خطيب المسجد النبوي: طوبى لمن نفعته التذكرة وأيقظته العظة
تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ في المدينة الْمُنَوَّرَة الشيخ صلاح البدير عن الدنيا وزوالها وفنائها، وأن الأصل هو العمل للآخرة.
وقال فضيلته في خطبة الْجُمُعَة التي ألقاها بالمسجد النَبَوِيّ اليوم: إن الدنيا قليل يفنى، وإن نعيم الآخرة جميل يبقى، فالدنيا كالماء الذي علق بإِصْبَع غامسها في البحر الزخار، والآخِرَة هي سائر البحر الخضم الذي طغت أمواجه وعلا هياجه، مستشهداً بقول الرسول صَلَّى الَّلهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “والله ما الدنيا في الآخرة إلا كما يدخل أحدكم إِصْبَعه في اليم فلينظر بما ترجع”.
وأَضَافَ كيف يفرط في نعيم الآخرة مفرط لأجل دنيا دنية، قد أوشك منها الترحل، وأزف عنها الرحيل، ولم يبق منها إلا حمة شر، وصبابة كدر، وأهوال عبر، وعقوبات غير، وأرسال فتن، وتتابع زعازع، وتفريط خلف، وقلة أعوان، في عيش مشوب ممزوج بالغصص.
وَأَكَّد الشيخ البدير أن الموت معقود بالنواصي، والدنيا تطوى من الخلف، ورب جراحة قتلت، ورب عثرة أهلكت، ورب كلمة أودت.
وأَوْضَحَ فضيلة الشيخ البدير أن الدهر عبر يجري بها قدر، فملك ينزع، وعافية ترفع، وبلاء يقع، وكل مخلوق إلى الفناء، وكل ملك إلى انتهاء، ولا يدوم غير الملك البارئ سبحانه من ملك قهار منفرد بالعز والبقاء، وما سواه فإلى انقضاء، فمال العيون ناظرة ولا تبصر، ومال القلوب قاسية ولا تفكر، ومال النفوس ناسية ولا تذكر، أغراها إمهالها أم بشرتها بالنجاة أَعْمَالها، أم لم يتحقق عندها من الدنيا زوالها، أم شَمِلَتْ الغفلة فاستحكم على القلوب أقفالها.
وقال فضيلته إمام وخطيب المسجد النَبَوِيّ: طوبى لمن نفعته التذكرة، وأيقظته العظة، وجد ولم يغفل، وشمر ولم يغتر، وأخذ الحيطة وهجر إخوان السوء، وأنابه وتاب قبل العقاب، ويا خسارة من حجبه هواه، وأغواه شيطانه، وأرداه فما ازداد إلا غفلة وقسوة، قَالَ الله سبحانه وتعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ).