الأكراد إلى دمشق قريباً للتفاوض برعاية روسية
بعد ساعات على إعلان السيناتور الأميركي لينزي غراهام أن انسحاب القوات الأميركية من سورية يجب أن يخدم ثلاثة أهداف تتمثل في هزيمة تنظيم «داعش»، ومنع انتصار إيران، وحماية تركيا وحل مشكلة «وحدات حماية الشعب الكردية» و«حزب العمال الكردستاني» في سورية، كشف مصدر كردي بارز عن جولة مفاوضات «قريبة جداً بين مجلس سورية الديمقراطية (مسد) والحكومة السورية في دمشق برعاية روسية».
وفي حين أبدت هيئة التفاوض السورية المعارضة في الرياض استعداها العمل مع المبعوث الدولي الخاص إلى سورية غير بيدرسون، وطالبت باجراءات لتعزيز الثقة، قال بيدرسون إنه يأمل في محادثات إيجابية في موسكو غداً الاثنين، وأكد أنه بعد اتصالاته مع الحكومة يعمل على «تعزيز القواسم المشتركة وبناء الثقة ودفع العملية السياسية في جنيف».
وفي تصريحات عقب محادثاته في أنقرة أعرب غراهام عن أمله في أن يبطئ الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سورية إلى حين تدمير «داعش»، مستدركاً: «هناك نبأ جيد: أعتقد أن الجنرال دنفورد (جوزيف) لديه خطة يعمل عليها مع الجيش التركي يمكنها أن تنجز هذه الأهداف وهم يعتزمون نقل عناصر وحدات حماية الشعب بعيدا عن تركيا»، مشدداً على أنه «ثمة حاجة لسحب الأسلحة الثقيلة من الجماعات الكردية»، وزاد: «علينا حماية تركيا وحل مشكلة ي ب ك/ بي كا كا التي أحدثناها لها في سورية».
وحذر غراهام من أن «الانسحاب غير المخطط له سيكون بمثابة فوضى»، ويفتح على «حرب جديدة»، داعياً إلى الأخذ بمخاوف تركيا، منتقداً سياسة الرئيس السابق باراك أوباما الذي «أحدث كابوساً لتركيا عبر تسليح وحدات حماية الشعب»، ولم يستبعد غراهام إمكانية إقامة منطقة عازلة في سورية لتبديد مخاوف تركيا الأمنية، وزاد أن «القيام بذلك في شكل صحيح أمر مهم».
ورحب القائد العام لـ «حركة تحرير الوطن» العقيد فاتح حسون بالتفاهمات التركية في شأن المنظمات الكردية والمنطقة العازلة إن صحت، وزاد في في اتصال مع «الحياة» أن «هذا التفاهم إن تم وصدقت أميركا بتطبيقه فسيعود بالفائدة على الشعب السوري وثورته».
ورجح حسون أن «هناك تفاهمات تم التوصل إليها بين رئيس الأركان الأميركي ونظيره التركي تتلخص في إبعاد «وحدات الحماية الكردية» (يي بي كي) عن الإضرار بالأمن القومي التركي»، ومع إشارته إلى أن «الموقف في أميركا أكثر تعقيداً في ما يتعلق بالملف السوري في ظل تحالفها مع ميليشيات قسد»، أعرب القائد في «الجيش الحر» المقرب من أنقرة أن «أميركا دفعت بالسيناتور غراهام إلى أصحاب القرار في تركيا للتفاوض معهم لإيجاد طريقة ترضي جميع الأطراف باستثناء النظام وداعميه «روسيا وإيران» من إيجاد حل لهذه المعضلة».
وفي المقابل، قال عضو المجلس الرئاسي لـ «مجلس سورية الديموقراطية» سيهانوك ديبو، إنه «من المتوقع إن لم نقل من الطبيعي أن يتم تعديل قرار الرئيس الأميركي بخصوص الانسحاب. قد يكون بالانسحاب البطيء أو التمكين في حال توافقت الأطراف على إنشاء منطقة آمنة».
وأوضح ديبو في اتصال مع «الحياة» ان «لا تفاصيل حاسمة من قبل موسكو وواشنطن بخلاف أنقرة التي تسعى الى الاقدام بخطوة أخرى مخالفة وبالضد من السيادة السورية وصون جغرافيتها»، مشيراً إلى أن «شرق الفرات بأكمله يمكن ان يكون منطقة آمنة وفق شكله الحالي على خلاف غالبية مناطق شمال سورية من غرب الفرات توجد مناطق محتلة كما عفرين التي تدخل عام مقاومتها الاولى منذ شن العدوان واحتلالها».
ومع إشارات واشنطن المتناقضة، كشف مصدر كردي بارز في اتصال مع «الحياة» أن جولة مفاوضات بين «مجلس سورية الديمقراطية» والنظام السوري ستعقد برعاية روسية في غضون ايام في دمشق.
وأكد المصدر أن «الادارة الذاتية في الشمال أعدت قائمة من عشرة بنود لعرضها تؤكد على وحدة الأراضي السورية، وتعد الادارات الذاتية جزءاً من نظام جمهوري ديموقراطي، وتحظى بممثلين في البرلمان كما تنص الورقة على أنه «إلى جانب العلم السوري، يجب أن تكون هناك أعلام تمثل الإدارات الذاتية، وأن الديبلوماسية في مناطق الإدارات الذاتية تسير بما لا يتعارض مع مصالح الشعب السوري والدستور»، وتعد الورقة أن «قوات سورية الديموقراطية» هي جزء من الجيش السوري، ومسؤولة عن حماية الحدود السورية، وان قوى الأمن الداخلي في مناطق الإدارات الذاتية تعمل وفق المجالس المحلية بما لا يتعارض مع الدستور السوري، إضافة إلى «توزيع الثروات الوطنية على المناطق السورية في شكل عادل»، تذكر الورقة بعض الحقوق في مجال التعليم والثقافة ومنها أن «التعلم باللغة الأم وهي أساس التعليم في مناطق الإدارات الذاتية، واللغة العربية هي اللغة الرسمية في عموم سورية في مناطق الإدارات الذاتية يتم التعليم باللغات المحلية في كليات التاريخ والثقافة واللغات والآداب وما يماثلها».
وبعد عام على عملية غصن الزيتون التي سيطرت فيها تركيا وفصائل مدعومة منها على عفرين، قالت هيفي مصطفى الرئيسة السابقة للمجلس التنفيذي لمقاطعة عفرين في اتصال مع «الحياة» إن «الوقائع والأحداث تثبت أنها كانت تهدف الى القضاء على الارادة السورية التي كانت مجتمعة هناك في حالة آمنة وضرب تجربة التعايش الاخوي التي كانت حاضرة هناك تنفيذ سياستها في تتريك المنطقة وعملية تطهير عرقي لإخراج الشعب الكردي من قراه ومدنه».
وزادت أن «مأساة أهالي عفرين بعد سنة من احتلالها في ازدياد حتى وصلت الى ما يمكن ان نسميه بحرب تطهير عرقي وابادة فقد وصل عدد الشهداء خلال عام واحد الى 250 والجرحى الى ٢٨٩ بالإضافة الى اكثر من ٨٥٠ مدنياً مختطفاً وهروب عشرات الآلاف من مواطني عفرين»، محذرة من أن «تركيا تحاول خداع العالم وباختلافات بسيطة لإعادة تجربة عفرين المأساوية في شرق الفرات بإطلاق ما سمته المنطقة الآمنة. وإذا كان العالم يريد الأمن والاستقرار وعدم اعادة تجربة عفرين عليها ان تخطو الى حل في إطار القوانين الدولية المتعلقة بهذه الصراعات وإلا سيتحمل العالم نتائج كارثية فيما لو أطلقت يد تركيا والفصائل الارهابية في شرق الفرات».