الحجم وممارسة الأنشطة المختلفة.
وفي محاولة للتخفيف عن المسلمين في إسبانيا، عقدت اتفاقية تعاون بين الدولة الإسبانية والمفوضية الإسلامية الإسبانية، في عام ١٩٩٢، وتم التصديق عليها كقانون في نفس العام، والتي أعطت بعض الامتيازات للمسلمين هناك.
وبموجب هذه الاتفاقية، يحق لأعضاء المجتمعات الإسلامية التابعة للمفوضية الإسلامية الإسبانية أخذ استراحة عمل من الساعة 1 ظهرًا وحتى 4.20 عصرًا، أيام الجمعة لأداء فريضة صلاة الجمعة، فضلًا عن إمكانية مغادرتهم العمل قبل ساعة من غروب الشمس خلال شهر رمضان.
إفطار جماعي ومراكز متعددة لخدمة المسلمين
أما المدن الإسبانية ذات التراث الإسلامي وبرشلونة ومدريد وكتالونيا، تعطي أهمية خاصة لشهر رمضان؛ حيث اعتاد المسلمون خلال هذه الأيام، عقد اجتماعات يومية في المساجد، و تبادل الخبرات والأنشطة، فضلًا عن تجمعهم في المغرب للإفطار الجماعي.
وهناك العديد من المراكز، التي تساعد المسلمين في إسبانيا على إحياء شهر رمضان؛ ومنها ” المركز الإسباني المغربي ” الذي ينظم محاضرات عن الفن الإسلامي والعادات والتقاليد الإسلامية والصيام.
وتنظم ” الدار العربية ” في إسبانيا، منذ عام 2011، الليالي الرمضانية، التي تحتفل بها العديد من المدن الإسبانية، مثل مدريد ولاس بالماس، والتي يعرض فيها جميع مظاهر الاحتفال بشهر رمضان المبارك.
ولا يقتصر الاهتمام برمضان والتجهيز له على المراكز فقط؛ حيث يقوم بعض الموظفين والتجار من المسلمين بمدينة تيراسا بالتنسيق مع اتحاد الجاليات الإسلامية بكتالونيا بمبادرة لإعداد الإفطار خلال شهر رمضان، وذلك في نشاطٍ خيري تطوعي منهم.
500 وجبة إفطار يوميا من المركز الثقافي الإسلامي
يعد للمركز الثقافي الإسلامي في مدريد والمساجد المنتشرة عبر المناطق الإسلامية، دورًا كبيرًا في أداء الصلوات خصوصًا التروايح والمشاركة في الأنشطة الدينية، حيث أن رمضان عامل مهم لإعادة وحدة المجتمع الإسباني.
ويجهز المركز، 500 وجبة إفطار يوميًا، كما ينظم دروسًا في اللغة العربية ومناقشات لآيات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وعلوم الشريعة وتصحيح التلاوة، خلال الشهر المبارك؛ فيما يتجه المسلمون بعد صلاة العشاء إلى إحياء ليالي رمضان بتلاوة القرآن الكريم.
” قصر الحمراء “.. إفطار مع ذكرى غرناطة
يلجأ مسلمو غرناطة إلى ” الجامع الكبير ” المقابل لـ ” قصر الحمراء ” ، الذي يستقبلهم بعبارة ” لا غالب إلا الله ” وهي الشعار الرسمي لمملكة غرناطة؛ ليصحب زائريه في رحلة عبر التاريخ تهتز لها القلوب حنينًا.
ومن جانبه، أوضح الأمين العام لـ ” الجامع الكبير ” في غرناطة، زاجارياس لوبيز راجون، في تصريحات صحفية سابقة له، إنهم يفتتحون فطورهم بالتمر والحليب، ثم يتبعونها بالحساء المغربي المعروف باسم ” الحريرة “، كما يؤدون صلاة التراويح جماعة، والتي يختمون القرآن الكريم بها مرتين خلال شهر رمضان المبارك.
” الهريسة ” و ” التمر ” حلوى رئيسة.. والشموع تضيء ليلة القدر
في أول أيام رمضان، يجتمع الكثير من المسلمين في مساجد مدريد لتناول الإفطار التي قامت السيدات بتحضيره في منازلهن؛ وبعدها يحرصون على تناول ” الهريسة ” والتمر كأطباق حلوى بعد الإفطار؛ بينما تعاني كتالونيا من قلة عدد المساجد التي تكتظ بالمسلمين الذين يحرصون في رمضان على صلاة الجماعة بشكل أكبر.
ويمنح العالم الإسلامي ليلة القدر أهمية خاصة؛ لذلك تجد الجميع يحرص على اغتنامها؛ فيما يستقبلها المسلمون في إشبيلية بشكل خاص يأسر القلوب فيشعلون الشموع التي تضيء الليلة المباركة.