تقنية

«آبل» وشركات الاتصالات تنافس البنوك على البطاقات الائتمانية

تقدم متسارع في تقنية المدفوعات والتطور مستمر مع دخول لاعبين جدد في هذا المجال وقد تفقد البنوك شريحة مهمة جداً من عملياتها البنكية والتي تحقق لها عوائد مجزية وسيولة نقدية عالية، في الأسبوع الماضي أطلقت شركة آبل بطاقة ائتمان جديدة «Apple Card «دون رسوم وفائدة أقل، تمنح البطاقة عملاءها استرداداً نقدياً 2 % بالإضافة إلى استرداد نقدي 3 % على المشتريات من منتجات آبل، البطاقة سوف تكون رقمية مدمجة مع جهاز آي فون ولكن هنالك بطاقة فعلية تستخدم في المتاجر ولكن نسبة الاسترداد النقدي فيها أقل ومن المتوقع أن تبدأ آبل بإصدار بطاقتها الائتمانية هذا الصيف، وتقول الشركة إنه سوف يتم التعامل مع الاشتراكات مباشرة من أجهزة هواتف آي فون، مع موافقات سريعة وإمكانية الوصول إلى أرقام البطاقات الخاصة بالجهاز، هذا بلا شك تحول تاريخي بدخول إحدى أكبر الشركات في العالم إلى مجال الصناعة المالية وهي خطوة ستقلب موازين الاقتصاد في العالم إذ تعد بطاقة آبل الائتمانية أكبر مغير لقوانين اللعبة في تاريخ الشركة حيث تضع نفسها كبنك ولديها قاعدة كبيرة من العملاء تتجاوز 1.4 مليار شخص، بعض الدراسات أظهرت أن الناس تثق بشركة آبل أكثر من ثقتهم بالبنوك حيث تسببت الأزمة المصرفية لعام 2008 في عدم الثقة في النظام المصرفي، وهذا ما تشير إليه ثلاث دراسات حديثة أن الأميركيين يثقون في عمالقة وادي السيليكون أكثر من البنوك، وسوف يثق الناس بآبل وبضمانها لأموالهم، ونتوقع بأن شرائح واسعة من الشباب سوف تتحول إلى خدمات آبل المصرفية.

أظهرت بيانات البنوك السعودية أن القروض التي منحت للعملاء عن طريق بطاقات الائتمان تجاوزت في العام الماضي 2018 مبلغ 15 مليار ريال وبما أن الفوائد التي تُحتسب على هذه القروض عالية قد تصل إلى نسبة 15 % فإن العائد السنوي الذي تجنيه البنوك من هذه البطاقات قد يصل إلى 2 مليار ريال بالإضافة إلى رسوم الإصدار والتجديد وكذلك رسوم الاستخدام في العمليات الشرائية أو السحب النقدي، فهل تفقد البنوك هذه الشريحة التي تدر عليها أرباحاً جيدة؟

التحدي الآخر الذي يواجه البنوك هو إطلاق الاتصالات السعودية لتطبيق STC Pay››» وهي محفظة رقميّة مجهّزة بكافة الوسائل والخيارات التي من شأنها تمكين الأفراد من التحكم بمدفوعاتهم بكل سهولة وأمان، حيث يكون باستطاعتهم التحويل والاستقبال والتسوق والتحكم بأمورهم الماليّة عبر تطبيق الجوال وفي اعتقادي أن هذا التطبيق سوف يكون منافساً قوياً جداً للبنوك حيث يستطيع العميل تغذية محفظته شهرياً بمبلغ لا يتجاوز 10 آلاف ريال وهذا متوسط مقبول يغطي احتياجات ما يزيد عن 75 % من المستخدمين، وهذا التطبيق منافس أيضاً لتطبيق «مدى Pay» وقد يساهم في تحول السيولة من البنوك إلى شركة الاتصالات السعودية، وأيضاً يوفر التطبيق عمليات سحب الأموال عن طريق صراف البنك العربي وغيرها من المميزات الأخرى والخدمات الجيدة، ولكن الأهم من وجهة نظري والتي سوف تعمل تحولاً كبيراً جداً هي خدمة تحويل الأموال للخارج حيث يستطيع المستخدم تحويل الأموال بكل سهولة من التطبيق وبأسعار تنافسية وسرعة متناهية قد لاتتجاوز بضع دقائق يتمكن المستفيد خلالها من استلام حوالته عبر شبكة تمتلك أكثر من 525,000 وكيل لويسترن يونيون في جميع أنحاء العالم، وهذه الميزة قد تعزز الثقة في تطبيق STC Pay››» وقد يتحول عملاء البنوك ومراكز التحويل إلى الاستفادة من هذا التطبيق الذي يستطيع إيصال الحوالات إلى أي مكان في العالم بإجراءات أقل وبسهولة أكثر، ولكي أكون منصفاً في التقييم قمت بتجربة التحويل عن طريق تطبيق STC Pay››» فوجدت أن هنالك فرقاً شاسعاً في جودة الخدمة والسعر مقارنة مع ما تقدمه البنوك ومراكز التحويل، والحقيقة أن البنوك دون استثناء ومراكز الحوالات أهملت تحسين خدمات تحويل الأموال ومن يزور أي مركز للحوالات يجد الطوابير الطويلة وزمن الانتظار الذي قد يصل إلى أكثر من ساعة وخصوصاً مع نهاية الشهر، ومن لا يتقدم يتقادم، وهذا ما قد يحصل للبنوك في ظل المنافسة الشديدة التي قد تتطور مستقبلاً مع شركات الاتصالات الأخرى أو من خلال عمالقة الأجهزة الذكية الذين سوف يحولون بوصلة العملاء اليهم عبر الخدمات السهلة والميسرة والأكثر تنافسية والأقل تكلفة وأعتقد أن المستقبل فيه من المفاجآت الكثير التي سوف تؤثر بشكل واضح على البنوك وخصوصاً في ما يخص خدمات الأفراد.

تستفيد البنوك من التحويلات الخارجية من ناحية سعر الصرف أو رسوم الحوالات والأهم هي التدفقات النقدية اليومية التي تضخها مراكز الحوالات وتغطي الالتزامات المالية لمواجهة السحوبات النقدية أو شيكات المقاصة المقدمة من البنوك الأخرى أو عمليات الدفع الخارجي والتي قد يتسبب نقصها في لجوء البنك إلى الاقتراض لمواجهة ذلك النقص في السيولة وبالتالي ترتفع لديه كلفة العمليات ولذا فإن دخول منافس قوي لديه القدرة على سحب شريحة كبيرة من العملاء وخصوصاً أنه يمتلك قاعدة بيانات واسعة يستطع من خلالها الوصول إلى العملاء بكل سهولة والترويج لخدمات تطبيق STC Pay››» فإن ذلك يُعد تحدياً كبيراً يواجه البنوك ويتطلب منهم سرعة التحرك لمواجهة التحديات القادمة والمحافظة على حصتهم السوقية، وفي اعتقادي بأن ذلك صعب جداً مع تطور التقنية ولكن أن تتحرك البنوك مبكراً وتحسن من خدماتها وتهتم ببرامج الولاء أفضل من الانتظار وفقد شرائحها التي عملت على استقطابها لسنوات عديدة.

هذا زمن التحدي وتساقط كبار اللاعبين في السوق وتبادل الأدوار أصبح سمة هذا العصر ومن يكون قوياً اليوم قد نراه ضعيفاً في المستقبل أو حتى يندثر تماماً، الاستثمار في التقنية مهم إذا ما أرادت الكيانات الاقتصادية البقاء في مواجهة العواصف العاتية التي سوف تحاصرهم من كل الاتجاهات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى