من تأجير الأرحام إلى شهوة “خامنئي- أردوغان” التوسعية.. ولي العهد يقلب الطاولة
شيء مألوف أن يخاطب القادة شعوبهم عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي وبلغتهم، لإيصال رسائلهم ومعالجة مكامن القلق في تلك المجتمعات؛ لكن ما يحدث في العالم العربي ظاهرة غريبة جداً، وتحديداً في مواقع التواصل الاجتماعي؛ حيث دأب قادة دول أعجمية ولا تتحدث العربية على مخاطبة الشعوب العربية باللغة العربية عبر موقع التواصل الاجتماعية “تويتر” في ظاهرة لا تحير الكثيرين!
“خامنئي” والأرحام
وتكشف تلك الظاهرة ببساطة الأطماع الخبيثة لهذه الدول في السيطرة والاستيلاء على مقدرات الشعوب العربية، ولأن الشعوب العربية تهوى الشعارات الطنانة والخطب الشعبوية، حوّل زعيم الثورة الإيرانية علي خامنئي حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إلى منصة لمخاطبة الشعوب العربية باللغة العربية؛ متجاهلاً معاناة شعبه المتفاقمة التي وصل فيها الحال إلى تأجير النساء لأرحامهن والنوم في المقابر.
ولا تكمن الإشكالية وحدها في مخاطبة الشعوب العربية بلهجتها؛ لكن النظام الإيراني يحرّم استخدام “تويتر” في إيران، ويتعرض أي شخص يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي إلى السجن والملاحقة القضائية؛ بينما يُسمح لقادة هذا النظام باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتوجيه الشعارات المرغوبة للشعوب العربية.
شهوة التوسع
وليس الرئيس التركي رجب أوردغان بأفضل حالاً من زعيم إيران؛ فشهوة التوسع تجمعهما، وكل منهما منخرط في إثارة الفتن داخل الدول العربية، والعمل على تفتيت نسيج هذه المجتمعات العربية ليسهل التهامها.. وبالمثل حوّل أوردرغان حسابه إلى منصة عربية كاملة يتم فيها مخاطبة الشعوب العربية ويتحدث عن قضايا القدس والربيع العربي والثورات العربية والتي حرم الأتراك منها، وحذّر الشعب التركي بمصير سوريا إذا فكروا بالثورة عليه، وهو تحذير سبقه فيه نظام الملالي في إيران عندما اندلعت الاحتجاجات الشعبية في مدن عدة في طهران في أواخر العام 2017.
فعالية الشعارات
ويكمن التساؤل حول فعالية هذا الشعارات التي يطلقها قادة تركيا وإيران، والتي تستهدف الشعوب العربية. علمياً يصعب قياس حجم تأثيرها على الشعوب العربية؛ لكن من الواضح أنها تكشف عن استمرارية النهج العدائي لهذه الأنظمة الخشبية ضد الاستقرار العربي؛ فالنظام الإيراني نجح حتى الآن في زعزعة استقرار سوريا واليمن والعراق ولبنان بأدوات عربية تنفذ أجندة النظام علناً في هذه الدول، وتحوّلت بفضل ولاء الأدوات العربية إلى مناطق متفككة اجتماعية وطائفياً تحت سيطرة الميلشيات وسط غياب التنمية والرفاهية التي تنشدها المجتمعات العربية.
وبنفس النهج، تقود تركيا هجمة عنيفة ضد استقرار الدول العربية؛ في محاولة منها لمحاكاة التاريخ العثماني المروع؛ فقد حوّلت الأطماع التركية الثورة السورية إلى ساحة للتوسع ولتنفيذ الأجندة الخاصة بها؛ مستغلة الحدود الطويلة التي تربطها مع سوريا، ونجحت في تدمير الثورة السورية، وحوّلت آلاف الثائرين ضد النظام في سوريا إلى مرتزقة في جيشها لمحاربة الأكراد ولحراسة المناطق التي استولت عليها.. أكثر من ذلك حصلت تركيا على موطئ قدم في دولة قطر بدون طلقة رصاصة واحدة؛ ولكن بسبب سذاجة قادتها هناك، وتواصل التدخل في ليبيا والعراق والصومال والسودان؛ في محاولة منها لاستعادة النفوذ العثماني القديم.
الأنظمة الخشبية
الأخبار الجيدة هو أن المشاريع التوسعية التي تقودها الأنظمة الخشبية في تركيا وإيران تعيش مراحلها الأخيرة وهامش التحرك بات ضيقاً جداً؛ فقط تحتاج إلى مشروع عربي بديل يستطيع مجابهة هذه المشاريع المترهلة، وتعبئة الفراغ المستقبلي؛ وهو ما ظهر مؤخراً، وأعلن عنه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وتعهده بتحويل الشرق الأوسط إلى أوروبا جديدة.
المشروع البديل
ولم يأتِ كلام ولي العهد السعودي من فراغ؛ فالمملكة العربية السعودية بموقعها المحوري واقتصادها الضخم وثرواتها الطائلة وهيمنتها الدينية على أقدس بقاع المسلمين؛ تستطيع مجابهة الخطط الإيرانية والتركية التوسعية وتاريخهما الاستعماري البغيض للدول والمقدرات العربية.
لقد استطاعت السعودية القفز من سباتها، وتقديم مشروع عربي بديل يرتكز على التنمية ورفاهية الشعوب، لقد واجه المشروع السعودي الوليد مؤخراً حملةً إعلامية بغيضة، اجتمعت فيها كل العناصر المعادية للسعودية من يساريين وقوميين وإسلاميين وبقايا المستعمر، تهدف إلى تقويض صحوتها؛ لكنها نجحت في مجابهة الحملات الإعلامية الشرسة، وبدلاً من إضعاف دورها وإفساد مشروعها، تحولت إلى دولة أقوى مما كانت عليه؛ وهو ما اعترفت به صحيفة “الوول ستريت” الأمريكية.
نجاح في التحول
حيث أوضحت الصحيفة في تقريرها، أن حملة الكونجرس وتخبطه ضد السعودية وفي تعامله مع قضايا الشرق الأوسط؛ دفع ولي العهد إلى التوجه شرقاً والتحول إلى محور اقتصادي جديد ومستدام، لقد نجح ولي العهد السعودية بامتياز في تحويل الثروات السعودية إلى الشرق الاقتصادي القوي والمتنامي.
لا تراجع
وتضيف الصحيفة: لقد بات واضحاً أن ولي العهد السعودي يسير في مشروعه دون تراجع، لقد نجح في تحويل دفة اقتصاد السعودية؛ بل نجح في بيع أمريكا بسبب رعونة الكونجرس الذي يصر على إفساد علاقة الولايات المتحدة الأمريكية بأهم حلفائها بالشرق الأوسط!
المشروع السعودي ظهر أخيراً، وأدرك ولي عهد السعودية نقاط القوة التي تتمتع بها المملكة العربية السعودية والمنطقة العربية، لقد أعلنت السعودية رؤيتها للشرق الأوسط وكسرت كل الحواجز الوهمية التي قد تعيد تحركها مستقبلاً؛ فالسعودية اليوم ومشروعها التنموي الضخم قادر وبشكل لا لبس فيه على مواجهة المشاريع الاستعمارية القديمة بل وهزيمتها.