تيريزا ماي تتعهد الاستقالة في سبيل إنقاذ اتفاق بريكست
أعلنت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي أنّها ستستقيل من منصبها إذا تمّ تبنّي اتّفاق بريكست، في وقت فشل مجلس العموم في محاولته إخراج بريطانيا من المأزق الذي تسبّبت به أزمة الانقسام حول بريكست.
وبعد نفاد الخيارات، ووسط المخاطر بفقدان السّيطرة على عمليّة الخروج من الاتّحاد الأوروبي، أعلنت ماي أنّها ستترك منصبها في حال دَعَم النوّاب اتّفاقها للخروج.
وجاء عرض رئيسة الوزراء قبل ساعات على سلسلة من دورات التّصويت غير المسبوقة في مجلس العموم في مسعى للتوصّل إلى خطةٍ بديلةٍ لخطّة ماي، أفضت كلّها إلى تعميق الانقسام بين النواب بدلاً من إيجاد حلّ للمأزق.
وطُلب من النوّاب التصويت بنعم أو لا على ثمانية خيارات، لكن لم يتمكّن أيّ منها من نيل غالبيّة، في نتيجة وصفها وزير بريكست ستيف باركلي بأنّها “تُعزّز نظرتنا بأنّ الاتّفاق الذي فاوضت عليه حكومتنا هو الخيار الأفضل”.
وخسر اقتراح لإنشاء اتّحاد جمركي جديد مع الاتحاد الأوروبي بفارق ضئيل بـ272 صوتاً مقابل 264، لكنّ ماي كرّرت مرارًا استبعادها هذا الخيار.
واتّفاق ماي الهادف إلى تفعيل خروج منظّم للمملكة المتحدة من الاتّحاد الأوروبي وكان موضع تفاوض شاقّ لعدّة أشهر، كان مجلس العموم قد رفضه مرّتين. ودفعت الهزيمتان المهينتان رئيسة الحكومة المحافظة إلى تقديم طلب للاتحاد الأوروبّي بتأجيل تاريخ بريكست المقرّر أصلاً في 29 آذار/مارس إلى 12 نيسان/أبريل على الأقلّ.
وقالت ماي الأربعاء أمام لجنة التّنظيم الداخلي لحزب المحافظين إنّ “هناك رغبةً في مقاربة جديدة وزعامة جديدة”.
وأضافت بحسب بيان لرئاسة الحكومة “لن أُعرقل ذلك (..) أنا مستعدّة لمغادرة هذا المنصب قبل الأوان المقرّر، للقيام بما هو جيّد لبلادنا ولحزبنا”، وذلك بعد أن كانت أعلنت في كانون الأوّل/ديسمبر أنّها لن تقوم بحملة للانتخابات التشريعية في 2022.
ودعت ماي مجدّدًا حزب المحافظين إلى “دعم اتّفاق (بريكست) حتّى نتمكّن من تأدية واجبنا التاريخي المتمثّل في احترام قرار الشعب البريطاني الخروج من الاتّحاد الأوروبي” في استفتاء 23 حزيران/يونيو 2016.
وتعاظمت الضغوط في الأيّام الأخيرة على ماي التي ما انفكّت سلطتها تضعف إزاء التحدّي الضّخم بتنفيذ بريكست، الملفّ الذي يقسم المملكة بعمق.
وقال وزير المال فيليب هاموند إنّ ماي “أظهرت مرّةً أخرى أنّها تولي تنفيذ بريكست منظّم أهمّيةً أكثر من أيّ شيء آخر”.
في المقابل، كتب جيريمي كوربن، زعيم حزب العمّال المعارض، في تغريدة، إنّ هذا الإعلان “يُثبت أنّها (ماي)، إزاء مفاوضات كارثيّة حول بريكست، وضعت إدارة حزبها قبل الصالح العام”.
وعمليّات التصويت “الاستدلاليّة” هذه ليست ملزمة للحكومة، وسبق أن أعلنت ماي أنّها ستُعارض خيار النوّاب إذا تناقض مع التزامات حزبها بشأن الخروج من السّوق الموحّدة ومن الاتّحاد الجمركي الأوروبي.
وقادَ إمساك البرلمان بزمام أجندة بريكست، بعضَ المتحمّسين للخروج من الاتّحاد الأوروبي وبينهم بوريس جونسون وجاكوب ريس-موغ رئيس “مجموعة البحث الأوروبية”، إلى إعلان أنّهم قد يؤيّدون من الآن فصاعدًا اتّفاق ماي خشية عدم خروج المملكة إطلاقًا من الاتّحاد.
غير أنّ المسألة غير محسومة إطلاقًا لرئيسة الوزراء. فقد أعلن حليفها الإيرلندي الشمالي في البرلمان “الحزب الوحدوي الديموقراطي” أنّه لن يُصوّت لصالح اتفاق بريكست “الضار”.
وكرّرت رئاسة الحكومة البريطانية الأربعاء أنه لن يتم عرض اتفاق بريكست مجدّدًا على البرلمان إلا بشرط توفر حظوظ “واقعيّة” لتبنّيه.
واستبقت الدول الأوروبية الـ27 رفضا جديدا للاتفاق في البرلمان البريطاني، فأعطت بريطانيا خيارين: التصويت على الاتفاق مع منحها إرجاء تقنيا قصيرا حتى 22 أيار/مايو.
وإذا رفض الاتفاق للمرة الثالثة، عندها سيكون أمام لندن مهلة حتى 12 نيسان/أبريل لتقديم بديل وطلب تأجيل جديد، ما يحتم تنظيم انتخابات أوروبية في نهاية أيار/مايو في بريطانيا. وإلا فليس من خيار سوى الخروج من الاتحاد دون اتفاق.